• عدد المراجعات :
  • 1239
  • 3/5/2012
  • تاريخ :

الاسطورة في شعر الجواهري (1)

الجواهري

ان الادارة المنهجية للكشف عن نقطة الانطلاق المهمة في تأسيس المفاهيم المركزية والضرورة لفهم وتوضيح المنطق اليقيني في حدود الوعي وانتقاله في حدود الشعور .. وهو النداء الخفي الذي يتهدج بألق داخلي حدوده الحرارة ، والبراءة ، والالم وبواعث للايمان والرؤيا الدقيقة لحركة الواقع الدفينة ، والنضوج في حدود الاضاءة لمساحات واسعة من الحياة .. وهدوء العاصفة فيها ، وهي الاستثناء في شخصية الشاعر .. حيث الوتيرة المتصاعدة في اشكالية التحولات والحوافز في العمل في سيرة من التعبير المعرفي وقد افضى هذا التوتر العلائقي الى نتائج من المستوات المهمة انتهت بالتجسيد الحي – والتاريخي لفعل التعبير – والسيرة في رحلة التفجير الشامخة ، وهي تشبه في ميسمها .. تفجر الثورة الابدية في العراق .. فكانت الولادة في البيت الشعري بشكله العمودي المتجدد .. صاحب الفعل المنجز ودلالته وضوء الذي شع فأنار الطريق الذي تكامل بفعل الصدق في التعبير عن بدء من الداخل وهو (( الهدف والمعنى )) والمسلمة الراجحة داخل مرآة صافية بعمق صفاء شاعرنا المبدع .

والاسطورة عند الجواهري تنطوي عند معنى لا يتحدد بعناصر مصنوعة او معرفة .. بل هي الرؤية والطريقة التي تقوم بعملية التنسيق بعدد من العناصر.

والاسطورة عند الجواهري دائماً تتعلق بعناصر الجمال من اللغة والبلاغة وهي مفاهيم تشكل الخلاصة لنتائج دقيقة في الصياغات الاسطورية في البحث عن خصائص عديدة تتجاوز في محركاتها .. خصائص اللغة والبلاغة .

والاسطورة عند الجواهري كائن حي ومتحرك يتكون من عدة تشكيلات في الوحدات الاجتماعية والصوتية والنحوية والصرفية والبلاغية والدلالية حيث يكون ( المفهوم اللغوي ) مفهوم اولي لعدة عينات وكيانات لمنطق السني ، وهو المقوم الجدلي للكليات ، لكنه خارج اطار عملية الوعي الارادي .

يقول الجواهري :

فرّ ليلي من يد الظلم

فتخطاني ولم انم

كلما اوغلت في حلمي

خلتني اهوى على صنم

يستمد الوحي من المي

وينث الروح في قلمي

آه يا احبولة الفكر

كم هفا طير ولم يطر

فالبناء اللغوي ينمو وينهض في حركات حية ومحكومة بحركة ( مكانية ) للاسطورة يعزف لحناً حزيناً وبفاعلية روحية تحلق عالياً متسامية لتضيء المكان بفاعلية التراكيب والتغيير الذي يحدث في الدلالة بفعل الهواجس والمعني في مدارات من الفكر .

واللغة عن الجواهري تقوم على اشكالية عقلية وحيثيات منطقية قائمة على النفس البلاغي والثروة اللغوية جاءت عبر الدراسة الدقيقة لمكونات النص الشعري وتعاليقه المتجددة نلاحظ ان هنالك مراحل في طريقة البناء الفكري تعتمد على :

المنطق الروحي + عملية التفكير ومضامينها وما يتعلق بهذا التفكير من حس اجتماعي وسياسي دفين وعبر مضامين منطقية تحددها التشكيلات الاسطورية.

يقول الجواهري :

مرحباً يا أيها الأرق

فرشت أنا لك الحدق

لك من عيني منطلق

اذا عيون الناس تنطبق

لك زاد عندي القلق

واليراع النضوو والورق

ورؤى في خالة القدر

عتقت خمرا لمعتصر ..

ان الفضاء الاسطوري عند الجواهري .. هو فرضية محكمة تنتقل من الحس في الزمان الى المكان المتداخل بصيغة الوعي المعرفي ومن الوعي في الاستقلالية في التفكير ينمو الموضوع في الصورة دخل النص الشعري ، فيخرج ايقاعاً متوازناً ومتوازياً مع خصائص الحياة المركبة والمعقدة .. فالاسطورة عند الجواهري هي شحنات من انسجة ايقاعية تغطي العمود الشعري وتبرز لفخامته البلاغية والحسية بصيغة وتراكيب وخصائص وقوانين في سياقات ابتداء النص الشعري عبر محمولها المنطقي وما تحمله البنية للاسطورة لهذا العمود من احتكام الى تنظيم في الوحدات الصوتية والعلاقة بينهما .

