• عدد المراجعات :
  • 878
  • 4/11/2011 11:00:00 PM
  • تاريخ :

معاد الاِنسان هو جسماني وروحاني

الورد

صرّحت الآيات القرآنية والاَحاديث على أنّ معاد الاِنسان: جسماني وروحاني، ويراد من الاَوّل هو حشر الاِنسان ببدنه في النشأة الاَُخرى، وأنّ النفس الاِنسانية تتعلّق بذلك البدن في تلك النشأة فيثاب أو يعاقب بأُمور لا غنى في تحقّقها عن البدن والقوى الحسية.

ويراد من الثاني أنّ للاِنسان وراء الثواب والعقاب الحسيّين لذّات والآم روحيّة ينالها الاِنسان دون حاجة إلى البدن، وقد أُشير إلى هذا النوع من الجزاء في قوله سبحانه: "وَرِضَوانٌ مِنَ اللهِ أَكَبرُ ذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ"(التوبة:72)، وقال سبحانه: "وأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الاَمْرُ وَهُمْ في غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ"(مريم:39).

فرضوانه سبحانه من أكبر اللذائذ للصالحين، كما أنّ الحسرة من أكبر الآلام للمجرمين.

 

البرزخ

ليس الموت نهاية للحياة وانعدامها، بل انتقال من نشأة إلى أُخرى، وفي الحقيقة إلى حياة خالدة نعبّر عنها بالقيامة، بيد أنّ بين النشأتين نشأة ثالثة متوسطة تدعى بالبرزخ، والاِنسان بموته ينتقل إلى تلك النشأة حتى قيام الساعة، إلاّ أنّنا لا نعلم عن حقيقتها شيئاً، سوى ما جاء في القرآن والاَحاديث، ولنذكر طائفة من الآيات القرآنية بغية التعرّف على ملامح تلك النشأة.

أ- انّ المحتضر إذا وقف على سوء مصيره يتمنّى عوده إلى الدنيا ليتدارك ما فات منه، يقول سبحانه: "حَتَّى إِذا جَاءَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيَما تَرَكْتُ"(المؤمنون:99ـ 100).

ولكن يخيب سعيه، ويُردُّ طلبه، ويقال له: "كَلاَّ إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائلُها ومِنْ وَرَائهِم بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ"(المؤمنون:100).

والآية تحكي عن وجود حياة برزَخية مخفية للمشركين.

ب- ويصف حياة المجرمين، لاسيما آل فرعون، بقوله: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوَّاً وعَشِيَّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العَذَابِ"(غافر:46).

فالآية تحكي عن أنّ آل فرعون يعرضون على النار صباحاً ومساءً، قبل القيامة. وأمّا بعدها فيقحمون في النار.

ج- ويصف سبحانه حياة الشهداء في تلك النشأة، بقوله: "ولا تَقُولُوا لِمنْ يُقْتَلُ في سَبيلِ اللهِ أَمْواَتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلِكنْ لا تَشْعُرُونَ"( البقرة:154).

ويصف في آية أُخرى حياة الشهداء بقوله: "فَرِحِينَ بِمَا آتاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ويَسْتَبشرُونَ بالَّذينَ لَمْ يَلْحَقوا بِهِم مِنْ خَلْفِهِمْ ألاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولاهُمْ يَحْزَنُونَ"(آل عمران:170).

 

السؤال في القبر

تبتدأ الحياة البرزَخية بقبض الروح عن البدن، وعندما يودع بدن الاِنسان في القبر، يأتي إليه ملائكة الربّ فيسألونه عن التوحيد والنبوُة وأُمور عقائدية أُخرى، ومن الواضح أنّ إجابة المؤمن ستختلف عن إجابة الكافر وبالتالي يكون عالم البرزخ مظهراً من مظاهر الرحمة للمؤمن، أو مصدراً من مصادر النقمة والعذاب للكافر.

إنّ السؤال في القبر وما يستتبع من الرحمة أو العذاب من الاَُمور المسلّمة عند أئمة أهل البيت، وفي الحقيقة أنّ القبر يُعدّ أُولى المراحل للحياة البرزخية التي تدوم إلى أنْ تقوم الساعة.

ولقد صَرَّحَ علماءُ الاِماميّة في كتُب العقائد التي ألّفُوها بما قُلناه.

فقد قال الشيخُ الصدوق: إعتقادُنا في المساءلةِ في القَبرِ، انَّه حقٌ لابدَّ منها، فمن أجابَ بالصواب فازَ برَوحٍ ورَيحانٍ في قَبرهِ، وبِجَنّةِ النعيمِ في الآخرة، ومَن لم يُجِبْ بِالصَّوابِ فَلهُ نُزُلٌ من حميمٍ في قبره، وتَصْلِيةُ جَحيم في الآخرةِ1.

وقال الشيخُ المفيد في كتابه "تصحيحُ الاِعتقاد": جاءَت الآثارُ الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّ الملائكة تنزل على المقبُورين فتسألُهم عن أدْيانهم، وألفاظُ الاَخبارِ بذلك متقاربة فمِنها أنّ مَلكَينِ لله تعالى يُقالُ لهما ناكر ونكير ينزلان على الميّتِ فَيَسألانِهِ عن رّبِهِ ونبيِّهِ ودينِهِ وإمامِهِ، فإنْ أجابَ بالحق سَلَّموهُ إلى ملائكةِ النَعيم، وإن ارتجَّ عليه سَلَّموهُ إلى ملائكةِ العَذاب2.

وقال المحقّق نصيرُ الدين الطوسي في كتابه: "تجريد الاعتقاد" أيضاً: وعذابُ القبر واقعٌ لاِمكانِهِ، وتواتُرِ السَمعِ بِوقوعِهِ3.

ومن راجَعَ كتب العقائد لدى سائر المذاهب الاِسلامية اتّضح له أنّ هذه العقيدة هي موضع إتفاقٍ بين جميع المسلمين، ولم يُنسَب إنكار عذابِ القبر إلاّ إلى شخص واحِدٍ هو "ضرار بن عمرو"4.

*العقيدة الاسلامية،آية الله جعفر السبحاني

-------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- اعتقادات الصدوق، الباب 17، ص 37.

2- تصحيح الاعتقاد للمفيد: ص 45 ـ 46.

3- كشف المراد: المقصد 6، المسألة 14.

4- راجع كتاب «السنة» لاَحمد بن حنبل؛ و «الاِبانة» لاَبي الحسن الاَشعري؛ وشرح الاَُصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي.


الخروج من القبر - صفة أرض المحشر 

الإشكالات المثارة حول الشفاعة

عوامل الإحباط وأسبابه

النارفي کلام أمير المؤمنين

هل الموت نهاية ام بداية؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)