الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (6)
بلى، هذا هو الآخر تبليغ للإسلام، لكنه ليس الجانب الأهم فيه، إنما الجانب الأهم والجزء الأهم في التبليغ للإسلام هو ذلك التبليغ الذي يتم داخل المجتمعات الإسلامية بهدف تقديم الإسلام لهم نقياً صافياً، أو بهدف عرض الأفكار المحاربة للإستكبار، والمناوئة للإستبداد والمضادة للإستضعاف.
وبالطبع فإنني مع فكرة أن يتم التبليغ للإسلام لتحقيق الهدف الثاني ذاته، وبالهدف الأول كذلك، إلا أنه ينبغي أن لا تُنسى الأهداف الأخرى أيضاً.
بعض المبلّغين يُرسَلون من قبل بعض البلدان الإسلاميةالى أنحاء العالم كأفريقيا وأقاصي آسيا والى مناطق أخرى، في سبيل أن يجعلوا الناس يؤمنون بـ "لا إله إلا الله"، هذا في الوقت الذي نرى أن كلمة "لا إله إلا الله" غير مطبّقة في تلك الدول ذاتها كما قال الشاعر "طبيب يداوي الناس وهو عليل".
يجب عليهم أن يعودوا ليشرحوا لشعوبهم معنى الإسلام، وليصفّوا الإسلام لتلك الشعوب، ويوضحوا مفاهيمه وقيمه وأبعاده، وليفهموهم ماذا تعني كلمة "لا إله إلا الله".
ورد في الحديث المروي عن الإمام الصادق (ع) ما مضمونه "إن بني أمية أطلقوا للناس تعليم الإيمان ولم يطلقوا لهم تعليم الشرك - أو تعليم الكفر - حتى إذا حملوهم عليه لم يعرفوه" فهم يعلمون أنهم إذا علّموهم معنى الشرك وفحواه فإن الناس سيعرفون أن الوليد بن عبد الملك أو يزيد بن عبد الملك أو الوليد بن يزيد هو نفسه الطاغوت وهو الوثن والصنم، الذي تجب عليهم محاربته ومواجهته. ومثل هذا يحدث في بعض البلدان الإسلامية في الوقت الحاضر.
وحينما نريد ممارسة التبليغ للإسلام فإن هناك - أيها الإخوةوأيتها الأخوات - مواصفات للتبليغ ومواصفات للمبلّغ، وهذا ما سيتم بحثه - عادة - في مثل هذاالإجتماع، وآمل أن يتم بحثه في مؤتمركم هذا، فما هي صفات التبليغ الجيد؟ وما هي المميزات التي ينبغي أن يتوفر عليها التبليغ الناجح؟ ومَن هو المبلّغ الجيد؟
إذا ما أردنا أن نبحث موضوع المبلّغ الجيد فذلك لا يعني أن مَن لا تتوفر فيهم هذه المميزات ينبغي أن لا يقوموا بأي عمل في مجال التبليغ.. ليس المراد هذا، فالتبليغ واجب ينبغي القيام به، وإنما المقصود هو أن على جميع الذين يشعرون بواجبهم في مضمار التبليغ، ويؤمنون أن عليهم أداء هذا التكليف الإلهي، السعيالى إيجاد تلك الميزات والخصائص فيهم.
إن أهم هذه المميزات والخصائص هي ذات الأمور الوارد ذكرها في الآيات القرآنية الكريمة، ومن بينها الآية القرآنية التي تُليت مراراً «الذين يبلّغون رسالات الله ويخشَونه ولا يخشَون أحداً إلا الله..» هذه هي الميزة الأولى في المبلّغ للإسلام، وهي الخشية من الله تبارك وتعالى وعدم الخوف ممن سواه. وهذه الخشية تتمخض عنها نتيجة محددة تطرقت إليها آية أخرى، وهي قوله جل وعلا «ومَن أحسن قولاً ممن دعا الى الله وعمل صالحاً..» (فصلت، 41).
إن العمل الصالح ناتج عن نفس تلك الخشية من الله سبحانه. فشرط الدعوة هو العمل الصالح، والخشية هي شرط العمل الصالح وملازمة له..
ثم تقول الآية المباركة «ولا يخشَون أحداً إلا الله» وإلا فإن المجاملاتوالإحتياطات والمخاوف والمداهنات أو المساومات، سوف تشكل عقبات وموانع في طريق بيان الإسلام الصافي النقي.
آية الله العظمى السيد علي الخامنئي
الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (5)
الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (4)
الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (3)
الفكر الأصيل- التبليغ والإعلام في الإسلام (2)
الفكر الأصيل _ الحكومَة الإسلاميّة (1)