وحي الله إلي النحل آية قرآنية وحقيقة علمية
قال تعالي في سورة النحل:﴿ وَأَوْحَي رَبُّكَ إِلَي النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ ، سورة النحل : آية رقم 68
بعض الاكتشافات الحديثة في عالم النحل
أكّد فريق فرنسي من علماء البيئة، لدي مركز دراسات السلوك الفطري عند الحيوانات، في خبر نشرته جريدة " الطبيعةأنّه عليالرغم من أنّ النحل يملك جهازاً عصبياً بسيط للغاية إلاّ أنّه بإمكانه أن يستوعب ويدرك الأشكال المرئية تماماً كما يفعله البشر وغيرهم من الحيوانات الذكية.
و لقد لاحظ هذا الفريق من العلماء، بعد سنوات من التجارب، أن النحل يدرك الصور والأشكال الطبيعية المعقدة بطريقة غريبة أكثر ممّا يوحي لنا حجم دماغها الصغير. فالجهاز العصبي لنحلة واحدة يحتوي علي ما لا يزيد عن950000خلية عصبية، يمكنه أن يفرّق ببراعة بين أشكال وخطوط هندسية موّجهة بصفة متفرقة، فهذه الحشرة التي متوسط عمرها هو أربعون يوماً(2)بإمكانها أن تفرّق بين هذه الخطوط الهندسية حتي ولو كانت هذه الخطوط محصورة داخل أشكال هندسية معقدّة التكوين ! الإنسان العاقل بإمكانه أن يفعل ذلك أيضا لكن بدماغ يحوي100مليار خلية عصبية ! و بعبارة أخري : بدل أن تحدد النحلة شجرة أو جذع أو كهف ثم تخزن أشكال هذه الصور في ذاكرتها لاستعمالها لاحقا كما تفعل باقي الحيوانات أو الحشرات الأخري، فإنها تدرك هذه الأشياء بإشكالها التي تحددها ! و هذه الطريقة في إدراك الأشياء الطبيعية لا توجد إلاّ عند البشر ! كما لو أنّ النحل لا يسير وفقاً لغريزة ولكن وفقاً لإلهام، كل هذا أدي بالباحثين الفرنسيين إلي تساؤلات عديدة من بينها :
من الذي قاد النحل إلي التصرف وفقاً لهذا السلوك الغير اعتيادي لدي الحشرات؟!
و من أوجد في عقولهم الصغيرة هذا التوجيه البديع في رؤية الأشكال الطبيعية ؟ توجيه يتعدي عتبة الفطرة و السلوك التعودي؟
قام الفريق العلمي الذي يترأسه الباحث مارتن جيورفابتدريب مجموعة من النحل في الفضاء علي إستعاب أربع مضلّعات: واحدة أفقية وواحدة عمودية و اثنان قطرية موجهة نحو اتجاهات عديدة ومختلفة. وعبر هذه التجارب تمكنت مجموعة النحل هذه من التعرّف علي كل الأشكال الهندسية بصفة محيرة للعلماء، أدي بهم لطرح سؤال مفاده: من أين لهم هذه القدرات الهائلة لتحليل الصور الهندسية المعقدة؟
وجه الإعجاز في الآية الكريمة
في الآية رقم68من سورة النحل نجد كلمة"أوحي"و هي كلمة جاء ذكرها في القرآن الكريم أكثر من أربعين، و لهذه الكلمة معنيين:الوحي بمفهومه المعهود لدينا و هو وحي كلام الله إلي رسله و أنبيائه كما قال عز و جل في سورةالنساء ﴿
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَي نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَي وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾، (سورة النساء : آية 163 ) ، و المعني الثاني هو الوحي بمفهوم"الإلهام" كما جاء في قوله تعالي من سورةطه ﴿
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَي أُمِّكَ مَا يُوحَي ﴾ ، (سورة طه : آية رقم 38) ، والوحي في هذه الآية جاء بمعني الإلهام و كذا بالنسبة للآية أعلاه من سورة النحل. وقال إبن كثير في تفسير هذه الآية(
الْمُرَاد بِالْوَحْيِ هُنَا الْإِلْهَام وَالْهِدَايَة وَالْإِرْشَاد لِلنَّحْلِ أَنْ تَتَّخِذ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا تَأْوِي إِلَيْهَا وَمِنْ الشَّجَر وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ هِيَ مُحْكَمَة فِي غَايَة الْإِتْقَان فِي تَسْدِيسهَا وَرَصّهَا بِحَيْثُ لَا يَكُون فِي بَيْتهَا خَلَل)وقال الطبري أيضا : (
وَأَلْهَمَ رَبّك يَا مُحَمَّد النَّحْل إِيحَاء إِلَيْهَا) وذهب القرطبي إلي نفس ما ذهب إليه ابن كثبر والطبري، فقال في تفسيره: (
قَدْمَضَي الْقَوْل فِي الْوَحْي وَأَنَّهُ قَدْ يَكُون بِمَعْنَي الْإِلْهَام, وَهُوَ مَا يَخْلُقهُ اللَّه تَعَالَي فِي الْقَلْب اِبْتِدَاء مِنْ غَيْر سَبَب ظَاهِر)
إن الله يخبرنا في كتابه المنزه أنّ النحل تدرك أشكال بيوتها من أشجار وجبال وفقاً لإلهام قذفه بحكمته تعالي في قلوبها وليس وفقاً لسلوك تعودي أو عادات مكتسبة، فراحت هذه المخلوقات الصغيرة تصنع العجب العجاب، وراحت تعجز الإنسان و علومه، وتصنع له أطيب وأنفع وأشفي شراب علي وجه الأرض ! أليس هذا ما توصل إليه الباحثون الفرنسيون بعد أربعة عشر قرناً من بعد وحي الله لرسوله الكريم؟! كيف يمكن لبشر عاش في بيئة صحراوية بدائية أن يظهر حقيقة علمية كهذه إن لم يكن نبياً رسولا؟! حقيقة علمية كلّفت إنسان القرن الواحد والعشرين سنوات عديدة و تجارب كبيرة لإثباته ا؟! و لو اقتفي هذا الفريق من العلماء آثار هذه الحشرة الصغيرة لوجد أنّ إلهامها يقودها إلي أن تتبع سبل من ألهمها وصدق سبحانه إذ قال :﴿ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ ، ( سورة النحل: آية رقم 69 ).
محمد ترياقي،مهندس في الإحصاء
تحليل القرآن لنظريات نشوء السماء
البحر المسجور
الطارق
لهذا الكون نهاية وأنه سيعود إلى أصله