الصراع بين السنة وابن تيمية (3)
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة : ... فذكروا أنه ذكر حديث النزول ، فنزل عن المنبر درجتين ، فقال : كنزولي هذا ، فنُسب إلى التجسيم ورده على من توسل بالنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أو استغاث ، فأشخص من دمشق في رمضان سنة خمس وسبعمائة فجرى عليه ما جرى وحُبس مراراً ... (1)
وهذه الخلافات تنقلها مصادر أتباع ابن تيمية كالحافظ ابن كثير فيها إهمال لكثير من التفاصيل التي ينقلها أعداؤه ، وتغيير في بعض المواضع ، وقد نقل ابن كثير بعض ما جرى بينه وبين غيره من الفقهاء ، وقال (2) : وكان للشيخ تقي الدين من الفقهاء جماعة يحسدونـه لتقدمه عند الدولة .
وقال أثناء كلامه لما جرى عليه في القاهرة (3) : فلما كان يوم الجمعة بعد الصلاة عقد للشيخ مجلس بالقلعة اجتمع فيها القضاة وأكابر الدولة ، وأراد أنْ يتكلم على عادته ، فلم يتمكن من البحث والكلام ،
وانتدب له الشمس ابن عدنان خصماً احتساباً ، وادعى عليه عند ابن مخلوف المالكي أنه يقول : إنّ الله فوق العرش حقيقة ، وأنّ الله يتكلم بحرف وصوت ، فسأله القاضي جوابه فأخذ الشيخ في حمد الله والثناء عليه ، فقيل له : أجب ما جئنا بك لتخطب ، فقال : ومن الحاكم فيّ ؟ فقيل له : القاضي المالكي ، فقال له الشيخ : كيف تحكم فيّ وأنت خصمي ، فغضب غضباً شديداً وانزعج ، وأقيم مرسماً عليه ، وحبس في برج أياماً ثم نقل منه ليلة العيد إلى الحبس المعروف بالجب ...
إلى أنْ قال : وأما ابن صصرى فإنه جدد له توقيع بالقضاء بإشارة المنبجي شيخ الجاشنكير حاكم مصر ، وعاد إلى دمشق يوم الجمعة سادس ذي القعدة والنفوس منه نافرة ، وقريء تقليده بالجامع ، وبعده قريء كتاب فيه الحط على الشيخ تقي الدين ومخالفته في العقيدة ، قام عليه جاشنكيز وشيخه نصر المنبجي ، وساعدهم جماعة كثيرة من الفقهاء والفقراء ، وجرت فتن كثيرة منتشرة ، نعوذ بالله من الفتن ، وحصل للحنابلة بالديار المصرية إهانة عظيمة كثيرة ، وذلك أنّ قاضيهم كان قليل العلم ، مزجيّ البضاعة ، وهـو شرف الدين الحراني ، فلذلك نال أصحابهم ما نالهم ... (4)
وقد تقدمت بعض عبارات السبكي والكوثري في عقائد ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية .
والهدف مما تقد كله بيان أنّ ابن تيمية وإنْ كان رأيه يمثل شريحة مهمة وكبيرة عند السنة ، ولكن ليس بالضرورة مذهبه يعبر عن موقف السنة بصورة عامة ، فقد كان الكثير من فقهاء السنة منذ زمانه إلى هذا اليوم يعارضون قوله ويرونه منحرفاً عن عقيدة السنة ، وهذا أمر نحتاج إليه كثيراً عند البحث في المسائل الخلافية التي لا يختلف فيها الشيعة مع السنة ، وإنما اختلافهم فيها مع ابن تيمية وأتباعه .
المصادر:
(1) الدرر الكامنة ج1 ص 154 رقم 409 .
(2) البداية والنهاية ج14 ص 39 حوادث سنة (705هـ) .
(3) البداية والنهاية ج14 ص 40 .
(4) البداية والنهاية ج14 ص 40 ، وراجع الدرر الكامنة ج1 ص 147 .
الصراع بين السنة وابن تيمية (2)
الصراع بين السنة وابن تيمية (1)
مصادر الفكر الوهابي
الوهابيون و صفات الله