الدور والأهداف
معرفة الهدف
إن معرفة الأهداف ووضعها نصب أعيننا من الأمور الهامة والضرورية لنجاح العمل، فالعمل الذي لا يملك هدفاً هو عمل ضائع غير منسَّق، التعثر سيرته والفشل فيه أكثر من النجاح."أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم"1.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"أوج عظمتكم المعنوية الملفتة هو في هذه الناحية الخفية، حيث كنتم تعون ماذا تفعلون وتعرفون لأي شيء تقاتلون..".
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"أوج عظمتكم المعنوية الملفتة هو في هذه الناحية الخفية، حيث كنتم تعون ماذا تفعلون وتعرفون لأي شيء تقاتلون..".
ويشير الإمام الخامنئي دام ظله إلى أن معرفة الهدف لا تتوقف عند معرفة الهدف الاستراتيجي العام، بل يتعدى ذلك إلى معرفة الأهداف العملية والمرحلية.
يقول دام ظله:"قوات الحرس يجب أن تعرف دورها وموقعها، وتكون على بصيرة وتتمتع بالوعي السياسي والاطلاع على الزمان والمكان..".
ومعرفة الدور تعني معرفة الأهداف والوسائل أيضاً، وللأمة نسيج من التكاليف المتكاملة فلا بد من تحديد موقع العمل الجهادي ضمن هذا النسيج حتى يحصل التكامل ويتم سد الفراغات التي لا يمكن سدها من خلال الأعمال الأخرى...
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"إن معرفة دور وموقعية القوة العسكرية ودائرة عملها والمهمات الموكلة إليها مسألة مهمة، وذلك لكي لا يحصل التعدي أو الإهمال أو تداخل الوظائف والمهمات، فلا يعود ذلك بفائدة على أحد".
الهدف
إن الجهاد في الحقيقة يتضمن مشروعين:مشروع للفرد ومشروع للأمة والمجتمع.
فهناك أهداف على المستوى الفردي والشخصي وأخرى على المستوى الاجتماعي.
الهدف الشخصي
قد تتعدد الأهداف الشخصية وتختلف من شخص إلى آخر فأبواب طاعة الله تعالى كثيرة ولكن هناك هدفان أساسيان يجب أن يشترك بهما كل المجاهدين وكل الأهداف الأخرى في الحقيقة ترجع إلى هذين الأمرين، وهما:
1-رضى الله تعالى
وهو الهدف الأسمى والأساسي الذي تتمحور حوله كل حركة يقوم بها الإنسان المؤمن أو سكون يلتزم به، والجبهة هي من الأمكنة الخاصة التي تتميز بجو الصفاء والروحانية والقرب من الله تعالى.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"ميدان الجبهة هو ميدان التعبد، وفيه لا يوجد دخالة لأي عامل آخر حتى العقل وإذا كنا ملتفتين إلى هذه المسألة وجعلنا التقوى هدفنا والتحرك لمرضاة الرب غايتنا ستتحقق عندها كل غاياتنا".
وإذا كان الجهاد طريقاً لتحقيق رضى الله تعالى، وباباً للتقرب منه، فأي نعمة وأي توفيق إذا توفق أحدنا للدخول إلى هذا الميدان - ميدان الجهاد - الذي عبّر عنه أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً:"أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة..."2.
من هنا نجد الإمام الخامنئي دام ظله يقول:"أيها الأخوة الأعزاء عليكم أن تعتبروا حمل المسؤولية في القوات العسكرية هبة إلهية وتوفيقا عظيماً، وذلك أن يوفق الإنسان ليكون في خدمة دين الله وأتباع دينه، حيث يستفيد أيضاً ليوظف إمكاناته واستعداداته في أفضل طريقة، عليكم أن تعلموا أن هذا توفيق إلهي يتوجب شكره ويجب أن تحافظوا عليه".
2-الشهادة
إن الشهادة كانت أمنية الصلحاء وجائزة يرغب بها كل مجاهد بعد طول عنائه وجهاده في سبيل الله تعالى.
بل نجد الأئمة المعصومين عليهم ينتظرون لحظة الشهادة ويعتبرونها كرامة من الله تعالى فهذا الإمام زين العابدين عليه السلام يقول مخاطباً ابن زياد:"أبالقتل تهددني يا ابن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة"3.
هذا هو النهج الإسلامي الصحيح الذي يؤكد على حب الشهادة، وقد نزلت آيات من القرآن الكريم في ذلك، فكما أن النصر والظفر هو أمنية المجاهد فكذلك الشهادة هي أمنية له.
يقول تعالى في كتابه الحكيم:"قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ ..."4.
حقاً إنها لكرامة أن تختم حياة الإنسان بالشهادة في سبيل الله.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"يجب أن يكون كل واحد منكم عنصراً فعالاً، يعمل على أساس أن تكون خاتمة حياته الشهادة... واللهِ لا ينبغي أن يكون غير الشهادة نهاية لحياتكم.. ويجب علينا أن نأخذ هذا العنصر بعين الاعتبار".
فمجرد وجود طاقات علمية واقتصادية عالية لا يعتبر ضماناً لاستقلال الدول والشعوب، بل القوات المسلحة وحضورها الدائم وقيامها بواجباتها في الميادين اللازمة هي التي تضمن الاستقلال وتضمن بقاء وتفعيل الطاقات العلمية والاقتصادية.
