بنو اسرائيل و ارض فلسطين
الارض التي يطلق عليها الصهاينة اليوم اسم "اسرائيل" هي ارض فلسطين. و لما تمتاز به هذه البقعة من اهمية ستراتيجية للربط بين القارات الثلاثة (اوربا، افريقيا، آسيا)، من هنا تعرضت و على مر التاريخ لهجوم الامبراطوريات و قادة الحروب و قد سعى الجميع دائما للهيمنة على هذا الميناء الستراتيجي و الطرق التجارية الفلسطينية المهمة. و بعد القرن الثاني الهجري کان العرب يمثلون غالبية سکان تلک المنطقة و کانت تربطهم لغة و ثقافة مشترکة.
و بعد ظهور الاسلام و بعثة خاتم الانبياء النبي الاکرم (ص) کان يقطن تلک الارض مجموعة صغيرة من اليهود و المسيحيين، لکن و بالتدريج اعتنق اکثر سکانها بما فيهم اليهود، الاسلام.
کانت فلسطين مسرحا للکثير من الحروب و توالت عليها العديد من القوى فتراها تارة بيد تلک الامبراطورية و أخرى بيد ثانية و ...حتى تمکن المسلمون في عصر الخليفة الثاني من فتحها.
اليهود و سکان فلسطين:
لم يکن اليهود (و الذين يطلق عليهم ايضا اسم بني اسرائيل من ابناء يعقوب (ع) و الصهاينة، هم أول من سکن الارض الفلسطينية، بل سبقهم بزمان طويل جدا غيرهم من الشعوب، فقد کانت هذه الارض ذات حضارة تمتد الى عشرة آلاف سنة، و قبل الميلاد بثلاثة آلاف و خمسائة عام، حصلت رحلة للاقوام السامية من قلب الحجاز الى مصر، العراق، سورية، لبنان و فلسطين فقطن الکنعانيون فلسطين، و کان الکنعانيون شعوبا متحضرة تعيش حياة المدنية و لهم حضارة متطورة حيث أسسوا الدولة الکنعانية في القرن الثاني قبل الميلاد.
و في حدود الالف قبل الميلاد سکن المنطقة اقوام باسم الفلسطينيين جاؤوا من بحر "ايجة" و حلوا محل الکنعانيين. و بعد مرور زمن طويل على هجرة الفلسطينيين و الکنعانيين عن تلک البلاد جاء بنوا اسرائيل مع موسى (ع) ليسکنوا في الارض الفلسطينية و بعدها أسس کل من داود و سليمان حکومة في تلک الارض.
بنو اسرائيل و الصهيونية:
من المعروف أن بني اسرائيل من اکثر الاقوام التي عرفت بظلمها لانبيائها و تمردها على تعاليم الانبياء و کان معروفين بقتل الانبياء، الامر الذي سبب تفرقهم في شتّى بقاع المعمورة، و قد اسسوا بعد ذلک حرکة تحمل اسم الصهيونية العالمية .
يمکن تلمس بدايات نشاط الحرکة الصهيونية إذا جاز لنا التحديد،في عام 1862 عند نشر کتابين لمؤلفين يهوديين يدعوان إلي حل المسألة اليهودية التي تأزمت في أوروبا وقتها،بإقامة دولة يهودية في فلسطين و نقل اليهود إليها و هما کتاب «دونيشات تسيون»أي(بحثا عن صهيون) لمؤلفه الحاخام تسفي هيرش کاليشر، و«روما و القدس»لمؤلفه موسي هس.
بقيت آراء کاليشر و هس حبرا علي ورق خلال العشرين سنة التالية،دون أن تبذل جهود جدية لإخراجها إلي حيز الوجود،عدا محاولتين محدودتين:
الأولي قامت بها جمعية«الإليانس اليهودية-الفرنسية»التي أقامت عام 1870 مدرسة زراعية لليهود في فلسطين بالقرب من يافا أطلق عليه إسم«مکيفة يسرائيل»و ذلک بهدف نقل يهود فلسطين إلي العمل الزراعي المنتج.
الثانية کانت قيام الثري اليهودي البريطاني «سير موش مونتيفيوري»الذي أقام عددا من المساکن ليهود القدس خارج أسوار المدينة المقدسة.
إن الصهيوني لا يدافع عن مجموعة أوهام، بل عن أکاذيب ابتکرها و خلقها و عمل علي فرضها لأجل الوصول إلي مصالح محددة.
