ابنتي تذكري أنك أنت جوهرة ثمينة
ابنتي العزيزة الغالية ..
لا شك أنك تدركين جيداً مكانتك التي لا تقدر بثمن لدى أسرتك وخصوصاً عند أبويك الحنونين، لأنك جوهرة ثمينة نادراً ما تتكرر، بل ربما لا تتكرر.. فأنت الحسنة (1) التي مَنَّ الله بها على والديك، وأنت الحاضر المزدهر بالنبل والطهر والعفاف... والمستقبل الواعد بالكرامة والعدالة والحرية، أنت غداً أو بعده الزوجة المتقنة لحسن التبعل (2)، أنت في المستقبل من تنجبي (3) الأبطال والنبلاء، وتربي العلماء والعظماء، أنت.. وأنت .. وأنت الأس والأساس في بناء طالما تطلعنا له وعملنا من أجله، فأنت وإلى جانبك الرجل (الجد، الأب، الأخ، الزوج) تبني:
1- الإنسان الرسالي المطيع لله ولرسوله (ص) ولأهل بيته (ع).
2- الأمة المؤمنة التي قدم من أجلها الرسل (ع)، والأئمة (ع)، والمصلحون طوال التاريخ كل غال ونفيس، وعملوا لتكوينها وبنائها.
3- الحضارة الإسلامية التي بناها الآباء والأجداد وضيعها الجهال وأصحاب المطامع والشهوات. ثقي بنفسك وقدراتك: أنت يا عزيزتي تمتلكين الكثير الكثير من المواهب والقدرات والطاقات، وما عليك إلا أن تكتشفيها وتعملي على تنميتها وتطويرها، فهي مفتاح شخصيتك، والمدخل إلى المكونات الأصيلة التي تصوغ هذه الشخصية المعدة لحمل الأمانة (4).
وأنى لك ذلك إذا لم تثقي بنفسك ولم تعترفي بقدراتك ولم تكتشفي طاقاتك؟
أنى لك حمل الأمانة إذا لم تتمتعي بشخصية إيمانية صلبة تسير حيث يأمر الحق وتقف حيث ترى الباطل؟
أعتقد أنك يا عزيزتي بما تحملين من وعي لما يدور حولك أنت.. وحول مجتمعك وأمتك، وبما تحملين من ثقافة رسالية أصيلة، وولاء لمحمد وآل محمد(ص) ولمن سار على نهجهم من العلماء الربانيين .. أنت قادرة على صياغة شخصيتك كما أرادها الله وللدور الذي أراده الخالق لها.
العقل والرسالة والاختيار
العقل (5) والرسالة (6) والقدرة على الاختيار (7) نعم إلهية كبرى أنعم الله سبحانه وتعالى عَلَّيَّ وعليك وعلى بني البشر كافة، وعليك أن تتعاملي معها كما أراد المنعم جل شأنه.
وعليك أن تعلمي أن التفريط في أي منها يعني الانحدار نحو الهاوية، بينما التمسك بها يزودك بالحكمة في التعاطي مع الحياة وضغوطاتها، والصلابة أمام الشهوات والأهواء وشباك الشيطان الرجيم وجنوده.
ضغوط الحياة
أنت وأمثالك من الفتيات يتعرضن لضغوط شتى وخصوصاً في عمر التكامل والسير نحو النضج والرشد، وهنا محل الابتلاء والاختبار والامتحان... إنني واثق من أنك قادرة على تجاوزه بيسر وسهولة، وواثق أيضاً أنك ستحققين أعلى المراتب وستأخذين التفوق بجدارة.
ألست أنت المعتصمة بحبل الله؟ وقد قرر الباري عز وجل أن الاعتصام به سبحانه يهدي إلى صراط مستقيم لا محالة.
قَالَ تَعَالَى: (وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) سورة آل عمران(101).
وألست أنت المؤمنة بالله؟ إذاً فتأكدي أنك محظوظة جداً.. لأنك دخلت في دائرة الفلاح والنجاح.
قَالَ تَعَالَى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(11)) سورة المؤمنين.
ومن يكون حالها كذلك فعليها أن تعلم علم اليقين أن ضغوط الحياة لو اجتمعت كلها فلن تأخذ منها شيئاً، ولن تثنيها عن طريق الحق والهدى والرشاد.
إن من تتسلح بالإيمان وتنتهج الحق وتتوكل على الله وتثق بإرادتها وقدرتها على مواجهة الصعاب والضغوطات فإن سلطانها النابع من سلطان الدين هو الأقوى دائماً وهو المنتصر.
وحينها تتراجع الضغوطات، وتتقهقر الملذات والمغريات، ويولي الشيطان الدبر معلناً عجزه من أن ينال من مؤمن أو مؤمنة.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ(41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ(43)) سورة الحجر.
الهوامش:
1- إشارة إلى ما روي عن الإمام الصادق(ع): (الْبَنَاتُ حَسَنَاتٌ وَ الْبَنُونَ نِعْمَةٌ فَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى الْحَسَنَاتِ وَيُسْأَلُ عَنِ النِّعْمَةِ ). الكافي ج 6 ص 6.
2- ورد عن النبي (ص): (جِهَادُ المَرْأَةِ حُسْنُ التَّبَعُّلِ) مستدرك الوسائل ج 8 ص 8.
3- ورد عن رسول الله (ص) قوله: (إِنَّ خَيْرَ نِسَائِكُمُ الْوَلُودُ) وسائلالشيعة ج 20 ص 28.
4- إشارة إلى قوله تعالى: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (72) سورة الأحزاب
5- ورد في وصية من وصايا النبي (ص) إلى الإمام علي(ع) قوله: (يَا عَلِيُّ إِنَّ أَوَّلَ خَلْقٍ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلُ. فَقَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ. فَقَالَ: وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ بِكَ آخُذُ وَبِكَ أُعْطِي وَبِكَ أُثِيبُ وَبِكَ أُعَاقِبُ). من لا يحضره الفقيه ج 4 ص368.
6- قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (158) سورة الأعراف
7- (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُورا(3)) سورة الإنسان
طريقة التعامل مع المراهقة
مشاكل المراهقة
نصائح للمراهقين لإكتساب الثقة بالنفس
دور الأسرة في تنشئة الفتاة
الوصايا الاساسية لعلاقة الاهل بالمراهق