دورالمرأة والتأثيرها في تنمية المجتمع
ما أكثر ما تثار قضايا وشعارات حقوق المرأة في الإعلام العربي والعالمي بين من يرى أن الإسلام انتقص من حقوقها ولم يعطها حق الشراكة مع الرجل في أدواره، وبين من يرى أن المرأة غير قادرة على تسلم دور قيادي في المجتمع لعدم امتلاكها صفات القيادة اللازمة لتسنم الدور المطلوب. فأصبحت المرأة في العالم رسالة دعائية مدفوعة الثمن تستخدم للإغراء والتأثير على الجنس الآخر، لذا نجد الاستغلال السيئ للمرأة في وقتنا المعاصر لتقديمها كمادة تجارية لجذب الزبائن والمشاهدين في الإعلام.
وإذا كانت المرأة تمتلك كل هذا الإغراء والتأثير، فهي لا تقل تأثيراً في الجانب الكلامي والخطابي، إلا أن كل ذلك التأثير لم يستخدم ضمن القنوات الصحيحة في إشهار سلاح الكلمة الأنثوي لأجل الحصول على الحقوق والمشاركة الاجتماعية والتربوية الفاعلة.
يعرض التاريخ الإسلامي لنا نماذج لثلاث من النساء كان لهن الدور الكبير في الحفاظ على الإسلام وترسيخه وإشاعة عدد من المفاهيم والأدوار التي يمكن للمرأة القيام بها، فكانت خديجة (سلام الله عليها) المرأة التي مولت الدعوة الإسلامية مالياً وبإدارة حكيمة من رسول الله (ص).
أما النموذج الثاني فكان السيدة الزهراء(ع) التي استخدمت الخطابة والبلاغة في مطالبتها بفدك وبحق أمير المؤمنين (ع) في قيادة الأمة واتخاذها لبيت الأحزان والسدرة مكاناً لرفض الظلم ما يمثل نموذجاً للمعارضة السلمية الجريئة مضافاً إلى دورها الفاعل في تعليم وإرشاد نساء الأمة وتربيتها لأبنائها التربية المثلى.
أما السيدة زينب (ع) فهي كانت ثورة لفضح الزيف والظلم والطغيان والتعريف بالقيم التي انسلخ منها الناس.
حيث كانت مسؤولية التبليغ والإعلام ما بعد الثورة الحسينية من مهام العقيلة زينب (ع)، فثورة الحسين (ع) ومفاهيمه ابتدأت بالانتشار بعد شهادته وأنصاره عام 61هـ ولولا صوت الإعلام الزينبي لحُرفت الواقعة وصارت القيم اليزيدية هي الحاكمة على قيم الإسلام. فحملت (ع) المسؤولية السياسية والدينية لفضح الظالمين وقيمهم بشجاعة وتضحية دون انهزام وحُماتها من الرجال الأشداء كلهم مجزرين أمام ناظريها وهي في هجرة عنهم شاهرة اللواء الذي استشهدوا جميعهم من أجله.
استعملت السيدة زينب (ع) سلاح الإعلام أينما حلت مستثمرة حالة الحشود التي تستقبلهم على أنهم خوارج، فبمجرد دخولهم الكوفة وبخت (ع) أهل الكوفة على موقفهم الغادر الذي استصرخوا فيه سيد الشهداء (ع) للقدوم ليبدأ غدرهم بسفير الحسين مسلم بن عقيل بن أبي طالب (ع) مما جعل الرأي العام يعيش الاضطراب والندم، حيث أصبح" الناس بعد خطابها حيارى، واضعي أيديهم على أفواههم،... شيخاً قد دنا منها يبكي حتى أخضبت لحيته وهو يقول: بأبي أنتم وأمي، كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونسلكم لا يبور ولا يخزى أبداً، ورأى الإمام زين العابدين (ع) الوضع الراهن لا يساعد على استمرارها في الخطاب، فقطع عليها خطبتها قائلاً: اسكتي يا عمّة فأنت بحمد الله عالمة غير معلَّمة، وفهمة غير مفهمة"(1).
