نماذج من روايات التحريف في كتب الشيعة 2
الطائفة الثانية :
الروايات الدالّة على أنّ بعض الآيات المنزلة من القرآن قد ذُكِرت فيها أسماء الائمة عليهم السلام ، ومنها :
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) ، قال : « نزل جبرئيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله وسلم هكذا : ( وإن كُنْتُم في رَيْبٍ مِمّا نَزَّلنا عَلَى عَبْدِنا ـفي عليّ ـ فأتُوا بسُورةٍ مِن مِثْلِهِ )، (البقرة2: 23)
2 ـ ما رُوي في (الكافي) عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) في قول الله تعالى : ( من يُطعِ اللهَ ورَسُولَه ـ في ولاية عليّ والاَئمّة من بعده ـ فَقَد فَازَ فَوْزَاً عَظِيماً ) ، (الاحزاب 33: 71)هكذا نزلت (2).
3 ـ ما رُوي في (الكافي) عن منخل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : « نزل جبرئيل على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا ( يا أيُّها الذينَ أوتُوا الكتاب آمِنوا بما أنَزَّلنَا ـ في عليّ ـ نُوراً مُبِيناً )، (4)
ويكفي في سقوط هذه الروايات عن درجة الاعتبار نصّ العلاّمة المجلسي في (مرآة العقول) على تضعيفها ، ويغنينا عن النظر في أسانيدها واحداً واحداً اعتراف المحدّث الكاشاني بعدم صحّتها (5)، وقول الشيخ البهائي : «ما اشتهر بين الناس من اسقاط اسم أمير المؤمنين (عليه السلام) من القرآن في بعض المواضع.. غير معتبرٍ عند العلماء»، (6)، وعلى فرض صحّته يمكن حمل قوله : «هكذا نزلت» وقوله : «نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية هكذا» على أنّه بهذا المعنى نزلت ، وليس المراد أنّ الزيادة كانت في أصل القرآن ثمّ حُذِفت .
قال السيد الخوئي : «إنّ بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه ، فلابدّ من حمل هذه الروايات على أنّ ذكر أسماء الاَئمّة في التنزيل من هذا القبيل ، وإذا لم يتمّ هذا الحمل فلابدّ من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسُنّة والاَدلّة المتقدّمة على نفي التحريف» (7) .
وعلى فرض عدم الحمل على التفسير ، فإنّ هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في (الكافي) ، قال : سألتُ أبا عبدالله (عليه السلام) عن قول الله تعالى : (يا أيها الذين آمنواأطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُولَ وأولي الاَمر مِنْكُم) ، ( النساء4: 59). قال : فقال : « نزلت في عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام » . فقلت له : إنّ الناس يقولون : فما له لم يسمّ علياً وأهل بيته في كتاب الله ؟ قال عليهما السلام : « فقولوا لهم : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتّى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي فسّر لهم ذلك » (8). فتكون هذه الرواية حاكمة على جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها ، ويضاف إلى ذلك أنّ المتخلّفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجّوا بذكر اسم الامام عليّ (عليه السلام) في القرآن ، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة ، فهذا من الاَدلّة الواضحة على عدم ذكره في الآيات . ومما يُضاف لهذه الطائفة من الروايات أيضاً :
1 ـ ما رُوي في (الكافي) عن الاَصبغ بن نباتة ، قال : سَمِعتُ أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : « نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفي عدوّنا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام » (9).
2 ـ ما رُوي في (تفسير العياشي) عن الصادق (عليه السلام) ، قال : « لو قُرىء القرآن كما أُنزل لاَلفيتنا فيه مُسمّين » (10).
وقد صرّح العلاّمة المجلسي رحمه الله بأنّ الحديث الاَوّل مجهول ، أمّا الحديث الثاني فقد رواه العياشي مرسلاً عن داود بن فرقد ، عمّن أخبره ، عنه (عليه السلام) ، وواضح ضعف هذا الاسناد ، وعلى فرض صحّته فإنّ المراد بالتسمية هنا هو كون أسمائهم عليهم السلام مثبتة فيه على وجه التفسير ، لا أنّها نزلت في أصل القرآن ، أي لولا حذف بعض ما جاء من التأويل لآياته ، وحذف ما أنزله الله تعالى تفسيراً له ، وحذف موارد النزول وغيرها ، لاَلفيتنا فيه مُسمّين ، أو لو أُوّل كما أنزله الله تعالى وبدون كَدَر الاَوهام وتلبيسات أهل الزيغ والباطل لاَلفيتنا فيه مُسمّين .
-------------------------------------------------------------------
الهوامش
(1) الكافي 8 : 53 | 16 .
(2) الكافي 1 : 417 | 26 .
(3) الكافي 1 : 414 | 8 .
(4) الكافي 1: 417/ 27 وصدر الآية من سورة النساء 4: 47 هكذا ( يا أيها الذين أمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم ...) وأما آخرها ( نور مبيناً ) فهو في نفس السورة آية : 147 هكذا ( يا ايها الناس قد جاءكم برهان من ربكم و أنزلنا إليكم نوراً مبينا ) ولعله سقط من الخبر شيء .
(5) الوافي 2 : 273 .
(6) آلاء الرحمن 1 : 26 .
(7) البيان في تفسير القرآن : 230 .
(8) الكافي 1 : 286 | 1 .
(9) الكافي 2 : 627 | 2 .
(10) تفسير العياشي 1 : 13 | 4 .