اتهام الشيعة بالعنصرية الفارسية
قيل : " السبب الرئيسي لبغض الشيعة لعمر بن الخطاب هو تحطيمه دولة فارس "
نقول : إن كانت هناك عنصرية نتنة فهي في كتابة هذه السطور التي تقوم على بغض القومية الفارسية وإثارة هذه النعرات ، والقرآن الكريم يقول ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) ، فلا تجد في أحاديث الشيعة إشارة إلى ذلك بل سادتهم وأئمتهم هاشميون قرشيون عرب .
وهم يصرحون في كتبهم أن الخليفة الثاني يفقد المنزلة التي يمتلكها عند السنة بسبب عدم خضوعه للنص النبوي الذي يعتبر مصدر التشريع الأساس بعد القرآن الكريم ، وكذلك تصريح عمر عدة مرات بمخالفته لرسول الله (ص) في عدة مواقف يذكرها البخاري ومسلم في صحيحهما ، فترى عمر يجذب رداء الرسول (ص) ليمنعه من الصلاة على الميت ، ويخشى في موقف آخر أن ينزل فيه قرآن بسبب كثرة رده على رسول الله (ص) ، هذه الحالة التي بلغت أوجها في وقوفه في الصف المخالف لرسول الله (ص) في وصيته الأخيرة وهو على فراش الموت حينما طلب (ص) الكتف والدواة ليكتب للمسلمين كتابا لن يضلوا بعده أبدا ، فقال عمر : " إن النبي (ص) غلبه الوجع وعندكم كتاب الله ، حسبنا كتاب الله " .
ثم تعرضه لبيت فاطمة الزهراء (ع) بالتهديد بالحرق كما روى ابن أبي شيبة في مصنفه إمعانا في فرض بيعة أبي بكر على المسلمين :" حدثنا محمد بن بشر نا عبيد الله بن عمر حدثنا زيد بن أسلم عن أبيه أسلم أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (ص) كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (ص) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة فقال : يا بنت رسول الله (ص) والله ما من أحد أحب إلينا من أبيك وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك وأيم الله ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت … " (1) .
وهذا النص فيه اختصار شديد ويخفي وراءه أمورا أليمة تعرض لها بيت النبوة بعد وفاة رسول الله (ص) ، وتفاصيلها مبعثرة كثيرا في كتب التاريخ ، فلنترك البحث للقارئ … .
ومما يؤكد ذلك ما رواه البخاري في صحيحه كتاب المغازي باب غزوة خيبر من قول علي (ع) عندما أراد بيعة أبي بكر بعد ستة أشهر أي بعد وفاة فاطمة (ع) " … فأرسل إلى أبي بكر : أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك ، كراهية لمحضر عمر " (2) ، فهي صريحة في أن عليا (ع) يحمل في نفسه شيئا على عمر .
وكذلك يشير إليه ما رواه مسلم في صحيحه من قول عمر لعلي (ع) والعباس : " … فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله (ص) ما نورث ما تركنا صدقة ، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ، ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله (ص) وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا " (3) .
والشيعة اتبعت قول رسول الله (ص) في أن الحق مع علي (ع) وأن من فارق عليا (ع) فقد فارق رسول الله (ص) وفارق الصراط المستقيم بذلك ، فقد روى الهيثمي في مجمع الزوائد قال : " وعن أبي ذر قال : قال رسول الله (ص) وسلم لعلي : يا علي من فارقني فارق الله ومن فارقك يا علي فارقني " ، قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله ثقات (4) .
فموقف الشيعة المخالف للسنة في ذلك ليس شخصيا ولا عنصريا بل هو ما يمليه عليهم الدليل ، وتمليه النصوص التاريخية والروائية .
المصادر:
(1) مصنف ابن أبي شيبة - ج7 ص432
(2) صحيح البخاري - ج5 ص177
(3) صحيح مسلم - ج2 ص1378
(4) مجمع الزوائد - ج9 ص135