الفكر الأصيل- حقوق الإنسان في الإسلام (5)
إن ضعف نفوس وإرادة بعض الحكام، وخيانة بعضهم الآخر أدّياالى خضوع هؤلاء لنظام الهيمنة، فهذا النظام هو الذي يسيّر الإقتصاد والثقافة والعلاقات والحقوق الدولية، وطبيعي أن تكون مسألة حقوق الإنسان قد انطلقت من هذه النظرة، ووجدتوتنامت في إطار هذا النظام. فالذين ينادون بحقوق الإنسان في الغرب ويسعَونالى إعطاء مواطنيهم بعض الحرية الشكلية والإمكانات الرفاهية، يقومون هم أنفسهم بقتل آلاف البشر من الدول الأخرى، فما الذي يعنيه ذلك غير سيطرةثفافة الهيمنة على عقول هؤلاء؟ إنهم يقسمون الإنسان في العالم الى نوعين الأول/ إنسان يجب الدفاع عن حقوقه، والثاني/ إنسان بلا حقوق، يجوز قتله واستعباده واغتصاب ثرواته. هذه هي ثقافة الهيمنة المسيطرة على العالم، وحقوق الإنسان المطروحة اليوم، إنما هي وليدة هذه الثقافة.
هذا هو إطار حقوق الإنسان في عالمنا اليوم، والذي تعمل القوى الكبرى بواسطته على تعميق الهوة بينها وبين الدول الضعيفة، وتزيد من ضغوطها عليها، لتسرع هي في تطورها وتقدمها العلمي والتكنولوجي.
إن الأقمار الصناعية تدور اليوم حول الأرض لتجمع الأسرار والمعلومات الخاصة بالدول والشعوب، فبأي حق يتم كل هذا؟ إن جميع المحادثات واللقاءات بين الناس على سطح هذه الأرض تخضع للإنصات من قبل أولئك الذين يملكون التفوق التكنولوجي ولتجسسهم، فبأي حق يتم هذا؟ هل سأل أحد عن ذلك؟ هل مَن يعترض على ذلك؟ بما أن أميركا تملك أقماراً صناعية إذاً فمن حقها استخدام هذه المعلوماتالمستحصلة، والجميع يرضخ لذلك! ترى أليس التجسس على أحاديث الآخرين وأسرارهم اعتداءاً على حقوقهم؟ وهل قام أحد بطرح هذا السؤال على أميركا وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا؟ ونحن نسأل هل يمكن طرح مثل هذا السؤال؟ ويأتي الجواب بالنفي، لأن الجميع سيقولون إن هذه الدول تملك القوة والقدرة ويجب أن تقوم بذلك.
إن مسألة القنبلة النووية واستخدام السلاح النووي تُطرح اليوم على الصعيد العالمي، تطرحها الدول الكبرى نفسها لأن كلاً منها تخاف الأخرى، فتقوم بافتعال الضجيج واللجوءالى كل وسيلة لخداع الأخرى ودفعهاالى التقليل من تسليحاتها النووية، بينما تقوم هي بزيادة تسليحها. ترى هل فكرت الدول الصغيرة بأن تعلن للدول المنتجة للأسلحة النووية بأنها ستقطع علاقاتها معها وستقطع عنها مواردها وتسهيلاتها وإمكاناتها ما دامت تواصل إنتاج هذا السلاح الذي يحمل خطراً كبيراً يهدد البشرية بالفناء في أية لحظة؟ هل فكرت دول عدم الإنحياز وسائر الدول بأن تشكل محوراً معارضاً لإنتاج الأسلحة النووية؟ بالطبع لا. ولو أنكم عرضتم عليهم هذه الفكرة لقالوا إن هذه الدول تملك تكنولوجيا متطورة وباستطاعتها إنتاج هذه الأسلحة. إن هؤلاء قد استسلموا واقتنعوا بنظام الهيمنة الذي بات مقبولاً من كلا الجانبين المهيمنين والخاضعين للهيمنة في وقت واحد.
نحن نشاهد في المحافل الدولية أن ممثلي الدول تدهشهم إدانتنا للشرق والغرب ويعتبرون ذلك تهوراً من جانبنا بينما هو موقف طبيعي من شعب مستقل، وعلى الشعوب جميعاً سلوك نفس هذا النهج، كما أن على الحكومات أيضاً أن تتخذ هذا الموقف الذي تتركه وللأسف.
نخلص الى القول بأن ثقافة الهيمنة، تعتبر اليوم أكبر آفة وخطر يهدد العالم كله، خاصة الشعوب المستضعفة.
إن القوى الكبرى، وفقاً لثقافة الهيمنة تسمح لنفسها بنقض حقوق الإنسان حيثما شاءت، فهي تهاجمغرينادا وتساند الصهاينة الذي يقتلون الأبرياء في لبنان، وتساند - مع بعض الدول الأوروبية - النظام العنصري في جنوب أفريقيا في ظلمه واضطهاده لأصحاب البلد الأصليين، أما لو نهض شخص في إحدى بقاع العالم وتمـرّد على هذا الوضع غير المتوازن، فقام بتفجير قنبلة أو عملية ثورية،او قاد حركة ضد هذه المعادلة غير المتوازنة، لتعرَّض للإدانة، ولأُلصقت به صفة الإرهاب، بينما الإغارة على ليبيا وقصف منزل رئيس دولة والإعتداء على أراضي دولة أخرى لا تتعرض لأية إدانة.
آية الله العظمى السيد علي الخامنئي
الفكر الأصيل- حقوق الإنسان في الإسلام (4)
الفكر الأصيل - حقوق الإنسان في الإسلام (3)
الفكر الأصيل- حقوق الإنسان في الإسلام (2)
الفكر الأصيل - حقوق الإنسان في الإسلام (1)
الفكر الأصيل _ الحكومَة الإسلاميّة (1)
الفكر الأصيل _الحكومَة الإسلاميّة (2)