ماذا لو قتل الايرانيون علمائنا؟
تلقت اسرائيل الرسمية في الاسبوع الماضي في صمت هادر نبأ اغتيال عالم الذرة الايراني مصطفى احمدي روشن. وتُلقي الاغتيال في المستوى غير الرسمي بالغمز. قبل ذلك بيوم تحدث رئيس هيئة الاركان مع نصف ابتسامة عن 'أحداث تخرج عن سُنة الطبيعة'، تسبب تعويقات للبرنامج الذري الايراني. كان الصلف الاسرائيلي واضحا.
ان الحياة العامة الاسرائيلية لم تُصعب الامر في مواجهتها للحكمة التي في اغتيالات العلماء الايرانيين كعادتها دائما. فهذا التصعيب يُرى خيانة في الثقافة الاسرائيلية التي تقدس الأمن. فاذا كان الاغتيال نجح وقُضي على العالم واختفى المغتالون فانهم لا يُصعبون الامور.
لكن وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون أصرت على وضع الامور على الطاولة: فقد أنكرت ألبتة أي مشاركة امريكية في الاغتيال بل أعلنت ان الولايات المتحدة تعارض بشدة اغتيال العلماء. وتم تقبل هذا الاعلان في اسرائيل في دهشة بل ربما بشعور بالاهانة. ما هي الحكمة في مقال معلن كهذا، قال من قال، وعلى كل حال فان هذا قول منافق لأن الرئيس براك اوباما يستعمل أكثر من أسلافه اغتيال الارهابيين من الجو.
كي نفهم الانتقاد الامريكي لاغتيال العلماء، ينبغي ان نفتح للنقاش الاسئلة التي يحجم الاسرائيليون عن سؤالها وهي: هل هذه الاغتيالات تسهم حقا في الاضرار الكبير بالبرنامج الذري الايراني؟ وماذا قد تكون نتائج سياسة الاغتيال؟ وهل من الصحيح احداث وضع يصبح فيه العلماء حيوانات تجارب في حرب اغتيال واغتيال مضاد
(ربما في البداية علماء الذرة وبعدهم العلماء بعامة والاشخاص ذوو الأقدار)؟.
فيما يتعلق بالفائدة نقول ان البرنامج الذري الايراني الذي مركزه نتناز هو اليوم مشروع ضخم يعمل فيه مئات العلماء وآلاف التقنيين. ويصعب ان يخطر بالبال ان اغتيال عالم واحد مهما تكن قدراته ورتبته سيكون ضربة حقيقية للمشروع كله تسبب له تأخيرا كبيرا. ان المشروع الذري الايراني قد اجتاز منذ زمن المرحلة التي يستطيع فيها مصير شخص ما ان يؤثر في مصير المشروع كله.
هذا الى انه لا ينبغي فقط ان نأمل ان تؤخر اغتيالات أفراد المشروع كثيرا أو تفضي بقادة المشروع الى تعديل أغراضه السياسية الاستراتيجية بل العكس. فمن شبه المحقق ان الاغتيالات ستفضي الى نتيجة عكسية فهي ستعزز فقط التصميم الايراني على الاستمرار بلا احجام.
ولمنع هبوط الروح المعنوية بين العلماء، سيصنع الايرانيون كل شيء ليكسبوا الثقة بوعدهم بأن يأتي الانتقام حتما.
اذا كانت اغتيالات في جانب فيجب ان نفترض ان توجد محاولات اغتيال في الجانب الآخر ايضا، واذا لم توجد حصانة للعلماء الايرانيين فلن تكون حصانة ايضا لعلماء من دول يُشك في أنها تنفذ الاغتيالات. وفي حين امتنع الايرانيون في الماضي على نحو ظاهر بالقاء التبعة على دولة ما فان الادارة والاعلام هذه المرة أشارا خلال ساعات الى اسرائيل والولايات المتحدة على أنهما المسؤولتان عن الاغتيال ووعدا بالانتقام.
ابتهجت اسرائيل في الحقيقة لسماعها بالاغتيال، لكن من المثير ان نعلم ماذا كان رأي كبار الجماعة العلمية في البلاد ولا سيما علماء الذرة، في اغتيال علماء يتولون مناصب في مؤسسات اكاديمية معروفة (فلأكثر العلماء الكبار في البرنامج الذري الايراني وظائف في الجامعات ايضا). لا شك في انه كانت عندهم تحفظات على الحكمة في توسيع حرب الظلال الى نطاق العلماء.
ان من يجعل اغتيال العلماء في طهران مشروعا يُعرض للخطر الأمن الشخصي لعلماء من الجانب الآخر. وقد تفضي المرحلة القادمة من حرب الاغتيالات الى ان تصبح مؤتمرات علمية دولية ساحات اغتيال.
من الممكن جدا ان تكون أضرار الاغتيال أكبر من فائدتها بكثير.
المصدر:قناة العالم الاخبارية