في ظــلال الغديــر
وهذا العنوان جاء لكتاب من الأديب الألمعي محمد عبد الغني حسن بتاريخ 7 ربيع الأول 1372هـ، الموافق لـ25 نوفمبر 1952م.
منه: سيدي الأستاذ العلامة الكبير عبد الحسين أحمد الأميني، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد فلقد أسعفتني لحظات قصار من الصحة التي تروح وتجيء بكلمات ضئيلة قليلة عن كتابكم (الغدير) الذي يتضائل أمامه كل كلام مهما كان.. والله يجزيكم أحسن الجزاء ويوفّقكم إلى إتمام هذا العمل الذي تنوء به العصبة أولو القوة.
الغدير هو الحقيقة المطلوبة
وجاء في ضمن مقالته: ليس في هذا العنوان أثر لروح شاعرية أو جنوح إلى عاطفة من عواطف الخيال المقتنص أو ميل إلى شوارد التعبير عما يجول في الخاطر الكليل.. وإنما هي حقيقة ناصعة الوجه واليد واللسان حين نقرر أن القارئ لـ(الغدير) يفيء منه إلى ظل ظليل ويلتمس منه راحة الاطمئنان وحلاوة القرار ورضى الثقة بما يجده المرء حين يأوي إلى الواحة المخضرّة بعد وعثاء السفر وبيداء واسعة المتلامات فيجد في ظلالها أنس الاستقرار وسلامة المقام ودعة المصير.
الغدير أعمق من البحار
ولن أكون بهذه الكلمة جانحاً إلى خيال أو محلقاً إلى جواء من التصور الحالم أو الوهم الهائم ولكنني سأجتاز هذا الغدير عابراً مفكراً مقلّباً النظر في صفحاته الرجراجة بكل فكر، المتوجة بكل مبحث مستخرجاً من أصفى لآلئه وأكرم عناصره..
الغدير يزيد الحب والولاء
ولكن الحق الذي يجب أن يجهر به أن العلامة الأستاذ عبد الحسين الأميني لم يكن محباً متعصباً ولا هو متطرف جموح وإنما كان عالماً وضع علمه بجانب محبته لعلي وشيعته وكان باحثا وضع أمانة العلم ونزاهة البحث فوق اعتبار العاطفة ولا يلام المرء حين يحب فيسرف في حبه أو حين يهوى فيشتدّ به الهوى ولكن اللوم يقع حين تميل دواعي الهوى بالمرء عن صحيح وجه الحق..
حديث الغدير شمس في رابعة النهار
ولما كانت وقعة الغدير - غدير خم - من الحقائق الثابتة التي لا تقبل الجدل وكان الحديث - حديث الغدير - مما ينعقد إجماع الأمة الإسلامية - سنة وشيعة - على صحته فقد حدث الحجاج به، ومناشدته بين الصحابة والتابعين، ولهذا عقد العلامة عبد الحسين فصلاً في المناشدة والاحتجاج بحديث الغدير، وممن احتجّ به فاطمة بنت الرسول والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمر بن عبد العزيز والخليفة المأمون العباسي.
حديث الغدير صحيح متواتر
ولما كان حديث الغدير بلغ من الصحة والتواتر وقوة السند مبلغاً لا يحتاج معه إلى إثبات مثبت أو تأييد مۆيد فقد كان المۆلف الجليل في غنىً عن أن يخص صحة إسناد الحديث بفصل فإنه لا يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل.. ولكنه جرى في المنهج العلمي على سنن الجادة واستقامة القصد فذكر في الصفحة 266 وما بعدها كلمات الرواة والحفّاظ حول سند الحديث:
فالترمذي يقول في صحيحه: (إن هذا حديث حسن صحيح والحافظ ابن عبد البر القرطبي يقول بعد ذكر حديث المۆاخاة وحديثي الراية والغدير هذه كلها آثار ثابتة..).
كتاب الغدير أثبت الولاية للإمام علي (عليه السلام)
ولو أن كتاب (الغدير) كان احتجاجاً لحديث غدير خم وتأييداً لصحته وتبياناً لرواته وطرق روايته على مرّ العصور وإثباتاً لما يستفاد منه من معنى الولاية للإمام علي لكان بذلك كافياً..
آخره اعتذار
وفي آخر كتابه يقول: هذا هو الغدير في نظرة عاجلة أعجلني بها أمر الزمان وشغل الحدثان ما كنت أود أن تطول معه الوقفة وتعمق النظرة ولكن علاّمتنا الكبير الأستاذ عبد الحسين أحمد الأميني حريّ أن يغفر لصديقه السنيّ المصري ما لم يسعفه به زمانه.
وفي الخاتمة دعاء ودعوة للتمسك بالغدير
وأسأل الله أن يجعل من هذا الغدير الصافي صفاءً لما بين السنة والشيعة من أخوّة إسلامية يتجهون بها في كتلة واحدة وبناء مرصوص إلى الحياة الحرة الكريمة التي يعتز بها الإسلام ويعلو له بها في العالم المقام.
أول كتاب الغدير ج1 ص ب
محمد عبد الغني حسن
الشيخ عبد الحسين الأميني ( قدس سره )
الغدير كما قاله الرسول (ص)
الغدير بين نثر العلماء ، و نظم الشعراء
الغدير في التراث الإسلامي