ورد عن الثعلبي في ( قصص الأنبياء ) ، و الزمخشري في ( الكشاف ) في تفسير قوله تعالى : ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا المِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً ) ، (آل عمران : 37 ) .
في خبر طويل نقتطف منه ما يلي : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لفاطمة ( عليها السلام ) : ( يَا بُنَيَّة هَلْ عندك شيء آكل ؟، فإني جائع ) .
فقالت ( عليها السلام ) : ( لا و الله ، بأبي أنت و أمي ) .
فلما خرج رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) من عندها ، بَعَثَت إِليها جارةٌ لها بِرَغِيفَيْنِ ، و بضعة لحم .
فأخذَتْهُ ( عليها السلام ) منها ، و وضعته في جفنة ، و غطت عليه ، و قالت : ( لأُوثِرَنَّ بها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على نفسي ، و من عندي ) ، و كانوا جميعاً محتاجين إلى شبْعَة من طعام .
فبعثت حَسَناً و حسيناً إلى جَدِّهِما ( صلى الله عليه وآله ) ، فرجع ( صلى الله عليه وآله ) إليها ، فقالت ( عليها السلام ) : ( بأبي أنت و أمي يا رسول الله ، قد أتانا الله بشيء فخبأتُه لك ) .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( فَهَلُمِّي به ) فَأْتِي به ، فكشفت ( عليها السلام ) عن الجفنة ، فإذا هي مملوءة خبزاً و لحماً .
فلما نظرَتْ ( عليها السلام ) إليه بهتَت ، و عرفت أنها بركة من الله تعالى ، فحمدت الله تعالى ، و صلّت على نبيه ( صلى الله عليه وآله ) .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( من أين لك هذا يا بُنَيَّة ؟ ) .
قالت ( عليها السلام ) : ( هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الحمد لله ، جعلك شبيهة بسيِّدة نساء بني إسرائيل ، فإنها كانت إذا رَزَقها الله رزقاً حسناً ، فسُئلت عنه ، قالت : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
فبعث الرسول ( صلى الله عليه وآله ) إلى علي ( عليه السلام ) ، فَأتَى .
فأكل الرسول و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ( عليهم السلام ) ، و جميع أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، حتى شبعوا ، و بقيت الجفنة كما هي .
فقالت فاطمة ( عليها السلام ) : ( و أوسعت منها على جميع جيراني ، و جعل الله فيها بركة ، و خيراً طويلاً ) .
و كان أصل الجفنة رغيفين ، و بضعة لحم ، و الباقي بركة من الله تعالى .
و عن الحسن البصري ، و ابن إسحاق ، عن ميمونة قالت : وَجدتُ فاطمة ( عليها السلام ) نائمة ، و الرَحى تدور ، فأخبرتُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك فقال : ( إن اللهَ عَلِمَ ضَعفَ أَمَتِهِ ، فَأوحى إِلى الرَّحى أَن تدورَ ، فَدَارَتْ ) .
و رهنت ـ مرَّةً ـ فاطمة ( عليها السلام ) كسوة لها عند امرأة زيد اليهودي في المدينة ، و استقرضت الشعير ، فلما دخل زيد داره ، قال : ما هذه الأنوار في دارنا ؟! ، قالت : لِكِسوَةِ فاطمة ( عليها السلام ) .
فأسلَمَ في الحال ، و أسلَمَت امرأتُه و جيرانُه ، حتى أسلم ثمانون نفساً .
و عن علي بن معمر قال : خرجَتْ أمُّ أَيمَن إلى مكة ، بعد وفاة فاطمة ( عليها السلام ) ، و قالت : لا أرى المدينة بعدها .
فأصابها عطش شديد في الجحفة ، حتى خافت على نفسها ، فكسرت عَينَيها نحو السماء ، ثم قالت : يَا ربِّ ، أَتَعَطِّشَنِي ، و أنا خَادمة بنت نبيك ( صلى الله عليه وآله ) .
قال : فنزل إليها دَلوٌ من ماء الجنَّة ، فَشَرِبَتْ ، و لم تَجُعْ ، وَ لَمْ تَعطَشْ سَبع سِنين .
و ما ذكرناه شيء يسير من كرامات فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .