• عدد المراجعات :
  • 2514
  • 12/28/2009
  • تاريخ :

من هو المنتصر ، الحسين بن علي ، أم يزيد بن معاوية ؟

الحسين (ع)

لمعرفة المنتصر أو المهزوم في أية قضية لا بُدَّ و أن يكون التقييم وفقاً لمعايير خاصة ، و من أحد أهم تلك المعايير معرفة أهداف كل من طرفي النزاع ، حيث أن المنتصر هو من تمكن من تحقيق أهدافه بصورة كاملة و دقيقة من خلال برنامج مدروس و خطة متقنة .

و عليه فلمعرفة المنتصر في واقعة الطف الأليمة التي وقعت في كربلاء [1] يوم عاشوراء [2] لا بُدَّ من معرفة أهداف الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) في مواجهته ليزيد بن معاوية أولاً ، ثم معرفة أهداف يزيد بن معاوية ثانياً ، ثم لننظر من تمكن من تحقيق أهدافه و لم يتمكن ، حتى نعرف المنتصر من الخاسر .

أهداف يزيد :

من يلاحظ التاريخ ـ رغم إخفائه الكثير من الحقائق ـ تحصل له قناعة تامة بأن البيت الأموي بصورة عامة ، و أبو سفيان و معاوية و يزيد بصورة خاصة كانوا عازمين على محو الإسلام بكل الوسائل و السبل و بكل ما أوتوا من حول و قوة .

نعم إن من أخطر الأهداف التي سعى إليها معاوية بن أبي سفيان و من بعده ابنه يزيد هو القضاء على الإسلام كلياً ، قوانينه و سننه و معالمه بصورة جادة بل بصورة تكاد تكون علنية ، كما و سعيا لمحو ذكر النبي المصطفى محمدٍ ( صلى الله عليه و آله ) حقداً منها و بغضاً للحبيب المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) ، حيث يشهد التاريخ أن معاوية كان يغتاض عندما كان يسمع ذكر النبي ( صلى الله عليه و آله ) في الأذان ، و كان يُصرِّح لخواصه بأنه عازم على دفن ذكر هذا الإسم .

قال المطرّف بن المغيرة بن شعبة : دخلت مع أبي على معاوية ، و كان أبي يأتيه فيتحدث معه ثم ينصرف إلي ، فيذكر معاوية و عقله ، و يُعجب بما يرى منه ، إذ جاء ذات ليلة فأمسك عن العشاء ، و رأيته مغتماً فانتظرته ساعة ، و ظننت أنه لأمر حدث فينا .

فقلت : ما لي أراك مغتماً منذ الليلة ؟

فقال : يا بني جئتُ من عند أكفر الناس و أخبثهم [3] !

قلت : و ما ذاك ؟!

قال : قلت له و قد خلوت به : إنك قد بلغت سناً يا أمير المؤمنين ، فلو أظهرت عدلا و بسطت خيراً ، فإنك قد كبرت ، و لو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم فوصلت أرحامهم ، فوالله ما عندهم اليوم شي تخافه ، و إن ذلك مما يبقى لك ذكره و ثوابه .

فقال : هيهات هيهات ، أي ذكر أرجو بقاءه ! مَلكَ أخو تيم فعدل ، و فعل ما فعل ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلاّ أن يقول قائل : أبو بكر ، ثم ملك أخو عدي ، فاجتهد و شمّر عشر سنين ، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره ، إلاّ أن يقول قائل : عمر ، و إن ابن أبي كبشة [4] ليُصاح به كل يوم خمس مرات " أشهد أن محمداً رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، فأيُّ عمل يبقى و أيُّ ذكر يدوم بعد هذا لا أبا لك ، لا والله إلاّ دفناً دفناً !! " [5] .

و لقد كان يزيد بن معاوية يردد :

                                               لعبت هاشم بالملك *** فلا خبر جاء ولا وحي نزل [6]

الشيخ صالح الكرباسي

----------------------------------------------------------------

الهوامش

[1] كربلاء : مدينة إسلامية مشهورة تمتاز بقدسيتها و تأريخها الحافل بالأمور العظام و التضحيات الجسام حيث شهدت تربتها واحدة من أنبل ملامح الشهادة و الفداء ألا و هي حادثة الطَّف الخالدة ، و هي تقع المدينة على بعد 105 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد ، و تقع على حافة الصحراء في غربي الفرات و على الجهة اليسرى لجدول الحسينية .

و تقع مدينة كربلاء المقدسة على خط طول 44 درجة و 40 دقيقة و على خط عرض 33 درجة و 31 دقيقة ، و يحدها من الشمال محافظة الأنبار و من الجنوب محافظة النجف و من الشرق محافظة الحلة و قسم من محافظة بغداد و من الغرب بادية الشام و أراضي المملكة العربية السعودية .

[2] يوم عاشوراء بالمد و القصر و هو عاشر المحرم ، و هو اسم إسلامي ، و جاء عشوراء بالمد مع حذف الألف التي بعد العين ، راجع : مجمع البحرين : 3 / 405 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .

[3] يقصد معاوية بن أبي سفيان .

[4] يقصد به رسول الله ( صلى الله عليه و آله )

[5] الصحوة ، لصباح علي البياتي : 403 ، نقلاً عن الموفقيات : 577.

[6] كشف الغمة : 2 / 21 ، و روضة الواعظين : 191 ، و الاحتجاج : 307 ، و اللهوف : 181.


الثورة الحسينية المقدسة مبدأ و سلوك

الهدف السامي من انتفاضة الإمام الحسين (ع)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)