کيف يمکن نصرة الرسول؟
لا يمكن أبدًا اعتبار إهانة المقدسات الدينية لديانة سماوية يعتنقها المليارات فى العالم وهى الديانة الرسمية للكثير من الدول، لا يمكن اعتبار ذلك نوعًا من الحرية والإبداع وحق التعبير، فهذه خسة وحقارة وابتذال للحقوق ونشر للفتن والاضطرابات فى العالم كله، فهل توقف الإبداع وحرية التعبير عند المقدسات الدينية وإثارة الشعوب فى مختلف أنحاء العالم؟ أم أن وراء ذلك أهدافًا خفية لجهات مشبوهة؟
لقد أمرنا الإسلام باحترام الأديان السماوية وجميع الأنبياء والرسل، وهو ما يعرفه هۆلاء السفهاء ويدركونه تمامًا، من أن المسلمين لن يتعرضوا لأى من مقدساتهم بأى صورة من الصور انطلاقًا من مبادئ ديننا الحنيف الذى جاء به رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُۆْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).إن من يقومون بمثل تلك الأعمال المقززة إما يجهلون قيمة وقدر ومكانة الإسلام ورسوله الكريم أو أنهم مأجورون لإثارة الاضطرابات فى العالم كله وفى منطقتنا على وجه الخصوص، لتوتير العلاقات بين أبناء تلك المنطقة.
ولا يمكن لعاقل أن ينكر أن تلك الأفعال المشينة كان من ضمن أهدافها تشتيت الانتباه عن الجرائم التى تتم سواء فى سوريا وفلسطين أو لتعطيل حركة البناء والتنمية والنهضة التى بدأت تنطلق فى منطقتنا.
إن هناك محاولات مستمرة لاستفزاز المسلمين ومحاولة إظهارهم بمظهر الإرهابيين وغير المتحضرين، وللأسف هناك بعض المندفعين من بنى جلدتنا من يعطيهم تلك الفرصة بتصرفات غير مبررة وغير مسئولة حين يعتدون على ممتلكاتهم وشعبهم ووطنهم للتعبير عن غضبهم من تلك التصرفات التى حدثت فى أمريكا وفرنسا.
إن هذه ليست المرة الأولى التى يستهدف فيها الإسلام ورسوله الكريم صلى الله عليه واله وسلم، ولن تكون الأخيرة، ولا بد لنا من التعامل مع الحدث بحكمة وروية وتعقل لدراسة الأسباب والوصول لأفضل النتائج وإحسان توظيف الحدث للخروج منه بأقل الخسائر وأكبر قدر ممكن من المكاسب.
إن من أهم الأسباب الحقيقية لما حدث هو جهلنا وتذيلنا الأمم، وعدم إجادة عرضنا لديننا ولنبينا الكريم ورسالته، والدور الهادم لبعض القوى التبشيرية والصهيونية التى تحاول العبث بأمن واستقرار المنطقة، ولا يمكن إغفال أحقاد البعض من التقدم الإسلامى فى دول المنطقة.
لكن لا ينبغى لنا الاستغراق فى التحليلات والاندفاع خلف ردة الفعل العاطفية التى قد تضر ولا تنفع ولكن ينبغى لنا حسن التعامل مع الحدث وتوظيفه التوظيف الأمثل وفقا لتعاليم ونهج الإسلام.
إن علينا جميعًا أدوارًا مطلوبة لنصرة الإسلام والمصطفى الحبيب سواء على المستوى الشخصى أو الشعبى أو الرسمى، فشخصيًّا يتوجب علينا حسن التأسى برسول الله واتباع سنته وهديه واقعًا عمليًّا والاقتداء به فى كل خطوات حياتنا، لنكون الصورة المضيئة لهديه وسيرته وسنته صلى الله عليه واله وسلم، وكذلك حسن التعبير عن الرفض الشعبى لهذه الأفعال المسيئة بالطرق السلمية والمستمدة من نهج وسلوك وسيرة الحبيب المصطفى، وكذلك المشاركة الفاعلة فى الحملات الرافضة سواء كانت جماهيرية أو إلكترونية أو مقاطعة منتجات لتوصيل رفضنا وغضبنا العارم لمثل هذه التصرفات.
وعلينا الانضباط فى رد الفعل حتى لا نعطى الفرصة لمتصيد أو متحامل أو مأجور؛ لتشويه صورة إسلامنا الجميل ولا رسولنا الحبيب صلى الله عليه واله وسلم.
ورسميًّا يجب على كل الحكومات الإسلامية والمحبة للسلام أن تضغط على الحكومات المعنية "أمريكا أو فرنسا" لسحب الفيلم وتقديم المنتجين للمحاكمة ومحاسبة الصحف وكل وسائل الإعلام التى تنتهج مثل هذه التصرفات التى تسىء للعلاقات بين الدول ولا يقتصر الأمر على دور الشعوب فقط، واتخاذ كل الإجراءات القانونية ضد المسيئين للدين الإسلامى أو لمقام المصطفى الأمين.
وعلى هذه الحكومات العمل الجاد والحثيث لتكوين قوى ضغط دولية لإصدار قرار من الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لتجريم ازدراء الأديان السماوية والأنبياء والمرسلين ولإصدار تشريع دولى لمنع وتجريم ازدراء الأديان، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والرفض التى تصدرها الأمم المتحدة؛ حيث إن النصوص الحالية فى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان غير كافية لاحترام الديانات وحرية الاعتقاد.
وعلى الشعوب والحكومات زيادة وسائل التعريف بالإسلام ورسوله ومبادئه وقيمه وتوصيلها لأكبر عدد ممكن حول العالم لبيان عظمة الدين الإسلامى ورسوله ورسالته، وضرورة إنتاج مواد إعلامية ودعائية عالمية بأحدث الوسائل لبيان ذلك بصورة متطورة وحديثة، ولا ننسى أبدًا التأثير الطيب لفيلمين مثل "الرسالة" و"عمر المختار" وغيرهما فى تحسين الصورة الذهنية عنا فى الغرب.
إن هذه الحملة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة وما يتعرض له المصطفى تعرض له الرسل والأنبياء من قبل فرفع الله بها ذكرهم وأحط شأن وقدر من قام بهذه الأعمال المشينة (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ)، ولقد ذكر القرآن فى أكثر من موقع حفظه ورعايته للهادى الأمين "إِنَّا كَفَيْنَاكَالْمُسْتَهْزِئِينَ"، وفى قوله: "وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"، وفى قوله: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"، فالخوف ليس على الإسلام ولا على نبيه الكريم صلى الله عليه واله وسلم، ولكن الخوف الحقيقى علينا نحن أن نكون قد قصرنا فى دورنا فى نشر الإسلام وبيان محاسنه للناس أو لم نحسن الدفاع عنه وعن رسوله بما سخره الله لنا من أدوات ووسائل عصرية نعذر بها إلى الله أننا قد أفرغنا وسعنا وبذلنا طاقتنا فى الذود عن دينه ورسوله.
استهداف نبي الرحمة من "الراهب بحيرى" حتى "براءة المسلمين"
الاساءة الجديدة للإسلام... استفزاز سياسي؟
وجدانية الحقوق ترفض الاعتداء على المقدسات