احذروا الإحتقار
عقدة الحقارة تعني اقتناع الانسان في داخل ذاته بقصوره ونقصه وعجزه وانه اقل قيمة وقدرة ومكانة من الاخرين بعبارة اخرى هي انهزام الانسان من الداخل وشعوره بالعجز عن فعل مايفعله الاخرين ولعقدة الحقارة اثار ونتائج في حياة الانسان.
يجب على الآباء والأمهات حسب التعاليم الدينية والعلمية أن يحترموا شخصية الأطفال، وهذا الموضوع أحد المسائل المهمة في البحوث التربوية. إن الأطفال الذين يهملون من قبل أفراد الأسرة ولا يحترمون من قبل الناس، يسخرون بهم أو يخدعونهم تارة، ويؤنبونهم بلا مبرر تارة أخرى، وبصورة موجزة يسلك معهم بحيث يحس الأطفال بالحقارة، ويدركون بان أفراد الأسرة يحتقرونهم ولا يحسبون لهم حسابا... هؤلاء يفكرون في الثأر لكرامتهم، ولذلك تظهر فيهم صفات ذميمة بالتدريج فيقدمون على أعمال مضرة.
إن الطفل الذي يقع موقع السخرية والاحتقار وتهتضم شخصيته، يسعى لإظهار نفسه بأي طريقة كانت
«توجد الانحرافات المكتسبة عقيب الإخفاقات، والخدع والأحقاد وفي الغالب عقيب الضربات العاطفية التي تخدر الطفل، هذا كله دون أن يقف الطفل على حقيقة ما وقع. وأحيانا يكتسب الطفل سلوكا جديدا وطبعا ثانويا، قد يقضي على الطبع الأولى له.
«يتحول قلب الطفل على اثر الصدمات التي تؤلمه إلى قلب مريض ومنكسر. إن الشخص المنحرف يرى نفسه قبل أي شخص صغيرا وحقيرا، علم بذلك أم لم يعلم. وهكذا يكتسب الطفل أو المراهق الذي يتأثر لإحساسه بالحقارة عادات غريبة وسلوكا جديدا... يمكن اعتبارها ردود الفعل لتلك الحالة النفسية» (1).
رد الفعل للحقارة:
إن الطفل الذي يقع موقع السخرية والاحتقار وتهتضم شخصيته، يسعى لإظهار نفسه بأي طريقة كانت، أن يعمل عملا يلفت انظار أعضاء الأسرة - والآخرين أحيانا - إلى نفسه، أن يدخلوه في حسابهم، ويعترفوا بشخصيته... وهكذا يستغل الفرص المختلفة للوصول إلى هدفه.
عندما يكون الوالدان مشغولين باكرام بعض الضيوف المحترمين، ويصرفان كل اهتمامها إلى العناية بهم غافلين عن الطفل... يقدم الطفل على الأعمال غير الإعتيادية، يطرق الباب بقوة، يقلب إناء الفواكه، ويبعثر الفواكه على الأرض، يصيح بأعلى صوته، يضرب أمه، وبصورة موجزة يقوم بأعمال تجلب انتباه الوالدين والضيوف إليه. إن الطفل لا يقصد من هذه الأعمال غير جلب انتباه الأخرين، انه يحتاج إلى اظهار نفسه وابراز شخصيته، يريد أن يقول: أنا أيضا موجود، انتبهوا لي، إحسبوا لي حسابا.
الطفل يريد أن ينفذ إلى قلوب الآخرين. وعندما لا يستجيب الوالدان لمتطلباته الطبيعية المتمثلة في احترام شخصيته، يسلك طريقا معوجا، وينفذ إلى قلوب الآخرين بالفوضى والشغب والايذاء.
من الأعمال الخطيرة التي يقدم عليها أمثال هؤلاء الأطفال: الكذب. الطفل الذي لم يلاق احتراما في الأسرة ولم يعتن بشخصيته، الطفل الذي يهمل ويحتقر ويعيش حياة ملؤها الحرمان والإخفاق، تكون لذته العظمى إظهار شخصيته وجلب انتباه الآخرين. إنه لا يستطيع أن يجلب اهتمام الناس نحوه بالصدق وبيان الحقائق، فيضطر إلى الكذب، واختلاق قضايا مدهشة، وكذبات تحير الأذهان لعدة دقائق، وتبعث القلق والحيرة في أعضاء الأسرة... يتصنع الاضطراب والذهول فيصيح: التهمت النيران دار عمي! سقطت أختي في الساحة القريبة من بيتنا تحت عجلات السيارة!
يتحول قلب الطفل على اثر الصدمات التي تؤلمه إلى قلب مريض ومنكسر.
عندما يركض أعضاء الأسرة - رجالا ونساء - نحو الحادث وقد علاهم الإرتباك والاضطراب، ينتعش الطفل الكذاب، يتلذذ لأن كلامه أوجد هذا الاضطراب، والاهتمام... إنه يفرح لأنه خدع أعضاء الأسرة وشفى قلبه مما كان يلاقيه منهم من احتقار وسخرية.
إن السلوك السيء للوالدين هو الذي يدعو الطفل إلى الكذب، وإن الأعمال التافهة لهما هي التي تؤدي إلى هذا الانحراف.
يجب على الآباء والأمهات الذين يرغبون في تربية أطفالهم على الإستقامة وتدريبهم على الصدق في الحديث أن يحترموا شخصيتهم منذ البداية بصورة معقولة، ويحذروا من احتقارهم الذي يؤدي إلى انحرافهم. عليهم أن يتذكروا نصيحة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: «ولا يرهقه ولا يخرق به».
إن الأطفال الذين يحسون بالحقارة والصغار على أثر اهمال الآباء لهم قد يلجأون إلى الكذب لتدارك ذلك ويصابون بهذا الداء الخطير، فيظلون يتجرعون المآسي والمشاكل ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل تتجاوزهم الأضرار إلى الآخرين أيضا.
المصدر:
(1) چه ميدانيم أطفال دشوار ص 51.
(2) الطفل بين الوراثة والتربية - الشيخ محمد تقي فلسفي
اسباب الكذب عند الاطفال وآثاره
الكذب لدى الاطفال ..كيف نتعامل معه ؟
الأطفال والكذب وأنواعه
هل العقاب وسيلة للتربية؟