التواضع في الروايات و فوائده
و بالنسبة للأخبار الواردة عن مدح التواضعه و فوائده ، فهو أمر لا بد منه ، لكي يتحرك الإنسان إلى السعي في تحصيل التواضع لإزالة ما هو ضد التواضع ، و هو التكبّر من قلب الإنسان.
قال رسول الله (ص) : "ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ". و قال (ص) : " طوبى لمن تواضع فى غير مسكنة ، و أنفق مالا جمعه من غير معصية ، و رحم أهل الذلة و المسكنة ، و خالط أهل الفقه و الحكمة ".
و روي : "أن الله سبحانه أوحى إلى موسى ، إنما أقبلُ صلاة من تواضع لعظمتي ، و لم يتعاظم على خلقي ، و ألزم قلبه خوفي ، و قطع نهاره بذكري ، و كف نفسه عن الشهوات من أجلى ".
و قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه : " ما لي لا أرى عليكم حلاوة العبادة ؟! . قالوا : و ما حلاوة العبادة ؟ قال : التواضع ".
وقال عيسى ابن مريم (ع) : " طوبى للمتواضعين في الدنيا! ، هم أصحاب المنابر يوم القيامة ، طوبى للمصلحين بين الناس في الدنيا! ، هم الذين يرثون الفردوس يوم القيامة : طوبى للمطهرة قلوبهم في الدنيا هم الذين ينظرون إلى الله تعالى يوم القيامة ".
و أوحى الله تعالى إلى داود (ع) : " يا داود ! ، كما أن أقرب الناس إلى الله المتواضعين، كذلك أبعد الناس من الله المتكبرون ".
و روي: " أن سليمان بن داود إذا اصبح تصفح وجوه الأغنياء و الأشراف ، حتى يجىء إلى المساكين فيقعد معهم ، و يقول مسكين مع مساكين ".
و قال الصادق (ع) : " التواضع أصل كل شرف نفيس و مرتبة رفيعة ، و لو كان للتواضع لغة يفهمها الخلق لنطق عن حقائق ما في مخفيات العواقب ".
روي : " أنه ورد على أمير المؤمنين (ع) أخوان له مؤمنان ، أبٌ و ابن ، فقام إليهما و أكرمهما و أجلسهما في صدر مجلسه و جلس بين ايديهما ، ثم أمر بطعام فاحضر فأكلا منه ، ثم جاء قنبر بطست و إبريق خشب و منديل ، و جاء ليصب على يد الرجل ، فوثب أمير المؤمنين ، و أخذ الإبريق ليصب على يد الرجل ، فتمرغ الرجل في التراب ، و قال يا أمير المؤمنين ! الله يراني و أنت تصب على يدي! ، قال : أقعد و اغسل ، فإن الله عز و جل يراك ، و إخوك الذي لا يتميز منك و لا ينفصل عنك يخدمك ، يريد بذلك في خدمته في الجنة مثل عشرة أضعاف عدد أهل الدنيا. فقعد الرجل . و قال له علي (ع):
أقسمت عليك بعظيم حقي الذي عرفته، لما غسلت مطمئنا كما كنت تغسل لو كان الصاب عليك قنبر، ففعل الرجل ذلك، فلما فرغ ناول الإبريق محمد بن الحنفية، و قال: يا بني! لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت على يده، و لكن الله عز و جل يأبى أن يسوي بين ابن و أبيه إذا جمعهما مكان، لكن قد صب الأب على الأب فليصب الابن على الابن، فصب محمد بن الحنفية على الابن " ، (1) .
عن الصادق عن أبيه عن جده عليهم السلام قال : " وقع بين سلمان الفارسي وبين رجل كلام وخصومة فقال الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان: أما أولي وأولك فنطفة قذرة، وأما آخري وآخرك فجيفة منتنة -نتنة-، فإذا كان يوم القيامة، ووضعت الموازين، فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، من خف ميزانه فهو اللئيم " ، (2) .
و عن الصادق أيضا عن آبائه (عليهم السلام) قال : " مرَّ رسول الله و سيد رسله صلى الله عليه وآله على جماعة ، فقال: على ما اجتمعتم ؟ ، فقالوا : يا رسول الله هذا مجنون يُصرع ، فاجتمعنا عليه . فقال : ليس هذا بمجنون ، ولكنه المبتلى . ثم قال : ألا أخبركم بالمجنون حقَّ المجنون ؟ ، قالوا : بلى يا رسول الله . قال : المتبختر في مشيته ، الناظر في عطفيه ، المحرك جنبيه بمنكبيه ، يتمنى على الله جنته ، و هو يعصيه ، الذي لا يؤمَن شره ، و لا يرجى خيره ، فذلك هو المجنون هذا هو المبتلى " ، (3) .
-----------------------------------------------------------------------
الهوامش
1 -روي هذا الحديث في البحار-في الجزء الرابع من المجلد الخامس عشر ص 149 باب التواضع-عن الاحتجاج و التفسير المنسوب الى الامام العسكري (ع) .
2- البحار م15 ج124 عن أمالي الصدوق.
3- البحار م15 ج3 ص125.