نشاطات الامام السيد موسى الصدر قبل إنشاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
بدأ الامام الصدر الرعاية الدينية و الخدمة العامة في صو ر، موسعاً نطاق الدعوة و العمل الديني بالمحاضرات و الندوات و الاجتماعات و الزيارات ، و متجاوزاً سلوك الاكتفاء بالوعظ الديني إلى الاهتمام بشؤون المجتمع . و تحرّك في مختلف قرى جبل عامل ثم في قرى منطقة بعلبك - الهرمل ، يعيش حياة سكانها و معاناتهم من التخلف و الحرمان . ثم تجوّل في باقي المناطق اللبنانية ، متعرفاً على أحوالها و محاضراً فيها و منشئاً علاقات مع الناس من مختلف فئات المجتمع اللبناني و طوائفه ، و داعياً إلى نبذ التفرقة الطائفية باعتبار ، أن وظيفة الدين هي الاستقامة الاخلاقية و " أن الأديان واحدة في البدء و الهدف و المصير " ( راجع خطبته في كنيسة الكبوشية ، أبجدية الحوا ر) و داعياً أيضاً إلى نبذ المشاعر العنصرية و إلى تفاعل الحضارات الإنسانية و إلى مكافحة الآفات الاجتماعية و الفساد و الالحاد.
و في مدينة صور ، نجح في القضاء على التسوّل و التشرّد ، و في شدّ أواصر الأخوة بين المواطنين من مختلف الطوائف . و شارك في " الحركة الاجتماعية " مع المطران غريغوار حداد في عشرات المشاريع الاجتماعية . و ساهم في العديد من الجمعيات الخيرية و الثقافية . و أعاد تنظيم " جمعية البر و الاحسان " في صور ، و تولى نظارتها العامة ، و جمع لها تبرعات و مساعدات أنشأ بها مؤسسة اجتماعية لايواء و تعليم الايتام و ذوي الحالات الاجتماعية الصعبة ، ثم أنشأ مدرسة فنية عالية باسم " مدرسة جبل عامل المهنية " ، و أنشأ مدرسة فنية عالية للتمريض ، و كذلك مدرسة داخلية خاصة للبنات باسم " بيت الفتاة " . كما أنشأ في صور " معهد الدراسات الاسلامية ".
سافر الإمام الصدر إلى عدة بلدان عربية و إسلامية و إفريقية و أوروبية ، مساهماً في المؤتمرات الاسلامية ، و محاضراً، و متفقداً أحوال الجاليات اللبنانية و الاسلامية ، و دارساً معالم الحياة الاوربية ( راجع حول رحلاته كتاب" حوارات صحفية " الجزء الاول - تأسيساً لمجتمع مقاوم ) ، و متصلاً بذوي الفعاليات و النشاطات الإنسانية و الاجتماعية و الثقافية.
و بعد أن وقف على أحوال الطائفة الاسلامية الشيعية و مناطقها و مؤسساتها في لبنان ، ظهرت له الحاجة إلى تنظيم شؤون هذه الطائفة ، باعتبار أن لبنان ، يعتمد نظام الطوائف الدينية و أن لكل من الطوائف الاخرى تنظيماً يختص بها ، و كان قد أنشئ بالمرسوم الاشتراعي رقم 18 تاريخ 13/1/1955 ، تنظيم خاص بالطائفة الاسلامية السنية يعلن استقلالها، و أنشئ بعده بالقانون الصادر بتاريخ 7/12/62 تنظيم خاص بالطائفة الدرزية ، بحيث بقيت الطائفة الإسلامية الشيعية وحدها دون تنظيم.
فأخذ يدعو إلى إنشاء مجلس ، يرعى شؤون هذه الطائفة أسوة بالطوائف الأخرى ، و لقيت دعوته معارضة من بعض الزعماء السياسيين في الطائفة و من بعض القوى خارجها . و استمر متابعاً هذه الدعوة سنوات ، و في مؤتمر صحفي عقده في بيروت بتاريخ 15/8/66 عرض آلام الطائفة و مظاهر حرمانها ، بشكل علمي مدروس و مبني على إحصاءات ، و بيّن الأسباب الموجبة للمطالبة بإنشاء هذا المجلس ، و أعلن أن هذا المطلب أصبح مطلباً جماهيرياً تتعلق به آمال الطائفة.
و أتت الدعوة نتائجها بإجماع نواب الطائفة الاسلامية الشيعية على تقديم اقتراح قانون بالتنظيم المنشود ، أقره مجلس النواب بالاجماع في جلسة 16/5/67 ، و صدقه رئيس الجمهورية بتاريخ 19/12/1967 ، و بمقتضاه أُنشئ " المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى " ليتولى شؤون الطائفة ، و يدافع عن حقوقها ، و يحافظ على مصالحها ، و يسهر على مؤسساتها ، و يعمل على رفع مستواها . و نص القانون المذكور على أن يكون لهذا المجلس رئيس يمثله ، و يمثل الطائفة ، و يتمتع بذات الحرمة و الحقوق و الامتيازات التي يتمتع بها رؤساء الأديان.
المصدر : مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث و الدراسات
نشاطات الامام السيد موسى الصدر بعد توليه رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
كتابات و محاضرات الامام السيد موسى الصدر
موقف الامام السيد موسى الصدر من الحرب الداخلية في لبنان