الهدف الاجتماعي
لا تقف أهداف الجهاد عند الأفراد والحالة الفردية، فالجهاد هو حركة اجتماعية وله آثاره العامة وأهدافه التي تتجاوز مصالح الفرد لتشمل المجتمع وتحقق مصالحه، ويمكن اختصار مصالح المجتمع ضمن الأهداف التالية:
1- القيام لله تعالى
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:سمعتم بآذانكم المعنوية النداء القرآني السماوي:"قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ .."5.
القيام لله يعني القيام للحفاظ على حدود الله سبحانه وتعالى وأحكامه، والمحافظة على الدين ونهجه الصحيح في المجتمع.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"غالباً ما ذكرت الأخوة في حرس الثورة وغيرهم بوجوب إطاعة حدود الله تعالى وعدم السماح بتأثير رضى الآخرين أو سخطهم على تطبيقها، فلربما يستاء الآخرون من تطبيق هذه الحدود لأنها تهدد مصالحهم ومنافعهم فالواجب إذاً والأساس هو تطبيق هذه الحدود ومراعاتها حتى لو عارضت رغباتكم الشخصية ومصالحكم... الحق الإلهي مقدم على كل رغبة وميل ورضى نفسي".
2- الاستقلال والدفاع عن البلاد
إن الاستقلال له أهميته الخاصة في ظل أطماع المستعمرين الذين يحاولون السيطرة والتسلط على كل ما هو للغير.
من هنا كانت كل حضارة وكل مجتمع يحتاج لقوة تمنع طمع الطامعين وتضمن عدم تعديهم وتجاوزهم، هذه القوة تشكلها القوات المسلحة المقتدرة ومع غياب مثل هذه القوة سيكون من غير الممكن المحافظة على الاستقلال، وهذا ما يشير إليه الإمام الخامنئي دام ظله حيث يقول:"لا يمكن لثقافة أو حضارة معينة أن تساهم في عملية البناء وضمان استقلالها مع غياب قوات مسلحة ومقتدرة".
ويقول دام ظله:"إن ضياع مآثر كرامة واستقلال بعض الدول والشعوب سببه جهل في المسؤولية وخنوع القوات المسلحة، رغم وجود طاقات علمية واقتصادية عالية".
فمجرد وجود طاقات علمية واقتصادية عالية لا يعتبر ضماناً لاستقلال الدول والشعوب، بل القوات المسلحة وحضورها الدائم وقيامها بواجباتها في الميادين اللازمة هي التي تضمن الاستقلال وتضمن بقاء وتفعيل الطاقات العلمية والاقتصادية.
ومهمة الدفاع تمثل الحكمة من وجود هذه القوات.
يقول دام ظله:"الحكمة من وجود هذه القوات هو الدفاع عن الحدود المادية والمعنوية للبلاد وواجبها هو الدفاع عن استقلال وهوية الشعب".
3- إزالة الظلم
إن المؤمن المجاهد ليس أنانياً يعيش همومه الخاصة ولا يبالي بكل ما حوله سواه، بل هو إنسان رسالي يحمل هم الإنسانية كلها، يعرف معنى الظلم ومعنى أن يكون الإنسان مظلوماً، ويعرف حاجة المظلوم ليد تساعده، أي يد يمكنها أن تساعده، من هنا فهو لا يعرف الحدود الجغرافية ولا القوميات ولا التكتلات العرقية، بل هو يحمل هم نصرة المظلوم وتحقيق العدل، وهذا يشمل كل أرض وطأتها قدم إنسان مظلوم.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"الإسلام يقول لنا أن مواجهة الظالم ونصرة المظلوم لا تعرف الحدود الجغرافية".
4- استنهاض الشعوب
عندما تعيش المجتمعات نوعاً من حالة الإحباط واليأس والاسترخاء والتراجع عن مواجهة الأعداء، فإن العدو سيتمكن من السيطرة على مقدرات هذه المجتمعات وسيفرض هيمنته وتسلطه عليها وستكون ذليلة أمامه مهما كانت تمتلك من طاقات ومن نقاط قوة في مواجهته، لذلك وقبل كل شيء لا بد من تأمين إرادة المواجهة والحضور في الميادين اللازمة.
وعندما تصل الشعوب إلى مثل هذه الحالة من الاحباط والتحييد، فلا بد من إعادتها إلى الميدان من خلال تقديم القدوة المجاهدة بشكلها المشرق والصحيح، لتستثير كوامن الجهاد في ضمير الأمة وتعيدها إلى ساحة الحضور.
ولا بد من إثبات القدرة والإمساك بزمام المبادرة لتعود الأمة إلى الثقة بنفسها، وهذا ما يعبر عنه بالعمل الجهادي لاستنهاض الشعوب.
يقول الإمام الخامنئي دام ظله:"وليعلم الجميع أن مثل هذا الطريق إذا سلكه شعب وقطف بإذن الله نتائجه فسوف تستلهم بقية الشعوب منه الدروس والعبر وتحذو حذوه".
جمعية المعارف الاسلامية.
--------------------------------------------------------------------------------
1-الملك:22.
2-نهج البلاغة، الخطبة 27.
3-بحار الأنوار، ج45، ص118.
4-التوبة:52.
5-سبأ:46.
الجهاد في الإسلام
الإعداد الروحي
عشق الشهادة
التنظيم والانضباط في تكامل المؤسسات