• عدد المراجعات :
  • 5613
  • 3/10/2012
  • تاريخ :

الهجر الجميل في القران

"واصبِر على مَا يقُولُونَ واهجُرهُم هَجراً جَمِيلاً " : المزمل 10.

 الهجر الجميل : أن لا تتعرّض لخصمك بشيء ، وإن تعرّض لك تجاهلت (1) .

 أُمِر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذه الآية المباركة بالصبر ـ الذي منه كظم الغيض ـ على ما يسمعه من الاَقوال البذيئة التي لا تليق ومقام النبوة الشامخ ، صبراً لا عتاب فيه على أحد ، ولا اعتزاز بالشخصية ، أو دفاع عن الذات ، بل تركهم إلى الله سبحانه ، مع الهجر الجميل الذي لا يترك في نفوسهم شيئاً من وخز الضمير ما داموا لم يقابلوا بالمثل ، بل بالهجر الجميل الذي لم يترك في نفوسهم اشمئزازاً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يزرع فيهم ما يحول بينهم وبينه صلى الله عليه وآله وسلم مستقبلاً فلا يُقبلوا عليه ولا يسمعوا هديه ، بل كان هجراً جميلاً لم يقطع خيوط المودة ولم يهدم جسور التواصل التي تمر من خلالها رسالة السماء التي تنشد لاُولئك التكامل وسعادة الدارين .

والملاحظ في هذه الآية المباركة أن الله سبحانه استخدم لفظة الهجر ولم يستخدم مكانها لفظة الترك ، ولعل الاَمر يعود إلى أن الترك يعني التخلي تماماً عنهم ، بينما الهجر يحمل معه معنى امكانية الرجوع إليهم والتبليغ فيهم مرة ثانية ، ولاَجل هذه الاحتمالية يلزم أن يكون الهجر جميلاً؛ لاَنهم في حاجة إلى المعاودة والنصح والارشاد الذي لا يتحقق مع تواصل الهجر المستمر بلا انقطاع . ومن هنا يعلم أنّ رحمة الله عزَّوجل لا يمكن تصور حدودها ، فهي شملت حتى من يسيء إلى مقام الرسل والانبياء ، أملاً أن يصلُحوا في مستقبل أيامهم ويعودوا إلى حضيرة الاِسلام لينهلوا من آدابه ويتخلقوا بمكارم أخلاقه .

ولا يخفى ما في ذلك من عبرة عظيمة ، وموعظة جليلة ، إذ يمكن للمسلم الرسالي أن يستثمر الصبر على الاذى والهجر الجميل ؛ ليحصد مايحمد عقباه .

 

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

 

المصدر:

(1) التفسير الكاشف 7 : 449 .


هل يجوز العفو عن المُسيء؟

معالم العفو و المغفرة في القرآن الكريم

دعوة اللاعنف في القرآن

اللين مطلوب حتى مع الأعداء

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)