يوفون بالنذر
الصدوق : حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا ، قال : حدثنا شعيب بن واقد ، قال : حدثنا القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس . وحدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي ، حدثنا الحسن بن مهران ، قال : حدثنا مسلمة بن خالد ، عن الصادق جعفر بن محمد ، عن أبيه في قوله عزوجل : ( يوفون بالنذر ) قال : مرض الحسن الحسين وهما صبيان صغيران ، فعادهما رسول الله ومعه رجلان ، فقال أحدهما : يا أبا الحسن لو نذرت في إبنيك نذرا إن الله عافاهما ، فقال : أصوم ثلاثة أيام شكرا لله عزوجل ، وكذلك قالت فاطمة ، وقال الصبيان : ونحن أيضا نصوم ثلاثة أيام ، وكذلك قالت جاريتهم فضة ، فألبسهما الله عافية ، فأصبحوا صياما وليس عندهم طعام ، فانطلق علي إلى جار له من اليهود يقال له : شمعون ، يعالج الصوف ، فقال : هل لك أن تعطيني جزة من صوف تغزلها لك ابنة محمد بثلاثة أصوع من شعير ؟ قال : نعم ، فأعطاه ، فجاء بالصوف والشعير ، وأخبر فاطمة فقبلت وأطاعت ، ثم عمدت فغزلت ثلث الصوف ، ثم أخذت صاعا من الشعير فطحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص ، لكل واحد قرصا ، وصلى علي مع النبى المغرب .
ثم أتى منزله فوضع الخوان وجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي إذا مسكين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، أنا مسكين من مساكين المسلمين ، أطعموني مما تأكلون ، أطعمكم الله على موائد الجنة ،
فوضع اللقمة من يده ثم قال : فاطم ذات المجد واليقين * يا بنت خير الناس أجمعين أما ترين البائس المسكين * جاء إلى الباب له حنين يشكو إلى الله ويستكين * يشكو إلينا جائعا حزين كل امرئ بكسبه رهين * من يفعل الخير يقف سمين موعده في جنة رهين * حرمها الله على الضنين وصاحب البخل يقف حزين * تهوي به النار إلى سجين شرابه الحميم والغسلين فأقبلت فاطمة تقول : أمرك سمع يا ابن عم ! وطاعة * ما بي من لؤم ولا [ وضاعة ] غديت باللب وبالبراعة * أرجو إذا أشبعت من مجاعة أن ألحق الأخيار والجماعة * وأدخل الجنة في شفاعة وعمدت إلى ما كان على الخوان فدفعته إلى المسكين ، وباتوا جياعا ، وأصبحوا صياما لم يذوقوا إلا الماء القراح .
ثم عمدت إلى الثلث الثاني من الصوف فغزلته ، ثم أخذت صاعا من الشعير طحنته وعجنته وخبزت منه خمسة أقرصة لكل واحد قرصا ، وصلى علي المغرب مع النبي صلى الله عليهما ثم أتى منزله ، فلما وضع الخوان بين يديه جلسوا خمستهم فأول لقمة كسرها علي إذا يتيم من يتامى المسلمين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ! أنا يتيم من يتامى المسلمين ، أطعموني مما تأكلون ، أطعمكم الله على موائد الجنة ، فوضع علي اللقمة من يده ، ثم قال : فاطم بنت السيد الكريم * بنت نبي ليس بالزنيم قد جاءنا الله بذا اليتيم * من يرحم اليوم هو الرحيم موعده في جنة النعيم * حرمها الله على اللئيم وصاحب البخل يقف ذميم * تهوي به النار إلى الجحيم شرابها الصديد والحميم فأقبلت فاطمة هي تقول : فسوف أعطيه ولا أبالي * وأؤثر الله على عيالي أمسوا جياعا وهم أشبالي * أصغرهم يقتل في القتال بكربلا يقتل باغتيال * لقاتليه الويل مع وبال يهوي به النار إلى سفال * كبوله زادت على الأكبال ثم عمدت فأعطته جميع ما على الخوان ، وباتوا جياعا لم يذوقوا إلا الماء القراح ، وأصبحوا صياما ؛ وعمدت فاطمة فغزلت الثلث الباقي من الصوف ، طحنت الصاع الباقي وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص لكل واحد قرصا ، وصلى علي المغرب مع النبي ثم أتى منزله ، فقرب إليه الخوان وجلسوا خمستهم ، فأول لقمة كسرها علي إذا أسير من أسراء المشركين قد وقف بالباب فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمد ، تأسروننا وتشدوننا ولا تطعموننا ؟ فوضع علي اللقمة من يده ثم قال : فاطم يا بنت النبي أحمد * بنت نبي سيد مسود قد جاءك الأسير ليس يهتدي * مكبلا في غله مقيد يشكو إلينا الجوع قد تقدد [ تغدد ] * من يطعم اليوم يجده في غد عند العلي الواحد الموحد * ما يزرع الزارع سوف يحصد فأعطني [ فأعطين ] لا تجعليه ينكد .
