3 - الفرق بين التعارض والتزاحم: تقدم في 2 / 286 بيان الحق الذي ينبغي ان يعول عليه في سر التفرقة بين بابي التعارض والتزاحم، ثم بينهما وبين باب اجتماع الامر والنهي.
وخلاصته: إن التعارض - في خصوص مورد العامين من وجه - انما يحصل حيث تكون لكل منهما دلالة التزامية على نفي حكم الآخر في مورد الاجتماع بينهما، فيتكاذبان من هذه الجهة.
وأما اذا لم يكن للعامين من وجه مثل هذه الدلالة الالتزامية فلا تعارض بينهما، اذ لا تكاذب بينهما في مقام الجعل والتشريع.
وحينئذ - أي حينما يفقدان تلك الدلالة الالتزامية - لو امتنع على المكلف ان يجمع بينهما في الامتثال لاي سبب من الاسباب، فان الامر في مقام الامتثال يدور بينهما: بان يمتثل اما هذا أو ذاك.
وهنا يقع التزاحم بين الحكمين.
وطبعا انما يفرض ذلك فيما اذا كان الحكمان الزاميين.
ومن أجل هذا قلنا في الشرط الخامس من شروط التعارض: أن امتناع اجتماع الحكمين في التحقق إذا كان في مقام التشريع دخل الدليلان في باب التعارض لانهما حينئذ يتكاذبان.
أما اذا كان الامتناع في مقام الامتثال دخلا في باب التزاحم اذ لا تكاذب حينئذ بين الدليلين.
وهذا هو الفرق الحقيقي بين باب التعارض وباب التزاحم في أي مورد يفرض.
وينبغي ألا يغيب عن بال الطالب انه حينما ذكرنا العامين من وجه فقط في مقام التفرقة بين البابين - كما تقدم في الجزء الثاني - لم نذكره لاجل إختصاص البابين بالعامين من وجه، بل لان العامين من وجه موضع شبهة عدم التفرقة بين البابين ثم بينهما وبين باب اجتماع الامر والنهي.
وقد سبق تفصيل ذلك هناك فراجع.
وعليه، فالضابط في التفرقة بين البابين - كما اشرنا اليه أكثر من مرة - هو أن الدليلين يكونان متعارضين اذا تكاذبا في مقام التشريع، ويكونان متزاحمين اذا امتنع الجمع بينهما في مقام الامتثال مع عدم التكاذب في مقام التشريع.