كيفية تعليم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم
ذكر الله تعالى ، رسوله الأكرم ـ عليه آلاف التحية و الثناء ـ بوصفه معلماً . قال سبحانه : ( و يعلمهم الكتاب و الحكمة ) .
هل مقصود الآية هذا المعنى ، و هو ان رسول الله . يعلم الآخرين المعارف القرآنية بمستوى طبيب ، حيث يستفيد من رأسماله التجريبي ، أم بمعنى يعلم الآخرين المعارف القرآنية كحكيم ، يستخدم رأسماله الفكري و البرهاني ؟ ، أم أنه يعلم الآخرين المعارف الإلهية كعارف شاهد ينقل للآخرين نتائج مشهوداته ؟ .
قال الله تعالى و هو أول معلم و معلم بالذات ، في شأن كيفية التعليم : ( علّم الإنسان ما لم يعلم ) ، (سورة العلق ، الآية : 5) .
ان هذا التعليم ، ليس من سنخ العلوم الثالثة حيث يتعلم شيء بالحس أو العقل أو القلب ثم بعد ذلك يعلم للآخرين ، بل هو علم محض ، و تعليمه ينشأ من العلم الربوبي المحض ، و هذا فوق بحثنا ، أما الوجود المبارك لذلك النبي الذي لم يذهب إلى مدرسة ، فهو أيضاً لم يستعن بطريق العلم الحسي أو العقلي بالتأكيد ، أي أنه لم يصبح عالماً بالتجربة ، و لم يستعن بالبراهين من المدرسة .
أما عن العلم و التعليم الثالث ، فان كل سيرة و سنة و سريرة الوجود المبارك للنبي الأكرم ـ عليه آلاف التحية و الثناء ـ هو حضور و شهود ، كان متعلماً لم يذهب إلاّ لمدرسة ( الله ) ، و مدرسة الله تبدأ من القلب و ليس من الحس . ليس العلم الذي يقال فيه : ( من فقد حسّاً فقد فقد علماً ) .
بل العلم الذي يقول ، أغلق الحواس ، حتى تفهم . على عكس علوم المدرسة التي تقول استعمل الحواس حتى تفهم . لذا فان قسماً مهماً من نبوة النبي صلى الله عليه و آله و سلم بدأ من الرؤيا في أول الأمر ، أي أن بداية النبوة كانت في تلك الحال التي اغلقت فيها العين و الأذن و سائر مجاري الإدراك الحسي ، حيث كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يرى في المنام رؤى جيدة و كل رؤيا كان يراها رسول الله ـ عليه آلاف التحية و الثناء ـ كانت تتضح مثل بياض الصبح . هذا العلم ، هو علم شهودي ، بناء على هذا فان علم النبي هو علم شهودي و قلبي . في مجال التعليم أيضاً يعلم الآخرين ذلك بثلاثة طرق :
عن طريق ( التجربة ) بصفة ( الجدال الأحسن ) ، و ليس بصفة ( سند التعليم ) بالشكل الذي كأنه تعلمه عن طريق التجربة الحسية ، و كذلك علم الحكماء بصفة ( برهان ) ليس بالشكل الذي كأنه تعلمه من المدرسة ، و علم التلاميذ الشاهدين و العارفين كذلك بصفة ( إظهار ) .
و أما الطريق الخاص بالنبي الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم ، فهو ليس بالطريق الذي يصله الإنسان بتهذيب النفس و التزكية فضلاً عن البراهين العقلية والعلوم الحسية . (الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ، (سورة الأنعام ، الآية : 124) .
إنها هبة خاصة لاتتوفر بالكسب وا لتهذيب و التزكية و أمثالها ، إنها ربط خاص بين إنسان كامل و الله ، حيث ان ( الله أعلم حيث يجعل رسالته ) ، و ذلك أيضاً فوق بحثنا ، أي أن الإنسان المتعارف ليس داخلاً في هذا المجال .
فحين يتكلم القرآن الكريم معنا ، يتكلم بثلاثة طرق ؛ لأنه يتكلم معنا بلساننا ، حيث قال : ( ما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) ، (سورة إبراهيم ، الآية : 4) .
و ثبت ان الوجود المبارك للنبي الأكرم رسالته شاملة للعالم ، فجميع المجتمعات البشرية هم قومه ، انه يتكلم بلسان الجميع يتكلم بلسان أصحاب العلوم الحسية ، و يتكلم عن التجارب يتكلم بلسان أصحاب العلوم العقلية الصرفة ، و يتحدث عن البرهان ، و يتكلم بلسان الشاهدين العارفين أيضاً ، و يتكلم عن الوجدان .
هذه هي كيفية تعليم الوجود المبارك للنبي الأكرم ـ عليه آلاف التحية و الثناء ـ و عندما يطرح القرآن موضوع المرأة يدخل أيضاً في هذه الطرق الثلاثة ، أي يتكلم باستعمال الطريق التجريبي ، و الطريق العقلي و طريق العرفان و الشهود ، و يعلمنا عظمة المرأة بكل هذه الطرق المختلفة .
اية الله جوادي املي
كتبه ورسائله (صلى لله عليه وآله)
من وصايا الرسول (ص)
سنن النبي ( صلى الله عليه وآله )
زينة رسول الله ( ص )