علي الأكبر بن الإمام الحسين ( عليهما السلام)
ولادته :
ولد علي الأكبر ( عليه السلام ) سنة ( 39 هـ ) أو ( 41 هـ ) ، و أبوه الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، و أمه لَيلى بنت أبي مُرَّة بن عروة بن مسعود الثقفي .
صفاته و سيرته :
كان ( عليه السلام ) من أصبحِ الناس وجهاً ، و أحسنِهِم خُلُقاً ، و روي أنه كان يشبه جَدّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في المنطق و الخَلق و الخُلق . و رَوى الحديث عن جَدِّه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، و هو صغير السنِّ ، مِمَّا يدل على تعلّقه بالعلم و الكمال منذ الصغر .
شجاعته :
أما عن شجاعته فقد روي أنه : لما ارتحلَ الإمام الحسين ( عليه السلام ) من قصر بني مقاتل خفق ، و هو على ظهر فرسه خفقة ، ثم انتبه ( عليه السلام ) ، و هو يقول : ( إنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجِعُون ، و الحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمين ) ، كَرَّرها مرَّتين أو ثلاثاً . فأقبل ابنه علي الأكبر ( عليه السلام ) فقال : ( ممَّ حمدْتَ اللهو استرجَعْتَ ؟ ) .
فقال الحسين ( عليه السلام ) : ( يا بُنَي ، إنِّي خفقتُ خفقة فعنَّ لي فارسعلى فرس ) ، و و يقول : ( القوم يسيرون ، و المنايا تسير إليهم ، فعلمت أنها أنفسنانُعِيَت إلينا) .
فقال علي الأكبر ( عليه السلام ) : ( يا أبَه ، لاأراك الله سوءً ، ألَسْنَاعلى الحق ؟ ) .
فقال ( عليه السلام ) : (بَلَى و الذي إليه مَرجِع العباد ) .
فقال علي الأكبر ( عليه السلام ) : ( فإننا إذَنْ لانُبالي أن نموت مُحقِّين ) .
فقال له الإمام الحسين ( عليه السلام ) : (جَزَاك اللهُ مِن وَلدٍ خَير مَاجَزَى وَلَداً عن والِدِه ) .
و في الرواية السابقة دلالة على جلالة قدر علي الأكبر ( عليه السلام ) ، و حسن بصيرته ، و شجاعته ، و رَباطَةِ جأشه ، و شدة معرفته بالله تعالى .
وقد مدحته الشعراء ، فيقول أبو الفرج الإصفهاني ، إن هذه الأبيات قِيلَت في عليالأكبر ( عليه السلام ) :
لم تَرَ عَينٌ نَظَرتْ مِثله |
من محتف يَمشي ومِن نَاعِلِ |
كانَ إذا شبَّت لَهُ نارُه |
وقَّدَها بالشَّرفِ الكَامِلِ |
كَيْما يراهَا بائسٌ مرملٌ |
أو فرد حيٍّ ليسَ بالأهلِ |
أعني ابن اليلى ذا السدى والنَّدى |
أعني ابن بنت الحسين الفاضل |
لا يؤثِرُ الدّنيا على دِينِه |
ولا يبيعُ الحَقَّ بِالباطِلِ |
شهادته :
روي أنه لم يبقَ مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) يوم عاشوراء إلاَّ أهل بيته و خاصَّته. فتقدم علي الأكبر ( عليه السلام ) ، و كان على فرس له يدعى الجناح ، فاستأذن أبَاه ( عليه السلام ) في القتال فأذن له ، ثُمَّ نظر إليه نظرة آيِسٍ مِنه ، و أرخَى عينيه ، فَبَكى ثم قال : ( اللَّهُمَّ كُنْ أنتَ الشَّهيد عَليهم ، فَقد بَرَز إليهم غُلامٌ أشبهُ النَّاس خَلقاً و خُلقاً و مَنطِقاً برسولك ) .
فشَدَّ عَليٌّ الأكبر ( عليه السلام ) عليهم ، و هو يقول :
أنَا عَليّ بن الحسين بن علي |
نحن وبيت الله أولَىبِالنَّبي |
تالله لا يَحكُمُ فينا ابنُ الدَّعي |
أضرِبُ بالسَّيفِأحامِي عَن أبي |
ضَربَ غُلام هَاشِميٍّ عَلوي
ثم يرجع إلى أبيه فيقول : ( يا أباه العطش !! ) . فيقول له الحسين ( عليه السلام ) : ( اِصبِرْ حَبيبي ، فإنَّك لاتُمسِي حتى يَسقيك رسولُ الله ( صلى الله عليه وآله ) بكأسه ) .
ففعل ذلك مِراراً ، فرآه منقذ العبدي ، و هو يشدُّ على الناس ، فاعترضه و طعنه فصُرِع ، و احتواه القوم فقطَّعوهُ بِسِيوفِهِم . فجاء الحسين ( عليه السلام ) حتى وقف عليه ، و قال : (قَتَلَ اللهُ قوماً قتلوك يا بُنَي ، ما أجرأهُم على الرَّحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ) .
و انهمَلَتْ عيناه بالدموع ، ثم قال ( عليه السلام ) : (عَلى الدُّنيا بَعدَك العفا ) . و قال لِفِتيانه : (احملُوا أخَاكُم ) .
فحملوه من مصرعه ذلك ، ثم جاء به حتى وضعه بين يدي فسْطَاطِهِ .
و روي أنه كان أول قتيل مِن وِلد أبي طالب مع الحسين ( عليه السلام ) ابنه علي الأكبر ( عليه السلام ) .
فَسَلامٌ عليك يا شهيد ، و ابن الشهيد ، و يا مظلوم ، و ابن المظلوم ، و لعن اللهقاتليك و ظالميك .
عبد الله الرضيع ( عليه السلام )
الاکبرعليه السلام في مسيرة الركب التاريخية
السيدة فاطمة الكبرى بنت الإمام الحسين ( عليه السلام )