ان اعتماد الجواهري على امتلاكه للحس التراثي والتشكيل الحداثي راح يعتمد في نسجه الشعري على منطق الخلق البارع للاسطورة في صورة حسية اعتمدت المنطق في قياسها وفي علاقة وصيغ ( فينومينولوجيا ) فالجواهري اعتمد الفحص المستمر حتى للأسس التي تنحو المنحنى العلمي والمعرفي لقيمة المنطق في نظرته الى الواقع الاجتماعي المعاش .

يقول الجواهري :

أنا عندي من الأسى جبل

يتمشى معي وينتقل

أنا عندي وان خبا أمل

جذوة في الفؤاد تشتعل

انما الفكر عارما يظل

ابد الآبدين يقتتل

قائد ملهم بلا نفر

حسرت عنه راية الظفر

فاذا دققنا في قصائد الجواهري نجد هذا الزخم الهائل والمتحول من الفكرة الاسطورية الى صور تأخذ قوانينها من قوانين الاسطورة الى الشد الذهني والجو المشحون بالفكرة الطرية التي يخلقها الشاعر عبر هذه المكونات الذهنية والتي تفصح عن وحدات تركيبية ( الاسى والجبل يتمشى وينتقل ) ان الاستقلال اللغوي والبلاغي والذهني الذي شكله النص الشعري اعطانا تنظيم من العلاقة العضوية في القول والحركة والصورة والاسطورة ، ومن العلاقات الالسنية في تداخلها التوليدي الذي يحكم الترابط في الوحدات داخل القصيدة .

فاللغة عند الجواهري هي تحليل ( انثربولوجي ) كما هو عند ( شتراوس ) لانه نمو ينهض بكيان اسطوري عبر شتى التكوينات الطبيعية والاجتماعية .

يقول الجواهري :

يا أم بغداد من عدوى تأنقها

مشى التبغدد حتى في الدهاقين

يا دجلة الخير ما يغليك من حنق

يغلي فؤادي وما يشجيك يشجيني

وتتولد الصورة بهذا التعبير وهذا التغير الذهني في الايقاع الاسطوري والبيت الواحد من القصيدة يعطيك الصورة المتداخلة من خلال شعاع اسطوري (لخيال وهتاف) يشد السامع الى وحدة فكرية وهي تحمل عدة تعابير فنية دقيقة وهي التي يتضمنها التعبير عبر عدة معايير بتحصيل الصيغ المعرفية بأطر موسيقية متدافعة ومتدفقة داخل البيت الشعري الواحد وهو يتقابل بلقطات مركزة من الموسيقى الداخلية تطرز البيت بالحان ونغمات تؤطر التركيبة الحسية للبيت لتنظيف جمالاً اسطورياً غريباً .

يقول الجواهري :

يا دجلة الخير ادري بالذي طفحت

به مجاريك من فوق الى دون

ادري على أي قيثار قد انفجرت

انفاسك السمر عن أَنات محزون

أَدري بأنك من الف مضت دهراً

للآن تهزين من حكم السلاطين

يا دجلة الخير كم من كنز موهبة

لديك في القمم المسحور مخزون

لعل تلك العفاريت التي احتجرت

محملات على اكتاف دولفين

والملفت للنظر ان الجواهري ينشد عملية التكرار وهذا يأتي تأكيداً للصياغات الصورية والايقاعية ، فهو منطق من العفوية الحسية الناضجة في شبكة القصيدة ، وهذا الموضوع قد ساعد في عملية التوتر والشد العاطفي الذي يأخذ شكله المتصاعد ليعطي اللغة الشعرية معياراً من النمو المتزايد والذي أَشره ( دي سوسير ) عبر الدراسات المتعاقبة للصيغ اللغوية وعبر الكشف الدقيق لقوانين البنية الشعرية ومداخلاتها الاسطورية داخل الانظمة الالسنية والصوتية وداخل نظم من المفردات الشعرية التي تجمعها مخيلة الشاعر لعدة من الصياغات والاطر الجديدة في القصيدة .

 

اعداد وتقديم:سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان


كيف دخلت الأسطورة ميدان أدب الأطفال الإسلامي؟

براعة اللغة العربية

طــــــه حســـــين عميد الأدب العربي

ابن أعثم الكوفيّ

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)