الحقوق والواجبات الفردية
ان امرءا لا يتمتع بحقوقه، تسقط عنه الواجبات.
انها معادلة بسطة جدا، الا انها في نفس الوقت مهمة وخطيرة، وهي تضع حدا للجدال المستمر الذي يدور حول السؤال المهم، ايهما اولا، الحقوق ام الواجبات؟.
لقد ثبتت كل الشرائع السماوية والكثير من القوانين واللوائح الارضية هذه الحقيقة، فاخذ بها الغرب فتطور، ولم ياخذ بها الشرق فتاخر وتقهقر وتراجع.
وهي معادلة تتماشى وفطرة الانسان، بشرط ان لا يكابر المرء او يجادل بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
وهي تنطبق على الانسان ــ االفرد كما تنطبق على الانسان ــ المجتمع، كما انها تنطبق على الصغير وعلى الكبير، في السلطة كان ام خارجها، لماذا؟.
لان الحقوق هي حجر الزاوية في الحياة، وهي الادوات التي بها ينهض المرء ويفكر ويتطور ويتقدم ويبدع وينتج، كما انه بها يشعر بآدميته وبانتمائه الحقيقي، واذا تمتع بها آثر طاعة النظام العام ولم يتمرد، وان مثل من سحق الاخرون حقوقه كمثل السجين الذي حكم عليه بالاعدام، فانهارت قواه وعزائمه، بانتظار ساعة الموت.
والحقوق هي، بمعنى آخر، الحدود التي ترسم العلاقة بين الناس، من اجل ان لا يتجاوزها احد او يعتدي عليها آخر، فاذا حصل ذلك ارتبكت العلاقة وتحطمت وتاليا انهارت، وهذا هو الذي يحصل اليوم في بلادنا العربية والاسلامية، فالاب يتجاوز حدود علاقته بالام، والابناء يتجاوزون حدود علاقاتهم بالاباء، والحاكم يتجاوز حدود علاقاته مع الرعية، والرعية تتجاوز حدودها مع الحاكم، وصاحب العمل يتجاوز حدوده مع العامل والعكس هو الصحيح، ولذلك ارتبكت العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ولم نعد نميز حدودنا من حدود غيرنا، فاختلط الحابل بالنابل كما يقول المثل المعروف.
وكل ذلك سببه اننا نجهل حقوقنا ولا نعرف اين تقف حدود حقوق غيرنا، ولذلك تداخلت الحقوق بعضها مع البعض الاخر، وما يؤسف له فان الحاكم، كونه ظالما، سكت عن الحديث عن الحقوق ليستغل جهل الناس بها فيسهل عليه امر التسلط عليهم.
اما في الغرب، الولايات المتحدة مثلا، فانك لا تدخل في دائرة ولا تتعامل مع احد قبل ان يعرفك او تطلع على حقوقك، من اجل ان تعرف ما هو المطلوب منك وماذا تنتظر من الطرف الاخر، لا فرق طبيبا كان ام محاميا ام مؤسسة حكومية ام اي شئ آخر، فانك تطلع اولا على حقوقك قبل ان تتعامل مع الطرف الاخر، وستجد عند مدخل اية مؤسسة لائحة مثبتة او منشورا في متناول يد العامة ثبتت فيها حقوق الزبون بالكامل، ولذلك لم تختلط الحقوق ولم يتجاوز احد على حق او حدود احد، واذا حصل ذلك فان من حقك كذلك ان تخاصم المعتدي كائنا من كان.
ارايتم كيف ندقق في حدود ملعب كرة القدم مثلا، فيقف مساعدان للحكم يراقبان الحدود لئلا يتجاوز عليها احد الفريقين، فيما ترى الحكم يركض يمنة ويسرة وكانه يبحث عن شئ ثمين اضاعه، ليراقب اي تجاوز قد يبدر من احد الطرفين.
وهكذا في كل لعبة، فهناك حقوق وحدود لا يجوز لاحد ان يتجاوزها والا تعرض للعقوبة بشكل او بآخر.
واذا كان هذا صحيحا، وهو صحيح والا فسدت اللعبة، فلماذا لا نفعل الشئ نفسه في حياتنا الاجتماعية؟ لماذا لا نراقب، على الاقل ذاتيا، حدود علاقاتنا بعضنا مع البعض الاخر؟ لماذا لا نعير اهتماما اذا تجاوز احدنا على حقوق الاخر، ايا كان هذا الاخر؟ لماذا لا تراقب الدولة حدود العلاقات بين الحاكم والمحكوم؟ لماذا لا نرفع صوتنا بالاعتراض اذا راينا حاكما ظالما يتجاوز حدوده فيقتل ويذبح ويسرق من اجل البقاء في السلطة متسلطا على رقاب الناس من غير اذن منهم او تفويض؟.
والمشكلة تبدا عندما يضيع الانسان حقوقه قبل ان يضيعها الاخرون، الحاكم الظالم مثلا، وهو الامر الذي يستغله الظالمون من اجل تضليله فلم يعد يميز بين ما هو حق له وبين ما هو مكرمة من (الرئيس القائد والضرورة) فمثلا عندما لا يعرف الانسان ان من حقوقه المبرمة هو حق الحياة، تراه اذا اعتقله الحاكم الظالم ثم اطلق سراحه بعفو تسميه دعايته المضللة بالمكرمة، فيعتقد الانسان بان الحاكم وهبه الحياة من جديد، في الوقت الذي كان بامكانه ان يقتله ويقضي على حياته، فالحاكم، اذن، هو صاحب الفضل وهو واهب الحياة الجديدة له، وهكذا في الكثير من الحقوق التي تتغير مفاهيمها في عقل الانسان ووعيه وادراكه.
اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي
القسم العربي - تبيان
الأرض يحررها الأحرار
مقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وفي الوثائق الوضعية الدولية
دور الأمم المتحدة في صيانة حقوق الإنسان
حقوق الإنسان في نظام الجمهوريه الإسلاميه
رؤية الإمام علي ( عليه السلام ) لحقوق الإنسان