فأقبلت فاطمة وهي تقول : لم يبق مما كان غير صاع * قد دبرت كفي مع الذراع شبلاي والله هما جياع * يا رب لا تتركهما ضياع أبو هما للخير ذو اصطناع * عبل الذراعين طويل الباع وما على رأسي من قناع * إلا عبا نسجتها بصاع وعمدوا إلى ما كان على الخوان فأعطوه وباتوا جياعا ، وأصبحوا مفطرين ليس عندهم شيء .
وأضاف في المناقب : فرآهم النبي جياعا ، فنزل جبرئيل ومعه صحفة من الذهب مرصعة بالدر والياقوت ، مملوءة من الثريد وعراقا ، يفوح منه رائحة المسك والكافور ، فجلسوا ، فأكلوا حتى شبعوا ، ولم تنقص منها لقمة واحدة ، وخرج الحسين ومعه قطعة عراق ، فنادته امرأة يهودية : يا أهل الجوع ! من أين لكم هذا ؟ أطعمنيها .
فمد الحسين ليطعمها فهبط جبرئيل فأخذها من يده ، ورفع الصحفة إلى السماء ، فقال النبى : لولا ما أراد الحسين من إطعام الجارية تلك القطعة لتركت الصحفة في أهل بيتي يأكلون منها إلى يوم القيامة ، لا تنقص لقمة ، ونزلت : ( يوفون بالنذر ) ، وكانت الصدقة في ليلة خمس وعشرين من ذي الحجة ونزلت ( هل أتى ) في اليوم الخامس والعشرين منه . قال شعيب في حديثه : وأقبل علي بالحسن والحسين نحو رسول الله وهما يرتعشان كالفرخ من شدة الجوع ، فلما بصربهم النبي قال : يا أبا الحسن ! شد ما يسوؤني ما أرى بكم ! ؟ انطلق إلى ابنتي فاطمة ، فانطلقوا إليها وهي في محرابها ، قد لصق بطنها بظهرها من شدة الجوع وغارت عيناها ، فلما رآها رسول الله ضمها إليه وقال : واغوثاه بالله ، أنتم منذ ثلاث فيما أرى ؟ فهبط جبرائيل فقال : يا محمد ! خذ ما هيأ الله لك في أهل بيتك . قال : وما آخذ يا جبرئيل ؟ قال :( هل أتى على الإنسان حين من الدهر ) حتى إذا بلغ : ( إن هذا كان لكم جزآء وكان سعيكم مشكورا ) .
وقال الحسن بن مهران في حديثه : فوثب النبي حتى دخل منزل فاطمة فرأى ما بهم فجمعهم ثم انكب عليهم يبكي ويقول : أنتم منذ ثلاث أيام فيما أرى أنا غافل عنكم ؟ فهبط عليه جبرائيل بهذه الآيات : ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ) ، قال : هي عين في دار النبي يفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين .
