لم تدخل قوات الردع العربية جنوب لبنان ، ولم تتمكن السلطة اللبنانية من بسط سيادتها على هذه المنطقة ، فانتقل إليها صراع الفئات و القوى التي كانت تتصارع على الآراضي اللبنانية الاخرى قبل دخول القوات المذكورة.
و اشتدت محنة جنوب لبنان و باتت هذه المنطقة مسرحاً لأحداث خطيرة تهدد مصيرها، فيما الإمام الصدر يتابع مساعيه مع المسؤولين و القيادات في لبنان ، و رؤساء بعض الدول العربية ، و يرفع صوته في الخطابات و الأحاديث الصحفية و المناسبات ، ابتداء من أواخر سنة 1976 وطيلة سنة 1977 و في أوائل سنة 1978 محذراً من كارثة في جنوب لبنان و من خطر تعريضه للاحتلال الإسرائيل و لمؤامرات التوطين ، و داعياً لتحقيق السلاح في هذه المنطقة و لإعادة سلطة الدولة اللبنانية عليها. ولما حصل الاجتياح الإسرائيلي لهذه المنطقة بتاريخ 14/3/1978، و استقر الاحتلال الإسرائيلي في الشريط الحدودي من جنوب لبنان ، قام الإمام الصدر بجولة جديدة على الدول العربية ، يعرض خلالها على الملوك و الرؤساء العرب واقع الاوضاع في هذه المنطقة مطالباً بإبعاد لبنان عن ساحة الخلاف العربي و بعقد مؤتمر قمة عربية محدود يعالج قضية جنوب لبنان و يعمل على إنقاذه.
و بعد أن زار لهذه الغاية سوريا و الاردن و السعودية و الجزائر، انتقل إلى ليبيا بناء على إشارة من الرئيس الجزائري بومدين بتاريخ 25/8/1978.
سعي الامام السيد موسى الصدر لإنهاء الحرب الداخلية في لبنان
أدرك الإمام الصدر أن إنهاء الحرب في لبنان يتطلب قراراً عربياً مشتركا. و أن هذا القرار يجب أن يسبقه وفاق وطني . فانتقل الإمام الصدر إلى دمشق بتاريخ 23/8/76 و منها انتقل إلى القاهرة بتاريخ 2/9/76 ، عاملا على تنقية الاجواء بين البلدين و توحيد موقفيهما من حرب لبنان من أجل إنهائها . و استمر لغاية 13/10/76 متنقلا بين هذين البلدين و بين السعودية و الكويت و متصلا برئيس الجمهورية اللبنانية الجديد و بالمقاومة الفلسطينية ، ساعياً مع الملوك و الرؤساء و المسؤولين العرب لتحقيق تضامن عربي يُنهي حرب لبنان. و أثمرت هذه المساعي مع مساعي مسؤولين عرب و انتهت بانعقاد مؤتمر قمة الرياض بتاريخ 16/10/76 الذي تلاه مؤتمر قمة القاهرة بتاريخ 25/10/76، و فيهما تقرر إنهاء الحرب اللبنانية و فرض ذلك بقوات الردع العربية.
مع دخول قوات الردع العربية ، دعا الإمام الصدر إلى الخروج من أجواء الحرب و الالتفاف حول الشرعية اللبنانية و التمسك بوحدة لبنان الواحد وصيانة كيانه و استقلاله و إعادة بناء الوطن ومؤسساته. و أعلن بتاريخ 11/5/1977 ورقة عمل بمقترحات الاصلاحات السياسية و الاجتماعية و المبادئ الاساسية لبناء لبنان الجديد متمسكا بصيغة التعايش بين طوائفه الدينية . و نادى بفضل الازمة اللبنانية عن أزمة الشرق الاوسط ، و بوضع اتفاق بديل لإتفاق القاهرة في تنظيم العلاقات بين الدولة اللبنانية و المقاومة الفلسطينية . و دعا الحكم اللبناني لاتخاذ مواقف حازمه ممن يعرقلون مسيرة السلام و الوفاق.
المصدر: مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث و الدراسات
قدوم الامام السيد موسى الصدر إلى لبنان
كتابات و محاضرات الامام السيد موسى الصدر
موقف الامام السيد موسى الصدر من الحرب الداخلية في لبنان