وفي خطابها في مجلس يزيد وفضحه نموذج آخر من نماذج الوقوف بوجه الظلم والتحدث بفصاحة وبلاغة عميقة وفضح من يعتبر نفسه حاكماً على المسلمين، حيث تفضح يزيد في مجلسه في الشام وتقرعه،
كما تستصغره بقولها (ع):
" إني لاستصغر قدرك واستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك" إلى أن توصله إلى نتيجة: " وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".
ولو عرضنا تلك القياديات للعالم وعرفنا بدورهن في الإسلام لاتجه الغرب قبل الشرق لمعرفة أحوالهن وعُرف أن الإسلام أعطى فرصاً كبيرة للمرأة لإثبات الذات في ممارسة القيادة وإدارة زمام الأمور. فامرأة كالعقيلة زينب (ع) في الخمسين من عمرها وبهذه الدرجة من التحمل لاستلام الدور القيادي بعد شهادة أخيها الحسين (ع) أقيضت دولة العدل في ضمائر الناس المسلوبة وأصبحت حُجة على كل النساء والشابات منهم بالخصوص للانخراط في العمل الاجتماعي والتبليغي.
و"من يتأمل نضال السيدة زينب، وأدوارها الرسالية العظيمة، يكاد يغفل عن أنّ لها أبناءً كانت تتحمّل مسؤولية رعايتهم وتربيتهم، لتكون العقيلة زينب (ع) قدوة كاملة متكاملة للمرأة المسلمة الطموحة، والتي تقوم بكلّ الأعباء والمهام العائلية المنزلية، والدينية الاجتماعية".
فالمرأة اليوم مطالبة للقيام بعدة ادوار أكثر من ذي قبل خاصة وأن نداءات المطالبة بحقوقها من قبل الغرب وحتى من قبل المسلمين في ازدياد متكرر.
ومن خلال سيدات الإسلام الأُول تبرز بعض الأدوار المطلوبة من المرأة ومنها:
1- المشاركة المالية لدعم المشاريع الاجتماعية وخاصة من قبل أولئك اللاتي لديهن موروث مالي أو استثماري فيكون العمل مشتركاً بين الرجل الذي يتابع سير العمل وبين المرأة التي هي القاعدة الأساس لإرفاد المشروع مالياً.
2- التأسيس لثقافة الحقوق والمطالبات مع مختلف الجهات ذات المسؤولية واتخاذ القرار في الأمة للحصول على الحق وبث الروح فيه ليبقى حياً في نفوس أصحابه.
3- الاهتمام بالخطابة باستخدام الأساليب المؤثرة وتعلم الفصاحة والبلاغة لتظهر قوتها في الخطاب ويكون الهدف إعداد خطيبات وحقوقيات وناشطات لديهم القدرة على الحديث ومخاطبة الآخر بقوة الحجة والدليل.
4- إعداد القياديات القادرات على إدارة الأمور والتصرف بمنطق الحكمة والصبر وفق ما تقتضيه الظروف والمتغيرات، فلا يستسلمن للظروف ولا يتراجعن عن التقدم نحو التميز والإبداع.
5- إشاعة حياة أسرية مستقرة وتربية أبناء صالحين يؤدون دوراً اجتماعياً لتكون الأم نواة هذه الأسرة والأصل في احتوائها وتوجيهها.
فعلى النساء اليوم البحث والتنقيب المعمق في القيادات النسائية ونشر المبادئ التربوية والأخلاقية التي كفلت لهن حقوقهن وجعلتهن قائدات إلى جانب الرجال، ولا يكفي مجرد البحث بل من اللازم تأليف الكتب والنشر في هذا المجال من أجل تقديم نماذج يعتمد عليها في الأخذ بها واقتفاء آثارها.
الأم مدرسة الأجيال وصانعة الرجال
فقدان الشريك.. أصعب تجربة تواجهها المراة الزَوجَة حِينَما تصبحُ أمَّاً
مكانة الأم فى الإسلام