• عدد المراجعات :
  • 1085
  • 5/6/2012
  • تاريخ :

الثقافة الايرانية فترة ما قبل الاسلام

ايخانان مغول و هنر ايراني

اذا کان الايرانيون من الامم المتحضّرة، فالصدق ومراعاة القوانين يعدان من خصوصيات حضارتهم، ولأنهم حکموا مشرق الارض اعتمدوا لذلک نظماً وقوانين في العمل بعثت الطمأنينة والدعة، اداروا بها بلادهم وغضوا الطرف عن تقصير غيرهم تجاهها.

ان ثقافة اية جماعة او قومية انما تتجلي عياناً عن طريق تعيين الهدف المرجو من نظام التعليم والتربية، (اذ ان مما يستدعي الانتباه في طريقة تربية وتعليم الجيل الصاعد في ايران في عهدها القديم هو ان هذه التربية تستوجب علي هؤلاء الشباب ان يخطو خطي صحيحة وان يفنوا اعمارهم في سبيل مقارعة کافة صنوف الشر والسوء. وهذا النظام القويم في التربية والتعليم لم ير في ايّ من البلدان الشرقية، حتي اليونان التي حظيت بنصيب کبير من الرقي، لم تعهد مثل هذا النظام التربوي، واستناداً علي هذا نري ان فلاسفة اليونان مثل افلاطون، وجزنفون لم يستطيعوا ان يتجاهلوا هذا الموضوع وان لا يبدون آراءهم اعترافاً بمصداقيته وسموّه)1. کذلک، فاننا نري هيرودوت المؤرخ اليوناني لا يجد مناصاً من الاعتراف بهذه المکانة السامية2.

کما ان ثقافة وحضارة اي جماعة او قومية، انما تحکي وتکشف شأن وجديلة وعراقة تلک الجماعة – فالايرانيون قبل الاسلام کانوا يتميّزون بمزايا خاصة، ولقد تصدروا بها مکانة رفيعة جليلة وزاهية من بين سائر الامم والاقوام، (اذا کان الايرانيون من الامم المتحضّرة، فالصدق ومراعاة القوانين يعدان من خصوصيات حضارتهم، ولأنهم حکموا مشرق الارض اعتمدوا لذلک نظماً وقوانين في العمل بعثت الطمأنينة والدعة، اداروا بها بلادهم وغضوا الطرف عن تقصير غيرهم تجاهها)3.

هذه الاشارة تعکس صورة واضحة عن علائم الثقافة الايرانية، کما اشار اليها اثنان من العلماء الاجانب

وهما (آلبرماله) و(جول ايزاک) اذ ذکر قولهما في تاريخ ايران، نعم انّ هذه الثقافة التي استطاعت عبر امتداد تاريخ حياة البشر، ان تقدم ثقافة وحضارة عظيمتين ذات جمال وروعة.

استعارة الملل واقتباس الاقوام من معين الثقافة والحضارة الايرانية

علي الرغم من اندثار وضياع الکثير مما خلفه الايرانيون من ثقافة وحضارة، الا انه ولحسن الح1 ثمة ادلة تاريخية کثيرة تبرهن هذا المدعي وتدلل عليه، مما تلبي حاجتنا اليها. وعلي الرغم مما سببته هجمة الاسکندر المقدوني علي ايران من احراق وتدمير العديد من مظاهر ومعالم الثقافة والمدنية الايرانية، الا ان الکثير منها بقي ماثلاً وظل حياً وذلک بسبب ترجمة المؤلفات والمصادر الايرانية الي اللغات الاخري وانتقال مضامينها وفحواها الي اليونان، ومن ثم انتشرت عن طريق اليونان وانبعثت في ثقافات وحضارات ذلک العصر واندمجت فيها. ولذا نجد ابن النديم يثبت هذه الحقيقة في کتابه، فيقول: (ان کافة الکتب العلمية التي کانت في مدينة (اصطخر) قد تم الاستنساخ عنها بأمر من الاسکندر، وترجمتها الي اللغات الرومية والقبطية، ومن ثم تم احراق النسخ الاصلية المدونة باللغة الفارسية)4. وفي هذا ايضاً نقرأ ل (سيريل الکود)، في الفصل المتعلق بالرياضيات اذ يقول: (ان تلک الضربة الموجعة من قبل الاسکندر المقدوني لايران کانت من القسوة بمکان حيث ادّت الي ضياع الکثير من الآثار ولم يبق منها ما من شأنه ان يبين اصول العلم الرياضي لاقوام (الماد) والايرانيين القدماء بحيث يرسم صورة واضحة المعالم لها)5.

