• عدد المراجعات :
  • 1993
  • 10/25/2011
  • تاريخ :

المطاعم في الجنة

المطاعم في الجنة

(مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ...) ( مائدة119).

«الآسن» يعني النتن، وبناءاً على هذا، فإنّ (ماء غير آسن) تعني الماء الذي  لا يتغيّر طعمه ورائحته لطول بقائه وغيره ذلك، وهذا أوّل نهر من أنهار الجنّة، وفيه ماء زلال جار طيب الطعم والرائحة.

ثمّ تضيف: (وأنهار من لبن لم يتغيّر طعمه) وذلك أنّ الجنّة مكان لا يعتريه الفساد، ولا تتغيّر أطعمة الجنّة بمرور الزمن، وإنّما تتغيّر الأطعمة في هذه الحياة الدنيا، لوجود أنواع الميكروبات التي تفسد

إذ أنّ هذه الهبة معنوية روحية، فتقول: (ومغفرة من ربّهم) إذ ستمحو رحمته الواسعة كل هفواتهم وسقطاتهم، وسيمنحهم الله الإطمئنان والهدوء والرضى. يستفاد من آيات القرآن المجيد جيداً أنّ في الجنّة أنهاراً وعيوناً مختلفة، ولكلّ منها فائدة ولذّة خاصّة.

 (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتامُهُ مِسْكٌ وَ فِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) مطففين25 . 

الرحيق : الشراب الصافي الخالص من الغش ، و يناسبه وصفه بأنه مختوم ، فإنه إنما يختم على الشيء النفيس الخالص ، ليسلم من الغش و الخلط و إدخال ما يفسده فيه. قيل : الختام بمعنى ما يختم به ، أي إن الذي يختم به مسك بدلا من الطين ، و نحوه الذي يختم به في الدنيا . و قيل : أي آخر طعمه الذي يجده شاربه رائحة المسك . التنافس : التغالب على الشيء ، و يفيد بحسب المقام معنى التسابق .

(عيناً يشرب بها المقرّبون) المطففين28.

و يستفاد من هذه الاية أنّ كلّ أصحاب الجنّة لا يشربون من كل هذه الأشربة، بل أنّ لها مراتب يشرب أصحاب كلّ مرتبة من الأشربة الموجودة في درجتهم.

الخمر في الجنة

لا يخفى أنّ خمر الجنّة وشرابها لا علاقة له بخمر الدنيا الملوّث مطلقاً، بل هو كما يصفه القرآن في موضع آخر: (لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون) (صافات47 )، وليس فيه إلاّ العقل والنشاط واللذّة الروحية.

الفواكه في الجنة

لقد أكّدت الآية مورد البحث، وكثير من آيات القرآن الأُخرى على الفواكه من بين الأطعمة، الفواكه المتنوّعة المذاق، وهذا يبيّن أنّ الفاكهة أهم أغذية الجنّة، وحتى في هذه الدنيا، فإنّ الفاكهة أفضل وأسلم غذاء للإنسان.

الثمار واللحوم

وكل ما في الدنيا من طعام وشراب ففي الجنة ما هو أطيب منه وأكمل وأكثر، وأضعافه وأضعافه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

 والأساس في المآكل هي الثمار واللحوم، وهي أكثر ما يطلبه الناس ويبذلون فيه الأموال، وفي الجنة ثمار ولحوم لأهلها ليست كالتي في الدنيا (وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [الطُّور:22] وفي آية أخرى (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [الواقعة:20-21]. وفي ثالثة (إِنَّ المُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ) [المرسلات:41-42]. 

وهي ثمار كثيرة جداً تعز على الحصر، ولا يحصيها العد، وإذا كانت ثمار الدنيا لا يكاد يحصيها الواحد من الناس، بل الجماعة منهم، فكيف بثمار الجنة، وهي ثواب الله تعالى لعباده المؤمنين (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ) [ص:50-51] وفي آية أخرى (وَتِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) [الزُّخرف:72-73]. ويكفي في الدلالة على ذلك قول الله تعالى (وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ) [محمد:15]. 

ويخبر الله تعالى عما هم فيه من الحبور والسرور، والاشتغال بالنعيم عن مصير أهل الجحيم بقوله سبحانه (إِنَّ أَصْحَابَ الجَنَّةِ اليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ) [يس:55-57]

فلهم ما يطلبون، ولهم ما يتمنون ويشتهون (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) [فصِّلت:31].

خصائص ثمار الجنة

 ومن خصائص ثمار الجنة أن لكل فاكهة منها نوعين (فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ) [الرَّحمن:52] وذلك من جميع أصناف الفواكه، كل صنف له لذة ولون ليس للنوع الآخر، أو يكون فيها من كل نوع ما يؤكل رطباً وما يؤكل يابساً كالعنب والزبيب، والرطب والتمر، ونحو ذلك.

 ولا يظنن ظان أن ثمار الجنة في الحصول عليها كثمار الدنيا، تحتاج إلى من يجلبها من سوقها، أو يصعد شجرها ليقطفها، بل هي ثمار لصاحبها تأتيه حيث كان، وتدنو منه متى أراد، وما عليه إلا أن يشتهيها لينالها (وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ) [الرَّحمن:54] (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ) [الحاقَّة:22-23] . 

إنها ثمار في رؤوس أشجارها ولكنها مذللة لأصحابها يقطفونها يانعة ناضجة متى اشتهوها (وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا) [الإنسان:14] . 

ومن كثرة ثمار الجنة يظن أهلها أنهم رأوها من قبل فإذا هي أنواع جديدة متشابهة في شكلها ولونها، مختلفة في طعمها وريحها (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا) [البقرة:25]. 

وأكثر شيء ينغص على أهل الدنيا عيشهم القلة بعد الجدة، وفقد الشيء بعد نيله، واشتهاء الشيء مع عدم القدرة عليه.. ومن الناس من يشتهي طعاما فيأكل من الطعام ما يضره؛ لمرض فيه، ومنهم من يرى الطعام فيحبس نفسه عنه وإن كان يشتهيه؛ خوفا من عاقبته. ومن الناس من يسرف في مأكله فيضر نَفْسَه، ويحبس نَفَسَه.. وأما أهل الجنة فيتنعمون بأنواع المآكل والمشارب وهم آمنون من كل هذا التنغيص (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آَمِنِينَ) [الدُخان:55]

آمنين من فقدها وقلتها، وآمنين من ضررها وعاقبتها، وآمنين من حبس نفوسهم عنها لعلة من العلل؛ فالجنة ليس فيها مرض ولا قلة ولا فقر ولا ضرر على أهلها مما يأكلون ويشربون (أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا) [الرعد:35].

و في روضة الكافي : بإسناده عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام في صفة الجنة ، قال :

و الثمار : دانية منهم .

و هو قوله عز و جل : { وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها} { وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا } .

من قربها:  منهم ، يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه و هو متكئ .

 و إن الأنواع : من الفاكهة ليقلن لولي الله :

 يا ولي الله : كلمني قبل أن تأكل هذه قبلي . 


كيف نلبي دعوة الله ؟ زر الله في بيته

كيف نلبي دعوة الله؟ طهر قلبك وبدنك

التحليل النفسي في الاسلام

علينا ان نكشف الحجب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)