الأسرة هي الميدان العملي لتطبيق تعاليم الشعور بالمسؤولية
"إن حرارة الأسرة تسبب تفتح جميع المشاعر والعواطف الراقية الكامنة في نفس الطفل بنفسها، وبذلك يتطبع الطفل منذ حداثته على الصدق والأمانة والشهامة. إن الأسرة هي الميدان العملي لتطبيق تعاليم الشعور بالمسؤولية والوجدان، وإظهار ذلك كله بصورة بارزة ظاهرة أمام عيني الطفل ".
"إن الأسرة التي ينتشر فيها الوفاء والتضحية، الصدق والشهامة في الأقوال والأفعال، الأمانة والشجاعة في العمل، الايثار والتواضع... ترسم نموذجاً صالحاً للأطفال ".
"إن جميع هذه العوامل تتجلى لعيني الطفل بالتدريج خلال حياته، وفي الحين الذي يتلقاها بصورة تلقائية يتطبع عليها بدوره "1.
إن محيط الأسرة مدرسة تستطيع أن تنمي المواهب الكامنة في نفس الطفل، وتعلمه دروساً في العزة والشخصية، الشهامة والنبل، التسامح والسخاء... وغير ذلك من القيم الانسانية العليا، لا روضة الأطفال.
المدرسة الأولى
إن محيط الأسرة مدرسة تستطيع أن تنمي المواهب الكامنة في نفس الطفل، وتعلمه دروساً في العزة والشخصية، الشهامة والنبل، التسامح والسخاء... وغير ذلك من القيم الانسانية العليا، لا روضة الأطفال.
كان الامام علي عليه السلام دون أية مبالغة إنساناً كاملاً، وشخصية مثالية في العالم كله، فلقد ظهرت جميع الصفات الانسانية والملكات الفاضلة على أكمل وجه في هذا الرجل الالهي. إنه معلم مدرسة الانسانية ومثلها الأعلى. فلقد خضع له الصديق والعدو، المسلم وغير المسلم، وكل من اطلع على تاريخه المشرق النير.
هذه الشخصية الالهية الكبيرة نجده يفخر بكل صراحة بالتربية التي تلقاها في أيام طفولته ويتحدث لنا عن الثروة المعنوية الضخمة التي حصل عليها في تلك المرحلة من حياته الشريفة، ويتباهى بمربيه العظيم نبي الاسلام القدير فيقول: "وقد علمتم موضعي من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا وليد يضمني إلى صدره ويكنفني في فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه "2.
... ثم يستطرد فيقول: "يرفع لي في كل يوم علماً من أخلاقه ويأمرني بالاقتداء به "3.
لقد تشبعت جميع الميول العقلية والعاطفية للامام علي عليه السلام في فترة الطفولة في حجر النبي الحنون، فلقد أروى عواطفه بالمقدار الكافي من ينبوع محبته وعطفه من جهة ولقد أعطاه دروساً في الأخلاق وأمره باتباعها من جهة أخرى.
ومن كان في طفولته واجداً لأثمن الذخائر الروحية والمادية من الوجهة الوراثية، ومن ناحية التربية قد تلقى المثل في أطهر أسرة وكان مربيه الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم جدير بأن يكون في الكبر قائد السعادة البشرية وأمير جيش الإيمان والتقوى...
إن الاساليب التربوية العميقة الحكيمة التي اتخذها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع علي عليه السلام قد أحيت جميع مواهبه الكامنة وأوصلته في مدة قصيرة إلى أعلى مدارج الكمال، فلقد تقبل الاسلام في العاشرة من عمره عن وعي وإدراك وعمل على نشر تعاليمه متبعاً في ذلك سيرة النبي ولم ينحرف عن الصراط المستقيم قدر شعرة إلى آخر حياته.
إن الاساليب التربوية العميقة الحكيمة التي اتخذها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم مع علي عليه السلام قد أحيت جميع مواهبه الكامنة وأوصلته في مدة قصيرة إلى أعلى مدارج الكمال
ونموذج آخر للتربية الصالحة نجده في التاريخ المشرق للامام الحسين بن علي عليه السلام فهو غير خفي على أحد. فلقد خلدت القرون المتمادية شهامة الحسين وتضحيته، إيثاره وعظمته في إعلاء كلمة الحق والعدالة، ولم يغب ذلك كله عن أذهان البشرية على مر الأجيال. ولقد تباهى ذلك الامام العظيم كوالده بطهارة أسرته العريقة في أحرج المواقف. وتحدث عن تربية عائلته له آنذاك قائلاً: "ألا وإن الدعي إبن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت "4.
أجل ! فلقد قال الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾(المنافقون:8) والامام الحسين عليه السلام هو نفسه من المؤمنين وهو قائد المؤمنين وعليه يجب أن لا ينصاع لقوى الظلم والبغي. وأما دليله الثاني فهو أنه من أسرة أنفت الذل وأبت الضيم. وكأنه يقول: إني تربيت في حجر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلّم وعلي بن أبي طالب والصديقة الزهراء، لقد نشأت على الشرف والاباء... كان بيتنا الصغير منبع الفضيلة والشهامة، ولم تجد الحقارة طريقاً لها إلى أسرتنا... لقد تربيت في أحضان من عاشوا حياة ملؤها العز والحرية، فكيف أرضى بالذلة والخضوع متناسياً ثروتي العائلية ؟! هذا مستحيل، فلن أبايع يزيد أبداً ولن أخضع لأوامره... 5
----------------------------------------------------------------------
المصادر:
1- ما وفرزندان ما ص 4.
2- نهج البلاغة ص 406.
3- نهج البلاغة ص 406.
4- نفس المهموم ص 149.
5- الطفل بين الوراثة والتربية
الزواج القانوني
الخروج على القانون
تاثيرإنهيار الأسر الشريفة على الأولاد