ومن جهة اخري، (کانت صحراء ايران قبل ستين قرناً مصدراً للفکر والفن، الامر الذي حفظ للجنس البشري هويته، ومن ذلک: فن الکتابة، الزراعة، استخراج وتصنيع المعادن، العلوم الرياضية والتنجيم ومبادئ الفکر الديني والفلسفي، التي نشأت في منطقة الشرق الادني. کما ان ايران نفسها کانت منشأ ومصدر الکثير من تلک العوامل الباعثة علي نشأة الحضارات في الشرق الادني)6.

وفي المقابل، فان ايران ذاتها لم تکن محرومة من ثقافة وحضارة ذلک العصر اللتين سادتا حياة الشعوب والامم الاخري، فان الاسکندر المقدوني منذ اللحظة الاولي التي دخل فيها ايران قد بهرته عظمة التشکيلات الادارية والتنظيمات المؤسسية للدولة الهاخامنشية وادهشته روعتها7. ولهذا، فان اليونانيين قد وجدوا انفسهم مضطرين الي تصدير ثقافتهم ونشرها في ايران، ونتيجة لذلک (فان السد الحائل ما بين الثفافتين الشرقية والغربية لم يعد موجوداً، اذ ان کلا المدنيتين، الايرانية واليونانية، وهما کبري مدنيات العالم القديم في ذلک العهد، قد اصبحتا متجاورتين متوائمتين، تفيد کل واحدة منهما من الاخري وقد اطلتا بدورهما بنافذة علي مدنية المشرق الآسيوي)8.

 

المصادر :

1- آموزش و پرورش در ايران باستان (التعليم والتربية في ايران القديمة)، الدکتور علي رضا حکمت، طهران، 1350 ه.ش.

2- اخبار العلماء بأخبار الحکماء، جمال الدين علي بن يوسف قفطي، مصر، 1326 ه.ق.

3- ايران از نظر خاورشناسان (ايران من وجهة نظر المستشرقين)، ترجمة وتعليق: الدکتور رضا زاده شفق، طهران، 1335 ه.ش.

4- ايرانشهر (البلاد الايرانية)، تأليف جماعة من العلماء، مقالة: علم ايران (العلم الايراني)، تأليف: الدکتور ذبيح الله صفا، جامعة طهران، 1342/1343 ه.ش.

5- مقالة: ايران وامپراطوري روم شرقي (ايران وامبراطورية الروم الشرقية)، ميراث ايران (التراث الايراني)، {وهو مجموعة من المؤلفات في الاستشراق}، تأليف: تالبوت رايس، ترجمة: عزيز الله خاتمي، طهران، 1336 ه.ش.

6- بررسيهاي تاريخي (الدراسات التاريخية)، مجلة: باستانشناسي ايران (علم الآثار الايرانية)، العددان الثالث والرابع، طهران.

7- تاريخ ادبي ايران (التاريخ الادبي لايران)، تأليف: ادوارد براونن ترجمة: علي باشا صالح، طهران، 1335 ه.ش.

8- تاريخ الحکماء (وهو: اخبار العلماء بأخبار الحکماء، للقفطي).


العلاقات الخارجية في العهد الساساني

العلاقة بين اللغة العربية واللغة الفارسية

اللغة‌ والخط‌ الإيراني‌ قبل‌ الاسلام‌

فن الخط تجل لثقافه المجتمع الايراني

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)