• عدد المراجعات :
  • 1468
  • 6/5/2011
  • تاريخ :

التفأل بالقرآن

القرآن

معنى التفأل المنهي عنه:

والمراد من النهي عن التفأل بالقرآن كما أفاد العلماء رضوان الله عليهم هو استشراف الغيب بواسطة الملاحظة لآيات القرآن، بأن يفتح أحدهم القرآن فيستنبط منه انَّ زيدًا المريض سوف يُشفى من مرضه أو انَّه سيموت أو انَّ غائبًا سيعود من سفره أو انَّ من سرق الدار كان طويلاً أو انَّ السارق لها صبي أو امرأة أو يستنبط منه انَّه سوف يربح في تجارته أو انَّ رزقًا واسعًا سوف يجنيه أو ان شرًا عظيمًا سوف يقع عليه أو انه سُيكفي غائلته وهكذا.

 فالتفأل بالقرآن يعني استخبار آيات القرآن للوقوف على المغيَّبات سواءً ما وقع منها أو ما سيقع في مستقبل الزمان، وهذا المعنى هو المنهي عنه ظاهرًا من الرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع).

 فالتفأل بالقرآن يعني استخبار آيات القرآن للوقوف على المغيَّبات سواءً ما وقع منها أو ما سيقع في مستقبل الزمان، وهذا المعنى هو المنهي عنه ظاهرًا من الرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع).

 وثمة احتمال آخر لمعنى الرواية أفاده العلامة المجلسي صاحب البحار(1) حاصله انَّ المراد من النهي عن التفأل بالقرآن هو اتخاذ آيات القرآن وسيلة للتفاؤل أو التطيُّر والتشاؤم، وذلك بأنْ اذا سمع أو قرأ آيةً من القرآن اتفاقًا وكان فيها وعد بخير استبشر وحدَّث نفسه بأن خيرًا سوف يناله، واذا سمع أو قرأ آيةً من القرآن اتفاقًا وكان فيها وعيد أو ذكْرٌ لبعض أسماء الظالمين كفرعون وقارون أو ذكرٌ لأسماء بعض الحيوانات كالحمار أو الكلب تشاءم وتتطيَّر وحدَّث نفسه انَّ شرًا سوف يناله.

كما كان يفعل العرب فهم مثلاً اذا اتفق لأحدهم ان صادف في أول النهار غرابًا تشاءم واذا صادف المريض رجلاً وكان اسمه سالمًا تفاءل به وحدَّث نفسه انه سوف يُشفى من مرضه.

 وكذلك اذا صادف أحدهم رجلاً قبيح المنظر أو صادف رجلاً حسن الوجه.

 فالنهي عن التفأل بالقرآن بناءً على هذا الاحتمال معناه النهي عن اتخاذ آيات القرآن وسيلة لاستشعار السعد أو النحوسة.

 ولا يبعد انَّ كلا المعنيين مراد من النهي الوارد عن الإمام الصادق (ع).

 ولعل منشأ النهي عن التفأل بالقرآن الكريم هو انَّ ذلك قد يُفضي إلى سوء الظن بالقرآن الكريم، إذ انَّ المُستنبِط للمغيَّبات من آياته أو المتفائل بالخير من سماع آيةٍ من آياته لو وقع خلاف من استنبطه أو تفاءل به فإنَّه قد يتهم القرآن فيهلك لذلك، فالتفأل بالخير بالمعنى الثاني وهو الاستبشار وتحديث النفس بالصالح من الأمور وإنْ كان مباحًا في نفسه إلا انَّه ينبغي ان لا يكون بالقرآن حتى لا يكون القرآن في معرض الاتهام وإساءة الظن، وأما المعنى الأول فهو من الرجم بالغيب.

والتفأل مختلف عن الاستخارة، وذلك لأنَّ الاستخارة ليس شيئًا آخر غير الدعاء بطلب الخير والتوفيق لما فيه الصلاح، وهي لا تقع إلا على الأمور المباحة بأن يتخيَّر الإنسان أحد فعلين مباحين أو أكثر فيسأل الله تعالى ان يوفِّقه لاختيار أصلحهما إليه، فقد يستجيب الله دعاءه، وقد تقتضي حكمته ان لا يجيب دعاءه، واذا استجاب لدعائه فوفَّقه لاختيار ما فيه صلاحه فانَّه ليس من الضروري ان يكون صلاحه فيما يرغب فقد يوفِّقه لاختيار أمرٍ عاقبته غير مرغوبة للإنسان ولكن صلاحه يكون في ذلك الأمر.

 

 

 الفرق بين التفأّل والإستخارة:

والتفأل مختلف عن الاستخارة، وذلك لأنَّ الاستخارة ليس شيئًا آخر غير الدعاء بطلب الخير والتوفيق لما فيه الصلاح، وهي لا تقع إلا على الأمور المباحة بأن يتخيَّر الإنسان أحد فعلين مباحين أو أكثر فيسأل الله تعالى ان يوفِّقه لاختيار أصلحهما إليه، فقد يستجيب الله دعاءه، وقد تقتضي حكمته ان لا يجيب دعاءه، واذا استجاب لدعائه فوفَّقه لاختيار ما فيه صلاحه فانَّه ليس من الضروري ان يكون صلاحه فيما يرغب فقد يوفِّقه لاختيار أمرٍ عاقبته غير مرغوبة للإنسان ولكن صلاحه يكون في ذلك الأمر.

 فحينما يقع الإنسان في غير ما يرغب وكان ذلك نتيجة اختياره لما وقعت عليه الخيرة فإنَّه ينبغي ان لا يُسيء الظن بربِّه فلعلَّ صلاحه كان فيما وقع عليه من الأمر غير المرغوب أو لعلَّ ذلك نشأ عن عدم استجابةِ اللهِ تعالى لدعائه.

 والمتحصَّل انَّ المنهيَّ عنه هو التفأل بالقرآن بالمعنى الذي ذكرناه، وأما الاستخارة فهي غير مشمولة ظاهرًا للنهي الوارد عن الإمام الصادق (ع).

 

 لا دليل على رجحان التفأّل:

هذا وقد أورد السيد ابن طاووس في كتابه فتح الأبواب ما قد يُتوهم منه رجحان التفأل بالقرآن، فقد نقل عن الخطيب المستغفري انَّه اذا أردت ان تتفأل بالقرآن فاقرأ سورة الاخلاص ثلاث مرات ثم صلِّ على النبي (ص) ثلاثًا ثم قل (اللهم انِّي تفألتُ بكتابك وتوكلتُ عليك فأرني من كتابك ما هو المكتوم من سرِّك المكنون في غيبك ثم افتح الكتاب وخذ الفال من الخط الأول في الجانب الأول. ثم أفاد انَّ ذلك وارد عن النبي (ص)(2).

 إلا انَّ هذا الذي نقله السيد ابن طاووس رحمه الله مضافًا إلى ضعفه السندي فإنَّه غير مذكور في شيء من أصولنا الروائية أو الفقهية على انَّ من الممكن حمله على إرادة الاستخارة، فلا ظهور له في إرادة التفأل بالقرآن بالمعنى الذي ذكرناه.

 الشيخ محمد صنقور

--------------------------------------------------------------------------

المصادر:

1- بحار الأنوار-العلامة المجلسي- ج88 ص244.

2- فتح الأبواب- السيد ابن طاووس- ص156.


الكلمات الأربع

الإعراض عن اللغو

لو زاد اليقين لمشينا على الماء !

الاسلام دين الفطرة

حرمة الغناء في القرآن الكريم

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)