ليلة الزفاف ليلة أنس وحب وود
قال سبحانه وتعالى: * (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة..) * (الروم 3ظ : 21).
فجعل العلاقة بين الزوجين علاقة مودة وحب، وتبادل العواطف النبيلة والأحاسيس المرهفة، ومن أجل إدامة هذه العلاقة دعا الإسلام إلى ربط الزوجين بالقيم والموازين التي حددها المنهج الرباني في الحياة، ففي أول خطوات العلاقة والاتصال بين الزوج والزوجة وهي ليلة الزفاف، أمر الإسلام بالتقيد بالقيم الربانية، لكي لا تكون العلاقة علاقة بهيمية جسدية فقط، وأول هذه القيم هي استحباب الصلاة ركعتين لكل منهما، وحمد الله تعالى والثناء عليه والصلاة على رسول الله وآله، ثم الدعاء بإدامة الحب والود: (اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها بي وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيسر ائتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام).
والالتزام بذلك يخلق جوا من الاطمئنان والاستقرار والهدوء في أول خطوات اللقاء، ولا يبقى لقلق الزوجة واضطرابها مجالا، فتكون ليلة الزفاف ليلة أنس وحب وود.
ويستمر الدعاء عند الخطوة الثانية وهي مرحلة المباشرة، فيستحب أن يقول: (اللهم ارزقني ولدا واجعله تقيا ذكيا ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلى خير)، وأفضل الذكر في أول المباشرة (بسم الله الرحمن الرحيم) [1].
آداب الزفاف و مستحباته
1. الإطعام :
يُستحب الاطعام في الزواج بغير سرف و لا رياء او سمعه ، و من ذلك اطعام الفقراء و عدم تحديده بالاغنياء و الوجهاء ، و منه عدم جعل الزواج مناسبة للاستعلاء على الناس و ما يوجب وقوع الطبقات المستضعفة و المتوسطة في الإحراج لعدم قدرتهم على مجاراة الاغنياء .
فقد رُوي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قَالَ : " إِنَّ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْإِطْعَامَ عِنْدَ التَّزْوِيجِ " [2] .
وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ( عليه السلام ) أنه قَالَ : " الْوَلِيمَةُ يَوْمٌ ، وَ يَوْمَانِ مَكْرُمَةٌ ، وَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ رِيَاءٌ وَ سُمْعَةٌ " [3] .
وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) : " الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ وَ الثَّانِيَ مَعْرُوفٌ وَ مَا زَادَ رِيَاءٌ وَ سُمْعَةٌ " [4] .
هذا و يُستحب أن يكون الإطعام نهاراً ، فقد رُوِي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنه قال : " زُفُّوا عَرَائِسَكُمْ لَيْلًا وَ أَطْعِمُوا ضُحًى " [5] .
2. الزفاف ليلاً :
يُستحب أن يكون التزويج و الزفاف ليلاً ، للحديث السابق : " زُفُّوا عَرَائِسَكُمْ لَيْلًا ... " ، و لما رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَشَّاءِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا ( عليه السلام ) قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي التَّزْوِيجِ ، قَالَ : " مِنَ السُّنَّةِ التَّزْوِيجُ بِاللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَ النِّسَاءُ إِنَّمَا هُنَّ سَكَنٌ " [6] .
3. الوضوء :
يُستحب أن يكون الزوجان على وضوء و طهارة ، فقد رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) في حديث أنه قال : " ... إِذَا دَخَلَتْ فَمُرْهَا قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْكَ أَنْ تَكُونَ مُتَوَضِّئَةً ، ثُمَّ أَنْتَ لَا تَصِلُ إِلَيْهَا حَتَّى تَوَضَّأَ ... " [7] .
4. صلاة ركعتين :
يُستحب أن يصلي الزوجان ركعتين ، فقد رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) في حديث أنه قال : " ... وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ ... " [8] .
5. الصلاة على محمد و آل محمد :
يُستحب للزوجين أن يُصليا على النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) و على آله ( عليهم السلام ) ، فقد رُوِيَ عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) في حديث أنه قال : " ... إِذَا دَخَلَتْ ... وَ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ ... " [9] .
6. الدعاء بالمأثور :
يُستحب أن يدعو الزوج بالدعاء التالي : فَعَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) أنه قَالَ : " إِذَا دَخَلْتَ بِأَهْلِكَ فَخُذْ بِنَاصِيَتِهَا وَ اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَ قُلِ : اللَّهُمَّ بِأَمَانَتِكَ أَخَذْتُهَا وَ بِكَلِمَاتِكَ اسْتَحْلَلْتُهَا ، فَإِنْ قَضَيْتَ لِي مِنْهَا وَلَداً فَاجْعَلْهُ مُبَارَكاً تَقِيّاً مِنْ شِيعَةِ آلِ مُحَمَّدٍ وَ لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ فِيهِ شِرْكاً وَ لَا نَصِيباً " [10] .
المصادر:
[1]مكارم الأخلاق: 2ظ 8.
[2] الكافي : 5 / 367 .
[3] الكافي : 5 / 368 .
[4] الكافي : 5 / 368 .
[5] الكافي : 5 / 366 .
[6] الكافي : 5 / 366 .
[7] الكافي : 5 / 500 .
[8] الكافي : 5 / 500 .
[9] الكافي : 5 / 500 .
[10] الكافي : 5 / 501 .
أسس العلاقة الزوجية الناجحة في حديث الكساء