السيدة أم كلثوم ( عليها السلام )
بنت الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام )
اسمها ونسبها :
هناك رأيان في السيّدة أم كلثوم بنت الإمام علي ( عليه السلام ) :
1ـ إنّ لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنتاً واحدة لا أكثر ، تسمّى بالسيّدة زينب ( عليها السلام ) وتكنّى بأم كلثوم .
2ـ إنّ لفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنتان لا بنتاً واحدة .
أحدهما : تسمّى بزينب ( عليها السلام ) ، أو تسمّى بزينب الكبرى .
وثانيهما : تسمّى بأم كلثوم ، أو تسمّى بزينب الصغرى وتكنّى بأم كلثوم ، والرأي الثاني هو المشهور عند علمائنا .
ولادتها ونشأتها :
ولدت السيّدة أم كلثوم ( عليها السلام ) في السنة السابعة من الهجرة ، ونشأت في حجر الزهراء ( عليها السلام ) ، وتأدّبت بآداب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ونمت برعاية الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
وكانت السيّدة أم كلثوم ( عليها السلام ) مع أخيها الإمام الحسين ( عليه السلام ) بكربلاء ، ومع الإمام السجاد ( عليه السلام ) إلى الشام ، ثمّ إلى المدينة .
وقد شاركت أختها زينب الكبرى ( عليها السلام ) في جميع الأحداث والمصائب ، وهي التالية لشقيقتها فضلاً وسنّاً وفصاحة وبلاغة .
زواجها من عمر بن الخطّاب :
في الأخبار أنّ عمر بن الخطّاب تزوّجها غصباً ، كما في الحديث الوارد عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) في تزويجها قال : ( إنّ ذلك فرج غصبناه ) ، وأنكر جمع من العلماء والمحقّقين ذلك الزواج ، وأنّ الإمام علي ( عليه السلام ) أرسل إلى عمر جنية من أهل نجران تمثّلت في مثال أم كلثوم .
دفاعها عن أبيها ( عليه السلام ) :
لما بلغ عائشة نزول أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بذي قار كتبت إلى حفصة بنت عمر : أمّا بعد ، فلمّا نزلنا البصرة ، ونزل علي بذي قار ، والله داق عنقه كدق البيضة على الصفا ، إنّه بمنزلة الأشقر ، إن تقدّم نحر ، وإن تأخّر عقر .
فلمّا وصل الكتاب إلى حفصة استبشرت بذلك ، ودعت صبيان بني تيم وعدي وأعطت جواريها دفوفاً وأمرتهن أن يضربن بالدفوف ، ويقلن : ما الخبر ، ما الخبر ، علي كالأشقر ، بذي قار ، إن تقدّم نحر ، وإن تأخّر عقر .
فبلغ أم سلمة ( رضوان الله عليها ) اجتماع النسوة على ما اجتمعن عليه من سب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والمسرّة بالكتاب الوارد عليهن من عائشة ، فبكت وقالت : أعطوني ثيابي حتّى أخرج إليهن وأوقع بهم .
فقالت أم كلثوم ( عليها السلام ) : أنا أنوب عنك ، فإنّني أعرف منك ، فلبست ثيابها وتنكّرت وتخفّرت ، واستصحبت جواريها متخفّرات ، وجاءت حتّى دخلت عليهن كأنّها من النضارة ، فلمّا رأت إلى ما هن فيه من العبث والسفه ، كشفت نقابها وأبرزت لهن وجهها ، ثمّ قالت لحفصة : إن تظاهرت أنت وأختك على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقد تظاهرتما على أخيه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من قبل ، فأنزل الله عز وجل فيكما ما أنزل ، والله من وراء حربكما .
وأظهرت حفصة خجلاً وقالت : إنّهن فعلن هذا بجهل ، وفرّقتهن في الحال .
