استخدام اليد اليسرى.. لغز علمي يدرسه العلماء
هناك بعض المتلازمات النادرة التي ينعكس فيها عدم التناسق العادي للأعضاء، وأنا أتذكر كيف كان الأمر مقلقا في المرة الأولى التي فحصت فيها طفلا لديه قلب على الجانب الأيمن، وسمعت قلبه يدق في أماكن غير متوقعة. ولكن عندما يتعلق الأمر بمسألة استخدام يد واحدة أكثر من الأخرى، وهو عدم تماثل بشري أساسي آخر، يعكس تركيبة ووظيفة المخ، يكون النمط المنعكس فيه شائعا بشكل نسبي، ولكل هذه الأسباب، يكون غير مفهوم بشكل سهل.
لغز اليد اليسرى
على مدار عقود، اتهم مستخدمو اليد اليسرى بالإجرام والتعامل مع الشيطان، وخضع الأطفال لعملية «إعادة تربية». وفي السنوات الأخيرة، اختفت هذه الوصمة بشكل كبير؛ وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان أربعة من آخر سبعة رؤساء أميركيين يستخدمون أيديهم اليسرى.
وترتبط سيطرة اليد (سواء أكانت يسرى أم يمنى) بوجود تباين وعدم اتساق في المخ.
ولكن يبقى اللغز فيما يتعلق بمسألة استخدام اليدين قائما. وتبقى نسبتها ثابتة ومتسقة بمرور الوقت، حيث يستخدم 90 في المائة من الناس تقريبا أيديهم اليمنى، بينما يستخدم 10 في المائة منهم أيديهم اليسرى.
وقالوا علماء الجينات تعرفوا على متغير وراثي يرتبط باستخدام اليد اليسرى. وترتبط سيطرة اليد (سواء أكانت يسرى أم يمنى) بوجود تباين وعدم اتساق في المخ. وأفادوا هولاء العلماء بأن «هذا الأمر ليس مفهوما على الإطلاق؛ ونحن فعلا في البدايات الأولى لفهم ما الذي يجعل المخ غير متسق».
ورغم وجود تباينات المخ في أقرب الحيوانات الثديية شبها بالإنسان، يبدو أن هناك إجماعا عاما على أن المخ البشري أكثر تباينا بشكل عميق، وأن فهم هذا التباين سوف يظهر لنا الكثير من المعلومات عن هويتنا والطريقة التي تعمل بها عقولنا.
تناظر المخ
إن عملية تناظر المخ، أي توزيع الوظيفة إلى نصف الدماغ الأيمن والأيسر، مسألة حيوية لفهم اللغة، وذاكرة التفكير وحتى ربما الإبداع. ولعدة سنوات، كان ينظر إلى استخدام اليد على أنه يمثل دليلا محتملا، وقرينة خارجية على التوازن في الدماغ بين الجانب الأيسر والأيمن.
وبالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليمنى، يكون نشاط اللغة على الجانب الأيسر في الغالب. ويمتلك الكثير من الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى أيضا سيطرة لغوية على الجانب الأيسر، ولكن عدد كبير من الأشخاص يتوزع لديهم النشاط اللغوي بشكل متساو في كلا نصفي الدماغ أو بشكل مسيطر، من ناحية أخرى، على الجانب الأيمن من الدماغ.
وتنتشر عملية استخدام يد دون أخرى بشكل واضح في العائلات والأسر. وتعرفت ورقة بحثية صدرت في عام 2007 من قبل مجموعة في جامعة أكسفورد على جين يعرف باسم «LRRTM1» كانوا قد اكتشفوه في إطار دراسة حالات أطفال مصابين باضطراب صعوبة القراءة، والذي اتضح أنه يرتبط مع تطور سيطرة استخدام اليد اليسرى.
ويتذكر العلماء: «نحن لا نبحث عن جين يرتبط بسيطرة استخدام يد دون أخرى أو جين يرتبط بمرض انفصام الشخصية. ولكننا نبحث عن علاقات بالغة الدقة». وأفاد هولاء العلماء بأن الجين يؤثر على الطرق التي تتواصل بها الخلايا العصبية بعضها مع بعض، ولكن آلياتها لا تزال تحتاج إلى دراسة.
هولاء العلماء إن «سيطرة اليد تمتلك أساسا وراثيا، ولكنها عملية معقدة مثل الصفات المعقدة الأخرى مثل الطول والوزن. وليس هناك جين واحد يقود إليها. وهناك مكون بيئي قوي أيضا. إنها مشكلة صعبة جدا».
ويهتم علماء الوراثة البشرية والأعصاب والطب النفسي في كلية الطب بجامعة كاليفورنيا بمدينة لوس أنجليس بدراسة العلاقات بين اللغة وسيطرة يد معينة على اليد الأخرى، والطرق التي يمكن أن تساعدنا على فهم تطور العقل البشري. و
يقول هولاء العلماء إن «سيطرة اليد تمتلك أساسا وراثيا، ولكنها عملية معقدة مثل الصفات المعقدة الأخرى مثل الطول والوزن. وليس هناك جين واحد يقود إليها. وهناك مكون بيئي قوي أيضا. إنها مشكلة صعبة جدا».
وكما هو الحال بالنسبة للصفات الأخرى التي تميل إلى أن يتم تصنيفها في إطار إما/ أو، ربما يمكن أن ينظر إلى مسألة سيطرة اليد بشكل أفضل على أنها منشور طيف يضم الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليمنى أو اليسرى بشكل قوي جدا، ومجموعة من الأشخاص الذين يفضلون استخدام يد واحدة أو استخدام اليد الأخرى، ولكنهم يستخدمون اليد غير المسيطرة بدرجات مختلفة من الراحة والكفاءة.
وأشار هولاء العلماء إلى أن الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى، عموما، يمتلكون عقولا أقل تباينا، مع توزيع متساو بشكل أكبر في نصفي الدماغ. وقالوا: «ربما هناك طريقة أكثر وضوحا من ناحية التصنيف عبر النظر إليهم على أنهم أشخاص لا يستخدمون يدهم اليمنى. وتزيد احتمالات تفوق عدد كبير منهم، وامتلاكهم لقدرات حركية رائعة بيدهم اليمنى».
ولأن سيطرة اليد اليسرى كان ينظر إليها على أنها عنصر رئيسي للتشريح المعقد للمخ، يستمر باحثون في البحث عن - ومناقشة - الروابط المتعلقة بالكثير من الحالات الأخرى، ومن بينها اضطرابات المناعة واضطرابات التعليم واضطرابات القراءة وقلة متوسط عمر الفرد وانفصام الشخصية.
ولم يتضح ببساطة أي منها.. وكانت الفكرة بوجود روابط بانفصام الشخصية مستمرة على وجه الخصوص، ولكن مرض انفصام الشخصية هو اضطراب معقد وربما غير متجانس، وتظهر دراسات لأفراد مختلفين وجود أنماط مختلفة، وتوصلت دراسة أجريت خلال العام الماضي إلى عدم وجود خطر متزايد للإصابة بمرض انفصام الشخصية أو تدهور الإدراك العصبي يرتبط بعدم سيطرة اليد اليمنى.
اللعب يحقق للطفل توازنه النفسي
الحركات العصبية اللاإرادية عند الأطفال وكيفية التعامل معها
هل تشجعين طفلك على الحركة..؟
الإفراط في النظافة يهدد حياة طفلك
أحلام طفلك تكشف أفراحه و احزانه
كيف يتم تشخيص عسر القرأة لدى الاطفال
ما هو السبب الأول لإنجاب الأطفال المنغوليين