كتب الضلال
ضل يضل إذا ضاع، يقال: ضل يضل. و تقول: ضللت مكاني إذا لم تهتد له.[1] و قال في اللسان: الضَّلالُ و الضَّلالةُ: ضدُّ الهُدَى و الرَّشاد.[2]
و اما اصطلاحا فتعني: العدولُ عن الطّريق المستقيم.[3] و بعبارة اخرى: الضلال خلاف الحق عن يقين، سواء في اصول دين الاسلام أم المذهب الحق (التشيع) أم في الفروع القطعية، و هذا إنما يتم اذا كان الحق مسلّما.[4]
و على هذا فان كتب الضلال هي تلك الكتب ذات المحتوى المائل عن اصول الدين و المذهب الحقة و كذلك الفروع، و يشترط فيها أمران:
1. كون الحق المعدول عنه من الامور المسلمة (في الاصول و الفروع)، و اما اذا لم كان من الامور الخلافية فلايعد العدول عنه و مخالفة قسم منه، من الانحراف و الضلال.
2. ان يكون الانحراف عن الحق واضحا و جليا؛ بان تكون المخالفة واضحة للعيان لا مجرد تأويل او تفسير او ما شابه ذلك.
اما بالنسبة الى حفظ كتب الضلال، فهذه القضية تتوقف على نوع الشخص الحافظ لها، و من هنا يكون للمسألة حكمان:
الاول: ما يخص العلماء و الباحثين ممن وصلوا الى حد من المعرفة و العلم بحيث تجذرت عندهم العقيدة الاسلامية و ترسخ لديهم الفكر الديني من خلال الآيات و الروايات و كلمات العلماء و المحققين، و تمكنوا من التحليل و النقد و... و من جهة أخرى انهم بحاجة الى اقتناء تلك الكتب للنقد و الرد عليها.
هذه الطائفة من الناس لها في هذا الخصوص ثلاثة احكام: تارة يجوز لهم اقتناؤها و حفظها، و اخرى يجب على نحو الوجوب الكفائي، وثالثة يجب على نحو الوجوب العيني.
فاذا لم يكن في حفظها و إقتنائها خطر عليه او على المحيطين به، من جهة، و لم يكن بحاجة الى الرد عليها و نقضها من جهة اخرى، فحيئنذ يكون حفظها بالنسبة اليه جائر، فيجوز لها اقتناؤها للاطلاع عليها و معرفتها و يجوز تركها.
و أما اذا توقف الدفاع عن الدين او المذهب على اقتنائها من قبل مجموعة من العلماء فحينئذ يجب عليهم وجوبا عينيا، و الا فيجب على البعض منهم وجوبا كفائيا.[5]
و بعبارة اخرى: اذا وجب الرد على تلك الكتب، و لم ينحصر الرد بشخص معين بل يكفي تصدي واحد من العلماء للرد، فحينئذ يكون الواجب كفائيا، و اما اذا انحصر فيكون الواجب عينياً.
الثاني: اذا لم يكن الشخص مؤهلا من الناحية العلمية و الكفاءة النقدية و كان من المحتمل تأثره بما فيها من افكار ضالة و منحرفة، فحينئذ يحرم حفظها و اقتناؤها، و من هنا قال الفقهاء: يحرم حفظ كتب الضلال و نسخها و قراءتها و النظر فيها و درسها و تدريسها إذا لم يكن غرض صحيح في ذلك كأن يكون قاصداً لنقضها و إبطالها و كان أهلًا لذلك و كان مأموناً من الضلال، و أمّا مجرّد الاطّلاع على مطالبها فليس من الأغراض الصحيحة المجوّزة لحفظها لغالب الناس من العوامّ الذين يخشى عليهم الضلال و الزلل، فاللازم على أمثالهم التجنّب عن الكتب المشتملة على ما يخالف عقائد المسلمين، خصوصاً ما اشتمل منها على شبهات و مغالطات عجزوا عن حلّها و دفعها، و لا يجوز لهم شراؤها و إمساكها و حفظها، بل يجب عليهم إتلافها.[6] و كذلك يحرم بيعها و شراؤها.[7]
وقالوا أيضا في باب الوصية: من الوصايا المحرمة الوصية بتشييد مراكز الفساد و نشر كتب الضلال.[8]
المصادر:
[1] كتابالعين ج : 7 ص : 9
[2] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج 11، ص 390، دار صادر، الطبعة الثالثة، بيروت، 1414 ق.
[3] الراغب الاصفهاني، حسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: صفوان عدنان داودي، ص 509، دارالعلم الدار الشامية، الطبعة الاولي، دمشق - بيروت، 1412 ق.
[4] بهجت، محمد تقي، جامع المسائل، ج 2، ص 399 و 400، الطبعة الاولي، قم- ايران.
[5] نفس المصدر.
[6] نفس المصدر؛ و انظر: الامام الخميني، وسيلة النجاة (مع حواشي الإمام)، ص: 322.
[7] توضيح المسائل (المحشى للإمام الخميني)، ج 2، ص 1005، س 1325 و أجوبة الاستفتاءات (بالفارسية)، ص 294.
[8] قرائتي، محسن، تفسير نور، ج 1، ص 280، مركز فرهنگى درس هايى از قرآن، الطبعة الحادية عشرة، طهران، 1383 ش.
من أسباب التخلف
مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
آداب الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر
التنظيم والانضباط في تكامل المؤسسات