• عدد المراجعات :
  • 4622
  • 6/5/2012
  • تاريخ :

الوعي بالمستقبل

آرزو

يعد الوعي بالمستقبل واستشراف آفاقه وفهم تحدياته وفرصه من المقومات الرئيسة في صناعة النجاح سواء على الصعيد الشخصي أو على الصعيد الاجتماعي أو على الصعيد الحضاري؛ فلا يمكن أن يستمر النجاح لأحد إذا لم يكن يمتلك رؤية واضحة لمعالم المستقبل، فالنجاح الدائم إنما يرتكز على الوعي بالمستقبل. أما وعي الحاضر فهو وإن كان مهماً وضرورياً إلا أنه لا يكفي لوحده لصناعة النجاح الدائم، بَيْدَ أنه قد يكفي لنجاح مؤقت ولكنه نجاح يعقبه الفشل الذريع في غالب الأحيان إن لم يكن مصحوباً بفهم الحاضر ووعي المستقبل.

وهنا يتم التركيز على محورين في موضوع الوعي بالمستقبل وهما:

المحور الأول: أهمية الوعي بالمستقبل:

تنبع أهمية الوعي بالمستقبل وتشكيل رؤية واضحة عن أبعاده ومعالمه من النقاط التالية:

1 - التعامل مع الحاضر:

إن من لا يملك رؤية واضحة للمستقبل لا يعرف بصورة صحيحة كيف يتعامل مع الحاضر؛ ففهم الحاضر يتطلب فهم المستقبل، وبناء الحاضر يجب أن يرتكز على استيعاب آفاق المستقبل.

وكثير من الناس يخفقون في حياتهم العملية لأنهم ببساطة لا يمتلكون وعياً بالمستقبل، ومن ثم، يخبطون خبط عشواء في حياتهم الحاضرة، ولذلك فإن وعي المستقبل مهم لفهم الحاضر، ومعرفة التعامل معه.

ومن المهم للغاية إدراك أن الحاضر الآن سيصبح بعد فترة من الزمن ماضياً، وأن المستقبل سيكون هو الحاضر؛ وإدراك هذه الحقيقة الواضحة بجب أن يكون المنطلق للتعامل مع الحاضر برؤية ثاقبة.

2 - الإعداد للمستقبل:

الإعداد للمستقبل إنما يتم في الحاضر؛ بحيث يكون الفرد أو المجتمع قادراً على تشييد البُنَى التحتية المهمة لتشييد المستقبل. ومن يبدأ بالعمل للمستقبل في الحاضر يستطيع النجاح والتقدم والتطور في الحاضر والمستقبل، أما من لا يفكر إلا في اللحظة الحاضرة فإنه لن يكون قادراً على التكيف مع المستقبل، بالإضافة إلى أنه قد يفشل حتى في الحاضر.

وقلة من الناس من يعمل بجد واجتهاد من أجل المستقبل، ومن يُعد نفسه لتحديات وفرص المستقبل؛ وهؤلاء

3 - فهم العصر:

تنبع أهمية الوعي بالمستقبل من أهمية فهم العصر الذي نعايشه؛ فلا يمكن فهم العصر ولغته من دون فهم المستقبل وآفاقه؛ فلكي نفهم العصر علينا أن نفهم المستقبل الذي ينتظرنا.

ومعرفة العصر ضرورة من الضرورات المهمة في حياتنا؛ حتى لا نفاجأ بأحداث لا نتوقعها؛ فمن يعرف العصر (الزمان) لا يفاجأ بأحداث المستقبل.

