حديث الغدير في مصادر أهل السنة (2)
يقول الغزالي : " أجمع الجماهير على متن الحديث من خطبته من غدير خم باتفاق الجميع وهو يقول : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فقال عمر : بخ بخ يا أبا الحسن لقد أصبحت مولاي ومولى كل مولى ، فهذا تسليم ورضى وتحكيم ، ثم بعد هذا غلب الهوى لحب الرياسة ولما مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال قبل وفاته ائتوا بدواة وبياض لأزيل لكم إشكال الأمر ، وأذكركم من المستحق لها بعدي ، قال عمر : دعوا الرجل فإنه يهجر . . . فإذن بطل تعلقكم بتأويل النصوص ، فعدتم إلى الإجماع ، وهذا منصوص أيضا ، فإن العباس وأولاده وعليا وزوجته وأولاده ، وبعض الصحابة ، لم يحضروا حلقة البيعة . . . وخالفكم أصحاب السقيفة في متابعة الخزرجي " ( 1 ) .
ويقول الشهرستاني في الملل والنحل . " ومثل ما جرى في كمال الإسلام وانتظام الحال حين نزل قوله تعالى : ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فلما وصل غدير خم أمر بالدوحات فقممن ، ونادوا الصلاة جامعة ، ثم قال ( عليه السلام ) وهو يۆم الرحال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وأدر الحق معه حيث دار ألا هل بلغت ؟ ثلاثا " ( 2 ) .
وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم عن زيد بن أرقم قال : " لما رجع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من حجة الوداع ونزل غدير " خم " أمر بدوحات فقممن ، فقال : كأني دعيت فأجبت ، إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ثم قال : إن الله عز وجل مولاي ، وأنا مولى كل مۆمن ، ثم أخذ بيد علي ( رض ) فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . . . " . يقول الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، وقد أخرجه الحافظ الذهبي في تلخيصه على المستدرك . . . " ( 3 ) .
وحديث الغدير أخرجه علماء أهل السنة وحفاظهم بطرق كثيرة . فيهم :
ابن حجر العسقلاني في الإصابة ( 4 ) ، والقندوزي في ينابيع المودة , والمقريزي في خططه ( 5 ) ، والإمام أحمد في مسنده ( 6 ) ، والبيهقي في كتابه الاعتقاد على مذهب السلف وأهل الجماعة ( 7 ) ، والسيوطي في الجامع الصغير ( 8 ) ، وتاريخ الخلفاء ( 9 ) ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ( 10 ) ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ( 11 ) والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ( 12 ) ، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة ، ( 13 ) وابن تيمية في كتابيه ، حقوق آل البيت ( 14 ) والعقيدة الواسطية ، والمسعودي في مروج الذهب ، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وابن كثير في تفسير القرآن الكريم ، وابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة ، وغير هۆلاء من حملة الآثار من علماء أهل السنة ،
وأما قول ابن حزم : " وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلا . . . " فهو كحاطب ليل لا يرى بالبصر ولا بالبصيرة ، ولا أضلته العصبية المذهبية كما أضلت غيره ، وإلا فما يقول في الذين ذكرناهم ، أليسوا من الثقات والعدول عنده ؟
وماذا يقول ابن خلدون وغيره عن هۆلاء ؟
أليسوا من جهابذة علماء أهل السنة ورواتهم ، أم أنهم من عوامهم وجهالهم ؟
فبماذا يجيب الحاكم العادل ، وأين يضع ابن خلدون وابن حزم وغيرهما من كفتي الميزان ؟
وماذا يقول الشيخ محمد أبو زهرة في قوله : " . . . ومخالفوهم - أي مخالفوا الشيعة - يشكون في نسبة هذه الأخبار إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟
فالشيخ أبو زهرة قد طعن في رواة أهل السنة وحفاظهم ، حيث ذهبوا إلى تصحيح هذه الروايات ، والشيخ يطعن في صحتها . ولا شك أن رواة الحديث أعرف بصحة الحديث من الشيخ أبو زهرة . . يقول ابن كثير في تفسيره : " وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال في خطبته بغدير " خم " . . . " ( 15 )
ويقول ابن حجر : " إن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه . . . ولا التفات لمن قدح في صحته ولا لمن رده . . . " ( 16 )
ويقول ابن تيمية ، مع شدة معارضته للشيعة : " وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بغدير يدعى " خم " بين مكة والمدينة . . . " ( 17 ) إلى غير ذلك من أقوال علماء أهل السنة وحفاظهم ، والتي تدل على صحة حديث الغدير الناصة على خلافة علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
المصادر:
( 1 ) أبو حامد الغزالي : سر العالمين وكشف ما في الدارين - ص 10 .
( 2 ) الشهرستاني : الملل والنحل - ج 1 - ص 163 . ( * )
( 3 ) الحاكم : المستدرك على الصحيحين - ج 3 - ص 109 وأيضا الحافظ الذهبي في تلخيصه .
( 4 ) ابن حجر العسقلاني : الإصابة - ج 2 - ص 15 - وأيضا ج 4 - ص 568 .
( 5 ) المقريزي : الخطط - ج 2 - ص 92 .
( 6 ) الإمام أحمد في مسنده : ج 1 - ص 331 ط 1983 .
( 7 ) البيهقي : كتاب الاعتقاد - ص 204 - وأيضا 217 ط بيروت - 1986 .
( 8 ) السيوطي : الجامع الصغير - ج 2 - ص 642 .
( 9 ) السيوطي : تاريخ الخلفاء ص 169 .
( 10 ) المحب الطبري : الرياض النضرة - ج 2 - ص 172 .
( 11 ) ابن خلكان : وفيات الأعيان - ج 4 - ص 318 ، 319 .
( 12 ) الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد - ج 7 - ص 437 .
( 13 ) ابن قتيبة : الإمامة والسياسة ج 1 - ص 109 .
( 14 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت - ص 13 . ( * )
( 15 ) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج 4 - ص 113 .
( 16 ) ابن حجر الهيثمي : الصواعق المحرقة ص 42 .
( 17 ) ابن تيمية : حقوق آل البيت ص 13 . ( * )
حديث الغدير في مصادر أهل السنة (١)
مسۆوليتنا تجاه الغدير
فضل الغدير علي الحرّية اليوم
الغدير والخوارج بعد صفين