زلة اللسان أشد هلاك
إن اللسان وهو القطعة اللحمية الصغيرة الحجم سبب رئيسي في دخول جل أهل النار إليها وكذا جل أهل الجنة إليها، لأن اللسان وإن كان صغير الحجم إلا أنه كما قال بعض الحكماء صغير الحجم كبير الجرم، وعن الإمام الباقر عليه السلام: "إن هذا اللسان مفتاح كل خير وشر، فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه كما يختم على ذهبه وفضته"1.
اللسان طريق إلى الله
إن اللِّسان من النعم العظيمة التي منَّ الله تعالى بها على الإنسان، قال عز وجل: "أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْن"(البلد:8-9)، وفي الحديث عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام أنه سئل عن الكلام والسكوت أيهما أفضل؟ فقال: "لكل واحد منهما آفات فإذا سلما من الآفات فالكلام أفضل من السكوت، قيل: وكيف ذاك يا بن رسول الله؟
وعن الإمام الباقر عليه السلام: "إن هذا اللسان مفتاح كل خير وشر، فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه كما يختم على ذهبه وفضته"
فقال: لأن الله عز وجل ما بعث الأنبياء والأوصياء بالسكوت، إنما بعثهم بالكلام، ولا استحقت الجنة بالسكوت، ولا استوجبت ولاية الله بالسكوت، ولا وقيت النار بالسكوت، ولا تجنب سخط الله بالسكوت، إنما ذلك كله بالكلام، ما كنت لأعدل القمر بالشمس، إنك لتصف فضل السكوت بالكلام، ولست تصف فضل الكلام بالسكوت2.
ومن وصية الإمام علي عليه السلام لابنه محمد بن الحنفية:"وما خلق الله عز وجل شيئاً أحسن من الكلام ولا أقبح منه، بالكلام ابيضت الوجوه، وبالكلام اسودت الوجوه، واعلم أن الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به فإذا تكلمت به صرت في وثاقه، فاخزن لسانك كما تخزن ذهبك وورقك، فإن اللسان كلب عقور فإن أنت خليته عقر، ورب كلمة سلبت نعمة..."3.
خطر اللسان في الروايات
وفي المقابل حذرت الكثير من الروايات إلى الخطر الكبير الذي يسببه اللسان لصاحبه إذا لم يجعله مطواعاً لعقله، ففي الرواية عن الإمام علي: "زلة اللسان أشد هلاك"4 وفي رواية أخرى عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "إن أكثر خطايا ابن ادم في لسانه"5، ولذا نرى الكثير من الروايات التي تحبذ الصمت حين لا يكون هناك أي داع للكلام، فكما أن الكلام في مورده جميل ومطلوب فإن الصمت في مورده جميل ومطلوب أيضاً، بل دعت إليه الروايات الكثيرة منها:
ما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "أمسك لسانك، فإنها صدقة تصدق بها على نفسك"6.
وعن الإمام علي: "احبس لسانك قبل أن يُطيلَ حبسك ويردي نفسك، فلا شيء أولى بطول سجن من لسان يعدل عن الصواب ويتسرع إلى الجواب"7.
وفي رواية أخرى عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "لا يعرف عبد حقيقة الإيمان حتى يخزن من لسانه"8.
بعد أن عرفنا مخاطر اللسان ومنافعه، لا بد وأن نبحث عن الضابطة التي تحدد لنا كيفية التحكم بهذا اللسان وليس لنا في ذلك إلا أن نرجع لأئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين أناروا لنا الدروب المظلمة، ودلونا على الحيل التي ينتهجها الشيطان بغية إزالتنا عن الصراط المستقيم، وقد أشار أهل البيت عليهم السلام في هذا المضمار إلى أمرين أساسين:
وعن الإمام علي: "احبس لسانك قبل أن يُطيلَ حبسك ويردي نفسك، فلا شيء أولى بطول سجن من لسان يعدل عن الصواب ويتسرع إلى الجواب"7.
1- أن يأتمر اللسان بأوامر العقل الذي جعله الله تعالى نبيا باطنيا في الإنسان فحينما يحكم الإنسان العقل في هذه الجارحة يكف بذاك أذاها ويمنعها من رداها فعن الإمام علي: "اللسان معيار أرجحه العقل وأطاشه الجهل"9.
2- أن يتأدب اللسان بما أمر الله تعالى به الإنسان من الأوامر وينتهي عما نهاه الله تعالى من المحرمات ولا أفضل من قول الإمام السجاد عليه السلام في رسالة الحقوق: "حقُّ اللسان إكرامه عن الخنا، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس، وحسن القول فيهم"10.
----------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- ميزان الحكمة، محمدي الريشهري
2- وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي، ج21، ص188.
3- من لا يحضره الفقيه - الشيخ الصدوق، ج4، ص387.
4- 5- 6- 7- 8- 9- 10ميزان الحكمة محمدي الريشهري
حديث علي عليه السلام ونظرية نسبية الأخلاق
الصلة بين الاحياء والاموات
الاثار الاجتماعية لزيارة أكابر الدين