دعوة رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) إلى الله تعالى
علم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، أنه ليس بوسعه ، أن يُجاهِر بدعوته في أول الأمر ، لأنَّه سيُجابَه من قِبَل المشركين بكل وسائل الرفض و المقاومة .
فلجأ ( صلى الله عليه وآله ) إلى أسلوب السرِّية و الكتمان ، و ظَلَّ يدعو في مَكَّة سِرّاً كل من يراه مؤهلاً للانضمام إلى الدين الجديد ، حتى تكامل عدد أصحابه أربعين شخصاً .
فدامت هذه المرحلة ثلاث سنوات ، ثم من بعدها أعلن ( صلى الله عليه وآله ) دعوته في مكة مدة عشر سنوات ، و هكذا بدأت مرحلة الصراع بين النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) و أصحابه و بين قِوى الكفر ، و الشرك ، و الضلال ، فاحتلَّت المواجهة بين الطرفين مساحة واسعة ، استخدمت قُرَيش فيها كل وسائل الضغط و القمع و الإرهاب .
و كانت البداية في الصراع مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) هي الحرب النفسيَّة ، التي تمثَّلت بالسخرية و الاستهزاء ، لكنه ( صلى الله عليه وآله ) ، و اصل دعوته مع الثُلَّة الخَيِّرة من أصحابه ، ممَّا اضطرَّ الأعداء إلى تغيير أسلوبهم ضد الدعوة الجديدة .
فأخذوا بإيذاء الرسول ( صلى الله عليه وآله ) و أصحابه ، و بشكل مباشر ، و بأساليب مُنحطَّة ، تتناسب مع مُستَوَاهم الأخلاقي .
أما النبي محمد ( صلى الله عليه و آله ) فقد اتَّخذ أسلوباً آخر لمواجهتهم ، و هو أن يضع عَمَّه أبا طالب في مواجهة الطغاة ، لأنه كان من المناصرين له و لدعوته ، و لأن قريش كانت تَهابه ، و تَخافه .
و تصاعدت المِحنة ، و أخذَتْ قريش ، تستخدم كل أنواع الإرهاب و التعذيب ، لكن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) و أصحابه كانوا أشِدَّاء ، لا تُزعْزِعُهم تلك الوسائل .
و بعد أن فشلت كل وسائل الإرهاب و التعذيب ، و كذلك فشلت جميع المحاولات للفصل بين النبي ( صلى الله عليه وآله ) و المحامي عنه عمُّه أبو طالب ، استخدموا أسلوباً جديداً معهم ، ألا و هو أسلوب المحاصرة الاقتصادية .
فتمَّت محاصرة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) و أهل بيته من بني هاشم ، و بني عبد المطَّلب في شعب أبي طالب ( شعب بني هاشم ) ، و كان ذلك في السنة السابعة من البعثة .
ثم انتهت المحاصرة الاقتصادية ، و أساليب التجويع و الإرهاب ، و خرج منها الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ظافراً منتصراً .
و شاء الله بعد ذلك أن يتوفَّى خديجة ( رضوان الله عليها ) وأبا طالب في السنة العاشرة للبعثة النبوية ، فشعرَ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالحزن و الألم ، حتى سَمَّى ذلك العام بـ (عام الحزن ) ، و على أثر ذلك اشتدَّ أذى قريش له ، و حاولوا مِراراً النيل منه ، و التآمر على حياته .
مواجهة الرسول لقريش