• عدد المراجعات :
  • 1965
  • 10/30/2011
  • تاريخ :

الملائكة تصافح العارف بفضل  الغدير

الملائكة تصافح العارف بفضل  الغدیر

الدرجات الرفيعة

روي عن الإمام الرضا سلام الله عليه أنه قال:

«لو عرفَ الناسُ فضل هذا اليومِ بحقيقتهِ لصافحَتْهُمُ الملائكةُ في كلِّ يومٍ عشْرَ مرّاتٍ»(1).

يقول الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه: «إنّا لأُمَراءُ الْكَلام»(2).

وهذا يعني أنّهم سلام الله عليهم يختارون كلماتهم بدقّة ولا يطلقونها جزافاً، فينبغي الوقوف عند كلّ كلمة وحرف من كلامهم.

وإذا تأمّلنا في هذه الرواية عند قول الإمام الصادق سلام الله عليه: «لَو عَرفَ النَّاسُ» ورجعنا إلى قواعد اللغة العربية واستعمال «لو» فيها لأدركنا معنى هذا الكلام فإنّ «لو» حرف امتناع، وهو يستعمل في الموارد المستحيلة، وهذا يعني أنّ معرفة الناس فضل هذا اليوم حقّ المعرفة أشبه بالمستحيل بل هو مستحيل لعامّة الناس، فالمقصود بالمعرفة هنا المعرفة الحقّة الكاملة وليس المعرفة حسب السعة للأفراد، قال سبحانه وتعالى:

(أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا)(3).

وهذا التعبير في شأن وعظمة يوم الغدير تعبير قلّ نظيره؛ إذ لم يرد في موضع آخر أيّ رواية تشير إلى مصافحة الملائكة للعباد.

إنّ المصافحة تعبير عن الاحترام والتقدير وإظهار للمحبّة والميل؛ ومن جهة أخرى فإنّ الملائكة ليسوا كبني آدم، فهم لا يتصرّفون بمحبّة مع كلّ أحد هكذا اعتباطاً؛ وذلك لأنّ ملاكاتهم إلهية، ومن ثمّ فهم لا يعصون الله أبداً. يقول الله تعالى في وصفهم: (لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ)(4).

وكما أنّ الأنبياء والرسل والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يد الولاية لمن لا يحبّون الله ولا يحبّهم الله تعالى فكذلك الملائكة لا يصافحون أحداً اعتباطاً، وهذا يعني أنّ من يصافحه الملائكة يكون قد بلغ درجة رفيعة من المعرفة.

ولكي ندرك الدرجة التي بلغها العارف بفضل يوم الغدير، لابدّ من التمعّن في هذه الرواية؛ فإنّ الملائكة لو بجّلت شخصاً مرّة واحدة في الشهر بل في السنة، فهذا يعني الشيء الكثير، فكيف إذا صافحته في اليوم عشر مرّات!

إنّ بعض الناس قد لا يزور أقرباءه وأصدقاءه حتى ولو مرّة واحدة في السنة، فإذا كانت علاقتنا قوية بمن نزوره فربما زرناه في الشهر مرّة، أو إذا زادت علاقتنا زرناه في الأسبوع مرّة، وربّما زرنا بعض الأشخاص المقرّبين الودودين الينا في اليوم مرّة وصافحناهم. فإذا كان الشخص خليلاً أميناً وحافظاً لسرّنا، فربما لقيناه في اليوم الواحد عشر مرّات وأظهرنا له ما نكنّ من حبّ وعلقة.

هنالك رواية تقول إنّ أرواح الأنبياء تزور محبّي آل محمّد صلى الله عليه وآله وأنّه تصافحهم الملائكة(5)، ولكن هناك فرق كبير بين الروايتين، لأنّ مصافحة الملائكة وفي كلّ يوم عشر مرّات قضية استثنائية تماماً.

وهذا يعني أنّ معرفة فضل يوم الغدير بالنحو الكامل أعلى بكثير من سعة إدراكنا، ويكون معنى الحديث: لو فرضنا أنّ أحداً عرف قدر يوم الله الغدير كما هو في الواقع لصافحته الملائكة كلّ يوم عشر مرّات.

ولبيان عظمة منزلة العارف بقدر وعظمه الغدير نقول: لو أنّ العارف لفضل يوم الغدير حقّاً قد عمّر 83 سنة ولنفرض أنّه بلغ هذه المعرفة وهو في العشرين من عمره، فإنّ الملائكة كانت تصافحه كلّ يوم عشر مرّات خلال 63 سنة أي أنّها صافحته حوالي 229550 مرّة، وهذا يدلّ على عظمة ورفعة مكانة هذا الشخص، وأعظم بها من منزلة.