حضورها في كربلاء :
هناك عدّة أمور تثبت حضورها ووجودها ( عليها السلام ) في كربلاء منها :
1ـ إنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) لما نظر إلى اثنين وسبعين رجلاً من أهل بيته صرعى ، التفت إلى الخيمة ونادى : ( يا سكينة ، يا فاطمة ، يا زينب ، يا أم كلثوم ، عليكن منّي السلام ... ) .
2ـ إنّ الإمام الحسين ( عليه السلام ) أقبل على أم كلثوم ، وقال لها : ( أوصيك يا أخية بنفسك خيراً ، وإنّي بارز إلى هؤلاء القوم ) .
3ـ بعد مصرع الإمام الحسين ( عليه السلام ) أقبل فرسه إلى الخيام ، فلمّا نظر أخوات الحسين ( عليه السلام ) وبناته وأهله إلى الفرس ليس عليه أحد رفعن أصواتهن بالبكاء والعويل ، ووضعت أم كلثوم يدها على أم رأسها ونادت : وا محمّداه ، وا جدّاه ، وا نبيّاه ، وا أبا القاسماه ، وا علياه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، وا حسناه ، هذا حسين بالعراء ، صريع بكربلا ، مجزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرداء ... .
4ـ صار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز ، فصاحت بهم أم كلثوم وقالت : يا أهل الكوفة ، إنّ الصدقة علينا حرام ، وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم ، وترمي بها إلى الأرض .
5ـ قال مسلم الجصاص : والناس يبكون على ما أصابهم ، ثمّ إنّ أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم : صه يا أهل الكوفة ، تقتلنا رجالكم ، وتبكينا نساؤكم ! والحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء .
خطبتها ( عليها السلام ) :
خطبت السيّدة أم كلثوم ( عليها السلام ) في مجلس عبيد الله بن زياد بالكوفة ، وهي خطبة معروفة وفي الكتب مسطورة , بقولها : يا أهل الكوفة ، سوأة لكم ، ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه ، وانتهبتم أمواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه ! فتباً لكم وسحقاً .
ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم ، وأي وزر على ظهوركم حملتم ، وأي دماء سفكتموها ، وأي كريمة أصبتموها ، وأي صبية سلبتموها ، وأي أموال انتهبتموها ؟ قتلتم خير رجالات بعد النبي ، ونزعت الرحمة من قلوبكم ، ألا إنّ حزب الله هم الفائزون ، وحزب الشيطان هم الخاسرون ... .
قال الراوي : فضجّ الناس بالبكاء والنوح ، ونشر النساء شعورهن ، ووضعن التراب على رؤوسهن ، وخمشن وجوههن ، وضربن خدودهن ، ودعون بالويل والثبور ، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم ، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم .
شعرها حين رجوعها من الشام :
إنّ أم كلثوم ( عليها السلام ) حين توجّهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول :
مدينـة جـدّنا لا تقبليـنا |
فبالحسرات والأحزان جينا |
ألا فاخبر رسول الله عنّا |
بأنّا قد فجعـنا فـي أبيـنا |
ومن جملتها :
مدينـة جـدّنا لا تقبليــنا |
فبالحسرات والأحزان جينا |
خرجنا منك بالأهليـن جمعاً |
رجعنا لا رجال ولا بنيـنا |
وكنّا في الخروج بجمع شمل |
رجعنا خاسـرين مسلبينا |
وكنّا في أمـان الله جهـراً |
رجعنا بالقطيعة خائفيـنا |
ومولانا الحسين لنا أنيـس |
رجعنا والحسين به رهينا |
فنحن الضـائعات بلا كفيل |
ونحن النائحات على أخينا |
ألا يا جدّنا قتلـوا حسـيناً |
ولم يرعـوا جناب الله فينا |
ألا يا جـدّنا بلغت عـدانا |
مناها واشتفى الأعداء فينا |
لقد هتكوا النساء وحملوها |
على الأقتاب قهراً أجمعينا |
وفاتها ( عليها السلام ) :
توفّيت ( عليها السلام ) بالمدينة المنوّرة بعد رجوعها مع السبايا من الشام بأربعة أشهر وعشرة أيّام .