• عدد المراجعات :
  • 1112
  • 1/18/2011
  • تاريخ :

كلمات كبار علماء الشيعة ومحدثيهم حول الرجعة

الورد

يقع الكلام في مقامين

الأول: إمكان الرجعة.

الثاني: الدليل على وقوعها في هذه الأُمة.

 

المقام الأول: إمكان الرجعة

يكفي في إمكان الرجعة، إمكان بعث الحياة من جديد يوم القيامة، فإنّ الرجعة والمعاد، ظاهرتان متماثلتان ومن نوع واحد مع فارق أنّ الرجعة محدودة كيفاً وكمّاً، وتحدث قبل يوم القيامة، بينما يبعث جميع الناس يوم القيامة ليبدأوا حياتهم الخالدة.

وعلى ضوء ذلك، فالاعتراف بإمكان بعث الحياة من جديد يوم القيامة، ملازم للإعتراف بإمكان الرجعة في حياتنا الدنيوية. وحيث إنّ حديثنا مع المسلمين الذين يعتبرون الايمان بالمعاد من أصول شريعتهم، فلابد لهؤلاء اذن من الاعتراف بإمكانية الرجعة.

أضف إلى ذلك أنّه قد وقعت الرجعة في الأُمم السالفة كثيراً، وفي القرآن الكريم شواهد من إحياء الموتى في الأمم السالفة نظير

 

1ـ إحياء جماعة من بني إسرائيل: ?وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ?(البقرة:55-56).

 

إحياء قتيل بني إسرائيل: ?وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ?(البقرة:72-73).

 

موت ألوف من الناس وبعثهم من جديد: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ?(البقرة:243).

 

بعث عُزَير بعد مائة عام من موته: ?أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?(البقرة:259).

 

إحياء الموتى على يد عيسى عليه السَّلام: ?وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ?(آل عمران:49)

 

وبعد وقوع الرجعة في الأمم السالفة، هل يبقى مجال للشك في إمكانها؟ وتصوّر أنّ الرجعة من قبيل التناسخ المحال عقلا، تصوّر باطلٌ، لأنّ التناسخ عبارة عن رجوع الفعلية إلى القوة، ورجوع الانسان إلى الدنيا عن طريق النطفة، والمرور بمراحل التكوّن البشري من جديد، ليصير إنساناً مرة أخرى، سواء أدَخَلَتْ روحُه في جسم انسان أم حيوان، وأين هذا من الرجعة وعود الروح إلى البدن المتكامل من جميع الجهات، من دون أن يكون هناك رجوع إلى القوة بعد الفعلية.

 

المقام الثاني: أدلة وقوع الرجعة

يدل على وقوع الرجعة في هذه الأُمّة قوله تعالى: ?وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الاَْرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ * وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّة فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يوزَعُونَ?(النمل:82ـ83).

لا يوجد بين المفسرّين من يشك بأنّ الآية الأولى تتعلق بالحوادث التّي تقع قبل يوم القيامة ويدل عليه ما روي عن النبى الأكرم من أن خروج دابة الأرض من علامات يوم القيامة، إلاّ أنّ هناك خلافاً بين المفسرين حول المقصود من دابة الأرض ، وكيفيّة خروجها، وكيف تتحدث، وغير ذلك ممّا لا نرى حاجة لطرحه؟

روى مُسلم أنّه قال رسول اللّه: "إنّ الساعة لا تكون حتى تكون عشر آيات: خسفٌ بالمشرق، وَخَسْفٌ بالمغرب، وخسف في جزيرة العرب، والدخان، والدجّال، ودابّة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونارٌ تخرج من قعر عدن ترحل الناس"1.

إنما الكلام في الآية الثانية، والحق أنّها ظاهرة في حوادث قبل يوم القيامة، وذلك لأنّ الآية تركز على حشر فوج من كل جماعة بمعنى عدم حشر الناس جميعاً، ومن المعلوم أنّ الحشر ليوم القيامة يتعلق بالجميع، لا بالبعض، يقول سبحانه: ?وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الاَْرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدا?(الكهف:47). أفَبَعْدَ هذا التصريح، يمكن تفسير ظرف الآية بيوم البعث والقيامة؟

 

وهناك قرينتان أُخريان، تحقّقان ظرفها لنا إن كنّا شاكين، وهما:

أوّلا: إنّ الآية المتقدمة عليها تذكر للناس علامة من علامات القيامة، وهي خروج دابة الأرض، ومن الطبيعي، بعد ذلك أنّ حشر جماعة من الناس يرتبط بهذا الشأن.

