لوازم الاُنس الإلهي – الإخلاص
الإخلاص :
يقابله الرياء والعمل لغير الله ، ومن أنس بالله كان مع الصادقين المخلصين ، وأدرك أنّ العمل الطيّب المخلص يصعد إلى ربّه ، فإنّ الله خير الشريكين ، فمن أشرك في ذكر ربّه وعبادته ، فإنّ الله يدع تلك العبادة لغيره ، إذ لا يقبل إلاّ من المخلصين الذين لا يتسلّط عليهم الشيطان في غوايتهم وإضلالهم وانحرافهم ، فهم أحبّاء الله ، أنيسهم وحبيبهم الله سبحانه ، عملوا لله بإخلاص وذكروا الله بإخلاص وأحبّوا الله بإخلاص وشاهدوا الله بإخلاص فمبدأهم الإخلاص ومنتهاهم الإخلاص وحياتهم ومماتهم الإخلاص ، "إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين "(1) ، اتّقوا الله حقّ تقاته وحازوا رتبة الإخلاص ، فأخلصوا فخلصوا .
في القرآن الكريم في قصّة الشيطان ورجمه : " قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلاّ عبادك منهم الُمخلصين "(2) .
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : قال الله تعالى : الإخلاص سرّ من أسراري استودعته قلب من أحببت من عبادي .
وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : الإخلاص أشرف نهاية ، غاية الدين ، عبادة المقرّبين ، ملاك العبادة ، أعلى الإيمان ، شيمة أفاضل الناس ، وفي الإخلاص يكون الخلاص ، طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ، ولم ينس ذكر الله بما تسمع اُذناه ، ولم يحزن صدره بما أعطى غيره .
الإخلاص سرّ من سرّي اُودّعه في قلب من أحببتهُ .
وبالإخلاص تتفاضل مراتب المؤمنين .
واعمل لوجه واحد يكفيك الوجوه كلّها .
عن الإمام الصادق (عليه السلام) : ولا بدّ للعبد من خالص النيّة في كلّ حركة وسكون لأنّه إذا لم يكن هذا المعنى يكون غافلا ، والغافلون قد وصفهم الله تعالى فقال : ( اُولئك كالأنعام بل هم أضلّ )(3) .
وقال : ( اُولئك هم الغافلون )(4) .
ما أنعم الله عزّ وجلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره .
وعن أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) : الإخلاص أشرف نهاية ، غاية الدين ، عبادة المقرّبين ، ملاك العبادة ، أعلى الإيمان ، شيمة أفاضل الناس ، وفي الإخلاص يكون الخلاص ، طوبى لمن أخلص لله العبادة والدعاء ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه ، ولم ينس ذكر الله بما تسمع اُذناه ، ولم يحزن صدره بما أعطى غيره .
وتصفية العمل خير من العمل ، والإبقاء على العمل حتّى يخلص أشدّ من العمل . أخلص قلبك يكفيك القليل من العمل . العمل كلّه هباء إلاّ ما اُخلص فيه . ضاع من كان له مقصد غير الله .
فيما ناجى الله تعالى موسى : يا موسى ! ما اُريد به وجهي فكثير قليله ، وما اُريد به غيري قليل كثيره .
طوبى للمخلصين ، اُولئك مصابيح الهدى ، تنجلي عنهم كلّ فتنة ظلماء .
أين الذين أخلصوا أعمالهم لله ، وطهّروا قلوبهم لمواضع نظر الله ؟
الناس كلّهم هلكى إلاّ العاملون ، والعاملون كلّهم هلكى إلاّ المخلصون ، والمخلصون على خطر .
عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) : إذا عملت عملا فاعمل لله خالصاً ; لأنّه لا يقبل من عباده الأعمال إلاّ ما كان خالصاً .
ليست الصلاة قيامك وقعودك ، إنّما الصلاة إخلاصك وأن تريد بها وجه الله .
" قل إنّي اُمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين * واُمرت لأن أكون أوّل المسلمين"(5) .
وتمام الإخلاص تجنّب المعاصي والمحارم ، وإنّ لكل حقّ حقيقة ، وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتّى لا يحبّ أن يحمد على شيء من عمل لله ، فالعمل الخالص الذي لا تريد أن يحمدك عليه أحد إلاّ الله عزّ وجلّ .
أمّا علامة المخلص فأربعة : يسلم قلبه ، وتسلم جوارحه ، وبذل خيره ، ويكفّ شرّه ، ولا يكون العابد عابداً لله حقّ عبادته ، حتّى ينقطع عن الخلق كلّه إليه فحينئذ يقول هذا خالص لي فيتقبّله بكرمه .
والزهد سجيّة المخلصين . قال أحد العلماء في بيان حقيقة الإخلاص ـ بعد ذكر أقاويل المشايخ ـ : الأقاويل في هذا كثيرة ، ولا فائدة في تكثير النقل بعد انكشاف الحقيقة ، وإنّما البيان الشافي بيان سيّد الأوّلين والآخرين ، إذ سُئِلَ عن الإخلاص فقال : ( هو أن تقول ربّي الله ثمّ تستقيم كما اُمرت ) ، أي : لا تعبد هواك ونفسك ولا تعبد إلاّ ربّك وتستقيم في عبادته كما أمرك ، وهذه إشارة إلى قطع كلّ ما سوى الله عزّ وجلّ من مجرى النظر وهو الإخلاص حقّاً .
الإخلاص ثمرة العبادة واليقين والعلم ، وأوّله اليأس ممّـا في أيدي الناس ، ومن رغب فيما عند الله أخلص عمله ، وكيف يستطيع الإخلاص من يغلبه هواه ، وما أخلص عبد لله عزّ وجلّ أربعين صباحاً إلاّ جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه .
في الحديث القدسي : قال الله عزّ وجلّ : لا أ طّلع على قلب عبد فأعلم منه حبّ الإخلاص لطاعتي لوجهي ، وابتغاء مرضاتي إلاّ تولّيت تقويمه وسياسته . إنّ المؤمن ليخشع له كلّ شيء ويهابه كلّ شيء ، ثمّ إذا كان مخلصاً لله أخاف الله منه كلّ شيء حتّى هوام الأرض وسباعها وطير السماء . والمخلص حريّ بالإجابة ، وبالإخلاص ترفع الأعمال ، وفي إخلاص النيّات نجاح الاُمور ، ومن أخلص بلغ الآمال .
وفي الدعاء : اللّهم صلِّ على محمّد وآل محمّد واجعلنا ممّن جاسوا خلال ديار الظالمين ، واستوحشوا من مؤانسة الجاهلين ، وسمو إلى العلوّ بنور الإخلاص ...
-----------------------------------------------------------------
الهوامش:
(1) الأنعام : 162 .
(2) سورة ص : 82 و 83 .
(3) و (4) الأعراف : 179 .
(5) الزمر : 11 ـ 12 .
قصة واقعية (الايمان بالله عند الرجوع الى الفطرة)
ما هي الخطوات المعتبرة لمعرفة الدين؟
الطريق الثاني لمعرفة الله الطريق من خارج