وهذا معناه أنّ الملائكة تصافح العارف بفضل هذا اليوم ضعف عدد الصلوات اليومية. فلو عمّر مثل هذا الإنسان مئة عام فإنّ لكلّ يوم من أيّام عمره مثل هذا التوفيق، بأن تصافحه فيه الملائكة، ومهما تكن آثار هذه المصافحة وبركاتها المعنوية فهي عظيمة بلا شكّ.

تضاعف الأجر والثواب

• لقد تحدّث الإمام السجّاد سلام الله عليه عن رحمة الله تعالى في شهر رمضان المبارك وليلة العيد فقال:

«إن لله عزّ وجلّ في كلّ ليلةٍ من شهر رمضانَ عندَ الإفطار سبعين ألف ألف عتيقٍ من النار، كلٌّ قدِ استوجَبَ النارَ، فإذا كان آخرَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ أعتقَ فيها ما أعتَق في جميعِه»(6).

ولكن لنستمع إلى ما رُوي عن الإمام الرضا سلام الله عليه بشأن يوم الغدير، حيث قال:

«ويُعتَقُ في يومِ الغديرِ منَ النارِ ضِعْفَ ما أُعتِقَ في شهرِ رمضانَ وليلةِ القدرِ وليلةِ الفطر»(7).

وهذا الأمر يدلّ على المكانة الرفيعة للغدير عند الله تعالى.

• وروى الشيخ الطوسي في التهذيب، عن الإمام الرضا سلام الله عليه، عن آبائه سلام الله عليهم عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال:

«الدِّرْهَمُ فيهِ ـ أي في عيد الغدير ـ بِألفِ ألفِ دِرْهَم»(8).

ولو وضعنا هذه الرواية إلى جانب الرواية التي تقول: «الدَّالُّ عَلَى الخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»(9)، فسنحصل على نتيجة مهمّة وهي أنّ الإنسان المؤمن وإن لم يكن قادراً على التصدّق في يوم الغدير، فإنّه يستطيع الحصول على ذلك الأجر من خلال دعوته الآخرين وحثّهم للقيام بهذا العمل بأيّ نحو كان، ولا شكّ أنّ إعطاء هذا الثواب لا يُنقص من كرم الله تعالى:

«لاَ تَزيدُهُ كَثرةُ العَطاءِ إلاّ جوداً وكرَماً»(10).

الجدير بالذكر أنّ كلّ الروايات التي نقلناها عن الغدير والمثوبات الإلهية العظيمة فيه كانت تتعلّق بأداء «عمل» خاص فيه بنحو ما، إلا هذه الرواية فإنّ الثواب الإلهيّ المذكور فيها ليس سببه أداء عمل خاصّ بل إنّه أجر وعطاء على «معرفة» عظمة وفضل ذلك اليوم.

إنّ فهم هذه الرواية ليس بالأمر الهيّن، ومن المناسب أن يبحث العلماء والفضلاء في هذا الباب كثيراً وأن يضعوا ما يتوصّلون إليه بين يدي طلاّب معارف أهل البيت عليهم السلام.

المصادر:

(1) إقبال الأعمال لابن طاووس: ص468، فضل يوم عيد الغدير.

(2) نهج البلاغة، ص354، دار الهجرة للنشر، قم المقدّسة.

(3) سورة الرعد، الآية: 17.

(4) سورة التحريم، الآية: 6.

(5) مئة منقبة، للقمّي: ص66.

(6) وسائل الشيعة: ج10، ص317، ح13502، باب18 تأكد استحباب الإجتهاد في العبادة.

(7) تهذيب الأحكام، ج6، ص24، ح9، باب7 ـ فضل زيارته سلام الله عليه.

(8) تهذيب الأحكام، ج3، ص143، باب7 ـ صلاة الغدير، ح1.

(9) من لا يحضره الفقيه، ج4، ص380، رقم 5813.

(10) تهذيب الأحكام، ج3، ص108، باب5، دعاء أول يوم من شهر رمضان المبارك.

(11) وقال بعض بحرمته فيما ذهب قليلون الى استحبابه.

(12) بحار الأنوار، ج95، ص322، باب4، أعمال يوم الغدير ـ 6.


أمير النحل 

علي عليه السلام مثال في الزهد 

علي في حرب أحد 

أن الله اختار النبيّ وعلياً (عليهما السلام)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)