لکن هذا الوضع تغير منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي،عندما أدي اغتيال القيصر الروسي اسکندر الثاني عام 1881 من قبل جماعة من الثوار الروس،کان بينهم إحدي اليهوديات،إلي قيام حملة منظمة من المذابح ضد اليهود في روسيا و بولونيا.جاءت هذا المذابح تتويجا للاجراءات و القيود المعادية للسامية التي فرضتها سلطات روسيا القيصرية علي مواطنيها اليهود من جهة،و لا نهيار أسس حياتهم الاقتصادية،بعد أن قطعت حملة تصنيع روسيا و سيرها علي طريق النمو الرأسمالي شوطا لا بأس به من جهة أخري أدت هذه الإجراءات إلي هجرة واسعة لليهود بتشجيع من السلطة الروسية نفسها، و توجه معظم هؤلاء إلي الولايات المتحدة، و استمرت الهجرة طوال الربع الأول من القرن العشرين،و أسفرت عين دخول 3 ملايين يهودي إلي القارة الأميرکيه.عدد قليل من هؤلاء لا يزيد علي البضعة آلاف، توجه إلي فلسطين.
الغاية من وراء تشکيل الصهيونية:
يمکن القول بنحو کلي، أن نفس اصول الصهيونية و هدفها، هو تکوين مذهب و شعب و دولة يهودية و تسعى من خلال الحروب التوسعية لجمع کافة يهود العالم في ارض فلسطين؛ و ذلک لانه وفقا لمنطق العقل و القوانين الدولية يمکن السکن في أي ارض بلا حاجة الى الحروب و القتل و إراقة الدماء و لا ينبغي من أجل العيش في منطقة ما مدة طويلة ادعاء مالکية تلک الارض و سلبها عن اصحابها الاصليين. و الحال أن الصهيونية- و تحت ذريعة أن هذه الارض سکنها فترة ما بعض اليهود و بعث فيها انبياؤهم- يدعون اختصاص هذه الارض بهم و ملکهم لها فاثاروا في المنطقة حروبا طاحنة قاموا خلالها بابشع الجرائم و ابادة انسانية و تهجير قسري مخالفين في ذلک کل الاعراف و القوانيين الدولية و منطق العقل و حقوق الانسان، و هذا يکشف عن ان الهدف الاصلي الذي يرومونه ليس هو حب الوطن و العودة اليه کما يشيعون.
إن الصهيوني لا يدافع عن مجموعة أوهام، بل عن أکاذيب ابتکرها و خلقها و عمل علي فرضها لأجل الوصول إلي مصالح محددة. هذه الأکاذيب التي أوصلت إلي قيام دولة «إسرائيل»،تحولات إلي قناعات يتربي عليها المواطن منذ طفولته.الصهيوني الاسرائيلي الذي أصبح عمره الآن أربع و ثلاثون سنة يؤمن بأنه يدافع عن حقه في الحياة و البقاء علي أرض ثبت أقدامه فيها بالتضحيات و الدماء، و من هنا يؤمن بعدالة قضيته،و يؤيد کل تطرف يبعد عنه خطر العود،و کل استعراض عضلات يشعره إنه الأقوي و بالتالي في مأمن من الزوال.الاسرائيلي يهرب من التفکير في الطرف الآخر،يهرب من الماضي،لا يسمح لنفسه بالتفکير في قضية الفلسطيني،يعمل علي أساس الأمر الحاضر و الواقع،و علي صنع مستقبله الآمن علي حساب من يعمل في نظره علي إعادته کيهودي إلي بؤس الشتات و المهانة في اصقاع العالم.الايديولوجية الصهيونية مضللة موضوعيا،تکتب التاريخ و تعالجه من خلال معطياتها التي تفرضها،لا من خلال مباديء الحق و العدالة الانسانية التي يفترض نظريا أن تصنع التاريخ.
علي الرغم من ادعاء الصهيونية و بعض مؤرخيها أن حرکتهم عريقة و تکاد تضاهي في قدمها قدم اليهودية نفسها،لکن الواضح أن الحرکة الصهيونية بعقيدتها و مفاهيمها ولدت في إطار نظريات الفکر الامبريالي و خططه في العقود الأولي من القرن التاسع عشر في أوروبا،ثم تبلورت بين يهود روسيا و أوروبا الشرقية خاصة،و بعض دول أوروبا الغربية،خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر کردة فعل علي الأفکار الشوفينية و العنصرية التي سادت تلک البلدان في هذه الفترة،و التي حفزت المثقفين و الحرکيين اليهود علي اعتناق الأفکار الصهيونية.
المصادر:
1-سرزمين اسلام (العالم الاسلامي)، ص116.
2 -هنري کتان، فلسطين و حقوق بين الملل (فلسطين و الحقوق الدولية)، ترجمة فدائي عراقي، غلامرضا، ص 13، نشر أميرکبير، طهران، الطبعة الثانية، 1368ش
3- مجله العرفان - شماره 705 ، الصهيونية (تاريخها - عقيدتها - تنظيما...
ماذا يعني الاعتراف بإسرائيل!؟
تطبيع العرب مع اليهود
المقاومة العربية