تفسير( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا...)
تفسير سورة الاعراف – الاية 23
قوله تعالى:"قالا ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين» هذا منهما نهاية التذلل و الابتهال، و لذلك لم يسألا شيئا و إنما ذكرا حاجتهما إلى المغفرة و الرحمة و تهديد الخسران الدائم المطلق لهما حتى يشاء الله ما يشاء".
و في تفسير القمي، حدثني أبي رفعه قال: سئل الصادق (عليه السلام) عن جنة آدم من جنان الدنيا كانت أم من جنان الآخرة؟ فقال: كانت من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس و القمر، و لو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا. قال: فلما أسكنه الله تعالى الجنة و أباحها له إلا الشجرة لأنه خلق خلقة لا تبقى إلا بالأمر و النهي و الغذاء و اللباس و الاكتنان و النكاح، و لا يدرك ما ينفعه مما يضره إلا بالتوفيق فجاءه إبليس فقال له: إنكما إن أكلتما من هذه الشجرة التي نهاكما الله عنها صرتما ملكين و بقيتما في الجنة أبدا، و إن لم تأكلا منها أخرجكما الله من الجنة، و حلف لهما أنه لهما ناصح كما قال الله عز و جل حكاية عنه: «ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين - أو تكونا من الخالدين، و قاسمهما إني لكما لمن الناصحين» فقبل آدم قوله فأكلا من الشجرة فكان كما حكى الله: «بدت لهما سوآتهما» و سقط عنهما ما ألبسهما الله تعالى من لباس الجنة، و أقبلا يستتران من ورق الجنة، و ناداهما ربهما أ لم أنهكما عن تلكما الشجرة - و أقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين فقالا كما حكى الله عنها: «ربنا ظلمنا أنفسنا - و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين» فقال الله لهما: «اهبطوا بعضكم لبعض عدو - و لكم في الأرض مستقر و متاع إلى حين» قال: إلى يوم القيامة.
و جاء في جامع البيان - إبن جرير الطبري - ج 8 - الصفحة 190
وهذا خبر من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به، واعترافهما على أنفسهما بالذنب، ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة، خلاف جواب اللعين إبليس إياه. ومعنى قوله: قالا ربنا ظلمنا أنفسنا قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك وبطاعتنا عدونا وعدوك، فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها. وإن لم تغفر لنا يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه، وترحمنا بتعطفك علينا، وتركك أخذنا به لنكونن من الخاسرين يعني:
لنكونن من الهالكين. وقد بينا معنى الخاسر فيما مضى بشواهده والرواية فيه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر،عن قتادة، قال: قال آدم عليه السلام: يا رب، أرأيت إن تبت واستغفرتك؟ قال: إذا أدخلك الجنة وأما إبليس فلم يسأله التوبة، وسأل النظرة، فأعطى كل واحد منهما ما سأل.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا... الآية، قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه. القول في تأويل قوله تعالى:
"قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين".
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن فعله بإبليس وذريته وآدم وولده والحية، يقول تعالى ذكره لآدم وحواء وإبليس والحية: اهبطوا من السماء إلى الأرض بعضكم لبعض عدو.
كما:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن طلحة، عن أسباط، عن السدي:
اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال: فلعن الحية، وقطع قوائمها، وتركها تمشي على بطنها، وجعل رزقها من التراب، وأهبطوا إلى الأرض، آدم وحواء وإبليس والحية.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبي عوانة، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح: اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال: آدم وحواء والحية.
مقام الصالحين في القرآن
أهميّة الحروف المقطّعة
التغيير والتبديل في قوله تعالى ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ
شرائط التأويل الصحيح
معاني التاويل
الفرق بين التفسير والتاويل