المحور الثاني: كيفية تكوين رؤية للمستقبل:

يمكن لنا تكوين صورة واضحة ورؤية ثاقبة عن معالم المستقبل وآفاقه من خلال اتباع ما يلي:

1- دراسة الماضي وفهم الحاضر:

لكي نُكَوِّن رؤية عن المستقبل علينا أن ندرس الماضي، ونستفيد من دروسه، كما ينبغي فهم الحاضر ومكوناته؛ كما أنه من المهم ربط المستقبل بما يحدث في الحاضر، واستيعاب دروس الماضي بما فيها من نقاط قوة أو ضعف، فغالباً إن لم يكن دائماً ما يكون تطور المجتمعات الإنسانية ناتجاً من عملية تراكمية. أما مجرد التغني بأمجاد الماضي كهروب من مواجهة الحاضر والاستعداد للمستقبل فهو لا يعدو أن يكون إلا خداعاً للنفس؛ كما أنه يشكل أكبر خطورة على مستقبلنا وحاضرنا؛ إذ إن ذلك يعني أننا نعيش في الحاضر على أغاني الماضي وبطولاته، فيما لا نبذل أي جهد من أجل صناعة الحاضر والمستقبل.

2- متابعة وفهم المتغيرات الجديدة:

يتميز عالم اليوم بالكثير من التطورات والتغيرات والمستجدات على مختلف الصُعُد والمستويات؛ ولكي نفهم المستقبل لابد من متابعة جميع المستجدات والتغيرات المتلاحقة، والسعي لفهم ما يجري، وتشكيل رؤية تجاه ما يحدث وما سيحدث، وقراءة المتغيرات بروح علمية ومنهجية ومنطقية.

ومما يؤسف له حقاً أن يعيش البعض منا الحاضر -وفي الألفية الثالثة- ولكن بعقلية قديمة، بل وموغلة في القدم، وكأنه غير معني بما يحدث في الحاضر من تغيرات سريعة لم تشهد لها البشرية مثيلاً على طول تاريخها الطويل.

3- الاطلاع على قضايا المستقبل:

قضايا المستقبل تشمل عناوين كثيرة، ومواضيع متعددة، سواء ما يتعلق بالأفراد أو المجتمعات أو الدول. وفي الغرب توجد العديد من المراكز التي تُعنى بشؤون المستقبل وقضاياه، كما توجد الكثير من الدراسات التي تتناول قضايا المستقبل، كما تصدر العديد من المجلات المتخصصة التي ترصد قضايا المستقبل ومعالمه. ومن المؤسف حقاً أنه لا يوجد -إلا نادراً- في العالم العربي أي اهتمام يذكر بقضايا وشؤون المستقبل مما ساهم في غياب رسم استراتيجية واضحة لشؤون المستقبل وما يرتبط به من قضايا وأبعاد سواء ما يتعلق بالدول أو المجتمعات أو الأفراد. ومن المهم لكل من يريد تكوين رؤية للمستقبل الاطلاع على الدراسات والكتب والأبحاث التي تتناول شؤون المستقبل كي يتمكن من تكوين وعي دقيق بالمستقبل.

ومن يعي المستقبل ويعمل من أجله هو القادر -حاضراً ومستقبلاً- على الإمساك بزمام الأمور في مختلف الجوانب؛ أما من لا يفكر إلا في اللحظة الراهنة فإنه لن يستطيع تجاوز تلك اللحظة، أو التعامل مع غيرها. ولذلك نجد في واقعنا الاجتماعي الكثير من الناس ممن يتحسرون على ضياع الفرص التي أتيحت إليهم ولم يستثمروها، كما نجد الكثير من الكهول والشيوخ ممن يتحسرون على ضياع مرحلة الشباب من دون أن يستثمروها في تأهيل أنفسهم علمياً وعمليا.. ولكن هذا الندم والتحسر يأتي بعد فوات الأوان!

والإنسان العاقل والذكي، كما المجتمع العاقل والذكي.. هو من يفكر في المستقبل ويعمل من أجله بجد واجتهاد.. وهذا هو وحده من يحوز على النجاح تلو النجاح في الحاضر والمستقبل معاً.


كيفية بناء الأوطان على أساس الثقافة الإسلاميّة

من أسباب التخلف

الحياة الكريمة حق انساني

الاختيار الإنساني ومشكلة تضادّ المصالح

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)