• عدد المراجعات :
  • 1591
  • 1/14/2012
  • تاريخ :

مدينة حلب - موقعها وتكوينها

مدينة حلب - موقعها وتكوينها

موقعها

تقع حلب في شمال سورية في منتصف الطريق بين ساحل البحر المتوسط ونهر الفرات على خط عرض 36 وطول 63، وتعلو عن سطح البحر 390 متراً تقريباً. وهي تنبسط اليوم على ضفتَي نهرٍ صغير ينبع من منحدرات جبال طُوروس في الأناضول اسمه نهر « قويق »، وكان يطلق عليه سابقاً اسم نهر « خاليس » KHALYS. أمّا أهمية النهر الكبرى في العصور الغابرة فكانت لقدسيّته ونسبته للآلهة السورية الشهيرة أتارغاتيس، ATARGATIS، وموقع حلب جعلها تسيطر على الممرّات الطبيعية المجاورة لها، وأهمها:

( أ ) طرق وادي نهر الأسوَد، بين جبال الأمانوس وجبال الأكراد، وهي تؤدي إلى ثغرات جبال طوروس ومنها إلى الأناضول.

( ب ) ممرات بِيلان ( الأبواب السورية )، ووادي العاصي، والنهر الكبير، المؤدية إلى البحر المتوسط.

( ج ) ممرات برجيك وجرابلس وقلعة نجم وتل أحمر، المسيطرة على نهر الفرات العظيم.

( د ) السهول المتصلة بوادي الفرات والمؤدية إلى ما بين النهرين والخليج العربي.

( هـ ) السهول المؤدية إلى أواسط سورية وفلسطين ومصر عبر وديان العاصي والشريعة والبحر الميّت.

تكوينها الجيولوجي

تقوم حلب على طبقة الصخر الحوّاري المسمّى بالسينوني (NIENNe ـ SINON )، تغطّيه في بعض المواقع قشرة من الصخور القوية التي تعود إلى العهد الميوسيني ( MYOCENE ) في وادٍ قليل العمق، تحيط به هضبات قليلة الارتفاع. كما أن فيها مرتفعات هامة ساعدتها على النمو والدفاع، ففي الشمال يقع جبل العظام الذي يبلغ ارتفاعه 430م، والجبل الأحمر ويبلغ ارتفاعه425م، وجبل الغزالات وارتفاعه 420م. وفي الوسط مرتفع الجبيلة وعلوّه ( 405 م )، والبياضة وعلوّه ( 399م )، وأخيراً قلعتها الشامخة المشرفة على المدينة وتعلو ( 440م ). أما في الجنوب فهناك مرتفع قلعة الشريف ( 400م )، وباب المقام والمغاور والكلاسة.

مناخها

يتميز مناخ حلب بأنه قارّي وجافّ بصورة عامة، وقد تبلغ درجة حرارة فصل الشتاء 15م نهاراً و 5م ليلاً. أما في فصل الصيف فتزيد عن ذلك كثيراً، إذ تصل إلى 35م نهاراً وإلى 20م ليلاً. ومع هذا كله، فهواؤها جافّ ولطيف يضفي على مناخها انتعاشاً خاصاً، أمّا خريفها وربيعها فهما قصيران.

حلب في التاريخ

إن الحضارات المتعاقبة على مدينة حلب، خلّفت لها آثار تاريخية مهمة، وعلى الأخص الإسلاميّة منها، والتي تجعلها في مصافّ أعظم المدن الإسلاميّة من حيث العمران وفن الريازة العربية. وقلّ أن نجد مدينة في الشرق الأوسط تضاهي حلب بما تحتويه من الآثار الإسلاميّة التي تعتبر مثالاً واضحاً لدراسة فن الريازة. وهي تأتي من حيث الأهمية بعد القاهرة إن لم تكن تضارعها. فالقدس وإستانبول وقُونية ودمشق مدن ازدهرت لفترة زمنية محددة لأنها لا تتجاوز الثلاثة القرون، لكنها لم تحافظ على مميزاتها العمرانية لأنها كانت في أكثر أيامها عرضة للتأثير الأجنبي. أمّا حلب فتعطينا سلسلة متواصلة الحلقات من الآثار المدنية والدينية والعسكرية منذ نهاية القرن الخامس الهجري ( الحادي عشر الميلادي ) حتى يومنا هذا.

لم تبرز مدينة حلب في فترة ما قبل الإسلام، كما برزت في عهد الحمدانيين والمرادسيين، حيث نالت شهرة واسعة وأهمية كبيرة كما غدت في عهد السلاجقة ـ بسبب وقوعها على تخوم بلاد ما بين النهرين ـ مركز سياستهم في الشرق.

وفي نهاية القرن السادس الهجري ( الثاني عشر الميلادي ) ابتدأت نهضة المدينة على الرغم من الغزو التتري الكاسح في عام 658 / 1260هـ، ذلك الغزو الذي خلّفها خراباً مدة ربع قرن. ولعبت في عهد الملك الظاهر بيبرس دوراً تجارياً كبيراً لتجارات إيران والهند، كما كانت الثغر الإسلامي الثاني بعد القسطنطينية وأزمير، واشتهرت أسواقها وخاناتها بعظمتها وتعددها.

مدينة حلب - موقعها وتكوينها
مقام رأس الحسين(ع) في حلب

وهكذا صارت حلب تحتوي على عدد كبير من الأبنية الدينية والعمائر المدنية والثكنات العسكرية التي تتكون منها مجموعة لا تُقدَّر لدراسة تاريخ الحياة الاجتماعية في الشرق الإسلامي. الرحّالة ابن بطوطة ( 704 ـ 778م / 1303 ـ 1377هـ ) في كتابه « تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار » يقول: إن حلب تصلح أن تكون مركزاً للخلافة ولا عجب في ذلك، لأنها كانت ولم تزل تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي مهم جعلها تتمتع بأقصر طريق تجاري يصل بين الغرب والشرق الأقصى.

هذا فضلاً عن أهميتها الصناعية، ويكفي أن نذكر صناعاتها الحريرية الثمينة، ومهندسيها البارعين الذين أسهموا في صنع المنبر الجميل المنتصب في المسجد الأقصى والمصنوع من أرز لبنان والمرصّع بالعاج والصدف النادر، فقد تعاون في صنعه ابن ظافر الحلبي وحميد بن ظافر وسليمان بن معالي وفضايل وأبو الحسن ولدا يحيى الحلبي.

كما نعمت حلب بعصر أدبي وعلمي رائع في عهد بني حمدان ( بلاط سيف الدولة الحمداني )، وفي مطلع القرن الثامن عشر الميلادي أُنشئت في حلب أول مطبعة عربية.

عُرف الحلبيون بأنهم نشيطون هادئون، فعلاقاتهم التجارية والثقافية والحضارية هي أبعد من منطقتهم أو إقليمهم؛

 إذ أن حلب مدينةُ التقاء حضاراتٍ مختلفة، تلاقت فيها الحضارة السامية بالحثيّة والحضارة العربية الإسلامية بالحضارة البيزنطية والشرق بالغرب على الصعيد التجاري أيضاً. فحلب تقع على محور تجارة البحر المتوسط، ومنفذها على البحر مزيّة حيويّة خاصة بالنسبة إلى تجارتها مع الحوض الغربي لهذا البحر.

اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان

المصدر: ( الموسوعة الإسلامية الشيعية 323:6 ـ 327 )


الشيعة في بلاد الشام

التشيّع في آذربيجان وآسيا الوسطى

التشيّع في شمال أفريقية

التشيّع في تركيا

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)