بذكر خلاصة ما نراه من الحق في المسألة متجنبين الاشارة إلى خصوصيات الآراء والاقوال فيها حد الامكان.
وعليه فنقول: ينبغي تقديم مقدمات قبل بيان المختار، وهي:
(اولا) - انه لا شك في ان النقض المنهي عنه مسند إلى اليقين في لفظ الاخبار، وظاهرها ان وثاقة اليقين من جهة ما هو يقين هي المقتضية للتمسك به وعدم نقضه في قبال الشك الذي هو عين الوهن والتزلزل، لا سيما مع التعبير في بعضها بقوله عليه السلام: (لا ينبغي)، والتعليل في البعض الآخر بوجود اليقين المشعر بعليته للحكم كما سبق بيانه في قوله عليه السلام: (فانه على يقين من وضوئه)، ولا سيما مع مقابلة اليقين بالشك، ولا شك انه ليس المراد من الشك المشكوك.
وعلى هذا يتضح جليا ان حمل اليقين على إرادة المتيقن على وجه يكون الاسناد اللفظي إلى المتيقن بنحو المجاز في الكلمة او بنحو حذف المضاف خلاف الظاهر منها بل خلاف سياقها بل مستهجن جدا فيتأيد ما قاله المعترض ولذا استبعد شيخنا المحقق النائيني ان يريد الشيخ الاعظم من المجاز المجاز في الكلمة، وهو استبعاد في محله وأبعد منه ارادة حذف المضاف.
(ثانيا) - انه من المسلم به عند الجميع الذي لا شك فيه ايضا ان النهي عن نقض اليقين في الاخبار ليس على حقيقته.
والسر واضح، لان اليقين حسن الفرض منتقض فعلا بالشك فلا يقع تحت اختيار المكلف فلا يصح النهي عنه.
وحينئذ، فلا معنى للنهي عنه إلا ان يراد به عدم الاعتناء بالشك عملا والبناء عليه كأنه لم يكن، لغرض ترتيب احكام اليقين عند الشك، ولكن لا يصح ان يقصد احكام اليقين من جهة انه صفة من الصفات لارتفاع احكامه بارتفاعه قطعا، فلم يكن رفع اليد عن الحكم عملا نقضا له بالشك بل باليقين لزوال موضوع الحكم قطعا.
وعليه، فالمراد من الاحكام الاحكام الثابتة للمتيقن بواسطة اليقين به، فهو تعبير آخر عن الامر بالعمل بالحالة السابقة في الوقت اللاحق.
بمعنى وجوب العمل