أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول 4 (صلى الله عليه واله وسلم)
7 ـ إطلاق لفظ الكتاب على القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته الكريمة ، ولا يصحّ إطلاق الكتاب عليه وهو في الصدور ، بل لابدّ أن يكون مكتوباً مجموعاً ، وكذا ورد في الحديث عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله ، وعترتي » ، (1)، و هو دليلٌ على أنّه (صلى الله عليه واله وسلم) قد تركه مكتوباً في السطور على هيئة كتاب .
8 ـ تفيد طائفة من الاَحاديث أنّ المصاحف كانت موجودة على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عند الصحابة ، بعضها تامّ وبعضها ناقص ، وكانوا يقرأونها ويتداولونها ، وقرر لها الرسول الاَكرم (صلى الله عليه واله وسلم) طائفةً من الاَحكام ، منها :
عن أوس الثقفي ، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة ، وقراءته في المصحف تضاعف على ذلك ألفي درجة » ، (2).
وعن عائشة، عن رسولالله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: « النظر في المصحف عبادة »، (3)
وعن ابن مسعود ، عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال : « أديموا النظر في المصحف »، (4).
وعن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « أعطوا أعينكم حظّها من العبادة ، قالوا : وما حظّها من العبادة ، يا رسول الله ؟ قال : النظر في المصحف ، والتفكّر فيه ، والاعتبار عند عجائبه » ، (5).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : « أفضل عبادة أُمّتي تلاوة القرآن نظراً » ، (6).
وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : « من قرأ القرآن نظراً مُتّع ببصره مادام في الدنيا »، (7). وكلّ هذه الروايات تدلّ على أنّ إطلاق لفظ المصحف على الكتاب الكريم لم يكن متأخّراً إلى زمان الخلفاء ، كما صرحت به بعض الروايات ، بل كان القرآن مجموعاً في مصحف منذ عهد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) .
و نزيد على ماتقدّم أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان لديه مصحف أيضاً ، ففي حديث عثمان بن أبي العاص حين جاء وفد ثقيف إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال عثمان : « فدخلتُ على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فسألته مصحفاً كان عنده فأعطانيه»، (8)، بل وترك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مصحفاً في بيته خلف فراشه ـ لاحسبما صرحت به بعض الروايات ـ مكتوباً في العسب والحرير والاَكتاف، وقد أمر عليّاً (عليه السلام) بأخذه وجمعه ، قال الاِمام عليّ (عليه السلام) : « آليت بيمينٍ أن لا أرتدي برداء إلاّ إلى الصلاة حتّى أجمعه »، (9). فجمعه (عليه السلام) ، وكان مشتملاً على التنزيل والتأويل ، ومرتّباً وفق النزول على ما مضى بيانه .
وجميع ما تقدّم أدلّةٌ قاطعة وبراهين ساطعة على أنّ القرآن قد كتب كله على عهد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) تدويناً في السطور علاوة على حفظه في الصدور ، وكان له أوّل وآخر ، وكان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) يشرف بنفسه على وضع كلّ شيءٍ في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه ، إذن فكيف يمكن أن يقال إنّ جمع القرآن قد تأخّر إلى زمان خلافة أبي بكر ، وإنّه احتاج إلى شهادة شاهدين يشهدان أنّهما سمعاه من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)؟
--------------------------------------------------
الهوامش
(1) صحيح مسلم 4 : 1873 ، سنن الترمذي 5 : 662 ، سنن الدارمي 2 : 431 ، مسند أحمد 4 : 367 و 371 و 5 : 182 ، المستدرك 3 : 148 .
(2) مجمع الزوائد 7 : 165 ، البرهان للزركشي 1 : 545 .
(3) البرهان للزركشي 1 : 546 .
(4) مجمع الزوائد 7 : 171 .
(5) كنز العمال 1 : حديث 2262 .
(6) كنز العمال 1 : حديث 2265 و 2358 و 2359 .
(7) كنز العمال 1 : حديث 2407 .
(8) مجمع الزوائد 9 : 371 ، حياة الصحابة 3 : 244 .
(9) كنز العمال 2 : حديث 4792 .
أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول 3 (صلى الله عليه واله وسلم)
أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول 2 (صلى الله عليه واله وسلم)