ثانياً: ورد الحديث في تلك السورة عن القيامة في الآية السابعة والثمانين، أي بعد ثلاث آيات، قال سبحانه: ?وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّموَاتِ وَمَن فِي الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ?(النمل:87).

وهذا يعرب عن أنّ ظرف ما تقدم عليها من الحوادث يتعلق بما قبل هذا اليوم، ويحقّق أنّ حشر فوج من الذين يكذبون بآيات اللّه يحدث حتماً قبل يوم القيامة، وهومن أشراط هذا اليوم، وسيقع في الوقت الّذي تخرج فيها دابة من الارض تكلم الناس.

ومن العجب قول الرازي بأنّ حشر فوج من كل أمّة سيقع بعد قيام الساعة2. فإنّ هذا الكلام لا يستند إلى أيّ أساس. وترتيب الآيات وارتباطها ببعضها، ينفيه، ويوكّد ما ذهب إليه الشيعة من أنّ الآية تشير الى حدث سيقع قبل يوم القيامة.

أضف إلى ذلك انّ تخصيص الحشر ببعض، لا يجتمع مع حشر جميع الناس يوم القيامة.

نعم، الآية قد تحدثت عن حشر المكذبين، وأما رجعة جماعة أخرى من الصالحين فهو على عاتق الروايات الواردة في الرجعة.

وأمّا كيفية وقوع الرجعة وخصوصياتها فلم يتحدث عنها القرآن، كما هوالحال في تحدثه عن البرزخ والحياة البرزخية.

ويؤيد وقوع الرجعة في هذه الأمّة وقوعها في الأمم السالفة كما عرفت وقد روى أبوسعيد الخدري أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَتتَّبِعُنّ سُنَنَ من كان قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع. حتى لودخلوا جحر ضبّ لتبعتموه. قلنا يا رسول اللّه: اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟"3.

وروى أبو هريرة أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تُؤخذ أُمّتي بأخذ القرون قبلها، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، فقيل: يا رسول اللّه: كفارس والروم؟ قال: ومن الناس إلاّ اؤلئك؟"4.

وروى الشيخ الصدوق رحمه الله قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "كل ما كان في الأُمم السابقة فإنه يكون في هذه الأُمة مثله، حذو النعل بالنعل، والقذّة بالقذّة"5.

وبما أن ّ الرجعة من الحوادث المهمة في الأمم السالفة، فيجب أن يقع نظيرها في هذه الأُمة أخذاً بالمماثلة، والتنزيل.

وقد سأل المأمون العباسي، الإمام الرضا عليه السَّلام عن الرجعة فأجابه، بقوله: إنّها حق، قد كانت في الامم السالفة، ونطق بها القرآن، وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: "يكون في هذه الأمة كل ما كان في الأُمم السالفة حذوالنعل بالنعل، والقذة بالقذة"6.

هذه هي حقيقة الرجعة ودلائلها، ولا يدّعي المعتقدون بها أكثر من هذا، وحاصله عودة الحياة إلى طائفتين من الصالحين والطالحين، بعد ظهور الإمام المهدي عليه السَّلام، وقبل وقوع القيامة. ولا ينكرها إلاّ من لم يمعن النظر في أدلتها7.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني

--------------------------------------------

الهوامش:

1- صحيح مسلم، ج 8، كتاب الفتن، و أشراط الساعة، باب في الآيات التّي تكون قبل الساعة، ص 179.

2- مفاتيح الغيب، ج 4، 218.

3- صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بقول النبي، ج 9، ص 112.

4- صحيح البخاري ج 9، ص 102. و كنز العمال، ج 11، ج 133.

5- كمال الدين، ص 576.

6- بحار الانوار، ج 53، ص 59، الحديث 45.

7- بقي هنا بحثان: 1- من هم الراجعون. 2- ما هو الهدف من إحيائهم؟ واجمال الجواب عن الأول أن الراجعين لفيف من المؤمنين ولفيف من الظالمين. واجمال الجواب عن الثاني ما جاء في كلام السيد المرتضى المنقول آنفاً، حيث قال: "إن اللّه تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدى عليه السَّلام، قوماً ممن كان تقدم موته من شيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ومشاهدة دولته، ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينقتم منهم..." إلى آخر كلامه. لاحظ تفصيل جميع ذلك في البحار، ج 53 و الإيقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة، للشيخ الحر العاملي.


الرجعة في أحاديث أهل البيت عليهم السلام

التّناسخ و أقسامه و براهين بُطلانه

سؤال القبرفي کلام امير المؤمنين

برّ الوالدين والتخفيف من سكرة الموت

ملك الموت في کلام اميرالمؤمنين(عليه السلام)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)