علماء البلدان يأتون الي ايران لكسب العلم
هذه الابحاث والمطالب هي نماذج من آراء محققين وباحثين اجانب وايرانيين تعکس تأثير الاخلاق والعمارة والفن الايراني القديم في النقاط المختلفة من العالم المتحضر آنذاک، لکننا نعرف ان الايرانيين في سائر الامور والشؤون الاخري المتعلقة بالثقافة والمرتبطة بالحضارات کانت لديهم مساهمات لا يصح اغفالها في النهوض بالبشرية عبر الانجازات الانسانية. وهذا انما يؤول الي سببين هما:
اولاً – هو ان الايراني بطبعه يعشق المدنية والحضارة والعلوم.
ثانياً – ذلک التشجيع الذي اولاه زعماء وحکام ايران للعلم والمعرفة وتقديرهم واحترامهم للعلماء مما اثر بدوره في تکوين وصنع هذه الثقافة والمدنية العظيمتين المزهوتين. ففي الوقت الذي هدم زنون ازوري الامبراطورالرومي (Ilsourie-zenon) اديسا، کان الملوک الساسانيين قد استضافوا علماء تلک البلاد في ايران، وکذلک فان جوستينين في تلک الفترة قد اقفل مدارس اثينا والاسکندرية، الامر الذي الجأ کافة علماء وفضلاء واساتذة تلک البلاد ليلوذوا بايران حيث حظوا فيها بالرعاية ذاتها التي حظي بها علماء ايران انفسهم1. وکان من نتائج اغلاق المدرسة الفلسفية في اثينا عام 529 م، وبسبب الاعتداءات التي لحقت الحکماء ان لجأ سبعة من فلاسفة اليونان الي مدينة طيسفون الايرانية ليلقوا الرعاية والعناية الخاصين2.
ثم ان التقدير والتشجيع الذي حظي به العلم والعلماء واتخذ موضعه في ايران القديمة کان قد بلغ في بعض الاحيان مبلغاً اذ اعطت للعلماء بعض المنافع السياسية، والي جانب الاهتمام بالعلم والعلماء کذلک فقدت السياسة بعضاً من قدرتها فخضعت لهؤلاء العلماء وصغرت امام عظمة علومهم. وعلي سبيل المثال، فان ثيادورس (Theodozos)، وهو طبيب نصراني، قد استدعاه شابور (ذو الاکتاف) لمعالجته فدعي الي البلاط الملکي ومارس الطب في جامعة (جندي شابور)، فاکتسب بذلک شهرة في المدينة کلها واشتهرت طريقته في التطبيب وملأت الآفاق، وعرف الناس کتابه (کناش ثيادورس)، مترجماً للغة العربية. ولقد حظي هذا الطبيب النصراني باحترام شابور في اکثر من موضع، ولقد امر شابور ببناء کنيسة له، کما قد افرج عن کثير من ابناء وطنه استجابة لرغبته)3.
وهذا التشجيع والتسامح ، اللذين يستمدان الهاماتهما من الروح الايرانية والثقافة الفارسية، لا يقبل التجاهل وغض الطرف، فأثره ماثل للعيان من جهة اتساع دائرة العلم وامتداد رقعة الثقافة والحضارة وهذا بدون شک کان له اثره في اهتمام الشعب الايراني ورغبته الحثيثة في طلب العلوم، الامر الذي يعد علي المستوي العالمي في ذلک الحين ظاهر الاثر بارز المعالم.
ولذلک، (فقد بلغت الفلسفة والعلوم في العهد الساساني مكانا مرموقا اذ توافدت الشعوب والاقوام الي ايران ساعية في کسب العلم والمعرفة. فنري مثلا افلاطون، الفيلسوف المعروف، قد قدم الي ايران لنيل الحکمة ودرس الفلسفة في الوقت الذي امر الامبراطور جورديان سنة 242 م بتسيير جيش لغزوها.. وان الرقي الذي نعمت فيه ايران في هذا العهد قد بلغ موضعاً اذ سرت الحضارة الايرانية ونفذت في ارجاء المعمورة وارست جذورها في الاعماق)4.
المصادر :
1- سنگنبشته ها سخن مي گويد (الاحجار المنقوشة تتحدث)، بديع الله کوثر، طهران.
2- صبح الاعشي، ابو العباس قلقشندي، مصر، 1331 ه.ق.
3- علم ايران (العلم الايراني)، ميراث ايران (التراث الايراني)، {وهو مجموعة من المؤلفات في الاستشراق}، تأليف: سيريل الکود، ترجمة: احمد بيرشک، طهران، 1336 ه.ش.
4- علم الحديث، کاظم مدير شانه چي، دفتر انتشارات اسلامي (مکتب النشر الاسلامي)، الطبعة الخامسة عشرة، قم، 1379 ه.ش.
العلاقات الخارجية في العهد الساساني
العلاقة بين اللغة العربية واللغة الفارسية
اللغة والخط الإيراني قبل الاسلام
فن الخط تجل لثقافه المجتمع الايراني