( يوفون بالنذر ) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم .
( ويخافون يوما كان شره ومستطيرا ) يقولون عابسا كلوحا .
( ويطعمون الطعام على حبه ) يقول : على شهوتهم للطعام وإيثارهم له ( مسكينا ) من مساكين المسلمين ( ويتيما ) من يتامى المسلمين ( وأسيرا ) من أسارى المشركين ويقولون : إذا أطعموهم : ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزآء ولا شكورا ) .
قال : والله ! ما قالوا هذا لهم ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر الله بإضمارهم ، يقولون : لا نريد جزاء تكلفوننا به ولا شكورا تثنون علينا به ، ولكن إنما أطعمناكم لوجه الله وطلب ثوابه قال الله تعالى ذكره : ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة ) في الوجوه ( وسرورا ) في القلوب ( وجزاهم بما صبروا جنة ) يسكنونها ( وحريرا ) يفترشونه ويلبسونه ( متكئين فيها على الآرآئك ) والأريكة : السرير عليه الحجلة ( لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ) .
قال ابن عباس : فبينا أهل الجنة في الجنة إذ رأوا مثل الشمس قد أشرقت لها الجنان ، فيقول أهل الجنة : يا رب ! إنك قلت في كتابك : ( لا يرون فيها شمسا ) ؟ ! فيرسل الله جل اسمه إليهم جبرئيل فيقول : ليس هذه بشمس ، ولكن عليا وفاطمة ضحكا فأشرقت الجنان من نور ضحكهما ؛ ونزلت ( هل أتى ) فيهم إلى قوله تعالى : ( وكان سعيكم مشكورا ) .
فرات الكوفي : عن محمد بن إبراهيم الفزاري .
قال : حدثنا محمد بن يونس الكديمي ، قال : حدثنا حماد بن عيسى الجهني ، قال : حدثنا النهاس بن فهم ، القاسم بن عوف الشيباني ، عن زيد بن أرقم ، قال : كان رسول الله يشد على بطنه الحجر من الغرث - يعني الجوع - فظل يوما صائما ليس عنده شيء ، فأتى بيت فاطمة والحسن والحسين يبكيان ، فلما نظرا رسول الله تسلقا على منكبه وهما يقولان : يا أبانا قل لأمنا تطعمنا .
فقال رسول الله لفاطمة : أطعمي ابني .
قالت : ما في بيتي شي إلا بركة رسول الله .
قال : فالتقاهما رسول الله بريقه حتى شبعا وناما ، فاقترضنا لرسول الله ثلاثة أقراص من شعير فلما أفطر رسول الله وضعناها بين يديه ، فجاء سائل وقال : يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أطعموني مما رزقكم الله ، أطعمكم الله من موائد الجنة ، فإني مسكين .
فقال رسول الله : يا فاطمة بنت محمد قد جاءك المسكين فله حنين ، قم يا علي وأعطه .
قال : فأخذت قرصا فقمت فأعطيته ، ورجعت وقد حبس رسول الله يده .
ثم جاء ثان فقال : يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني يتيم فأطعموني مما رزقكم الله ، أطعمكم الله من موائد الجنة .
فقال رسول الله : يا فاطمة بنت محمد قد جاءك اليتيم وله حنين ، قم يا علي وأعطه .
قال : فأخذت قرصا وأعطيته ثم رجعت وقد حبس رسول الله يده .
قال : فجاء ثالث وقال : يا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة إني أسير فأطعموني مما رزقكم الله ، أطعمكم الله من موائد الجنة .
قال : فقال رسول الله : يا فاطمة بنت محمد قد جاءك الأسير وله حنين ، قم يا علي فأعطه .
قال : فأخذت قرصا وأعطيته ، وبات رسول الله طاويا وبتنا طاوين مجهودين ، فنزلت هذه الآية : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) .
الإمام الحسن والقرآن
ايات نزلت في حق الامام المهدي (ع)
أثر القرآن الكريم على النفوس