استهداف نبي الرحمة من "الراهب بحيرى" حتى "براءة المسلمين"
لعله انصاع للقرار الاخواني بعد ما عاش عقوداً منصاعاً لقرار مبارك المخلوع كما ينصاع قرار وعاظ السلاطين في بلاد الحجاز لقرارات مۆسساتهم الرسمية التي لا صلة للاسلام بها لا من قريب ولا من بعيد.
الاساءة لنبي الرحمة وخاتم المرسلين محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ليست وليدة الساعة أو الصدفة بل لها تاريخ طويل وباع دفين في الحقد والكراهية اليهودية الصهيونية ضد أفضل خلق الله وأكملهم وأنبلهم .
فكلما أحس أحبار اليهودية ورهبانيتهم الصهاينة بالعزلة والوحدة وضيق الخناق عليهم وفشل مۆامراتهم ضد البشرية خاصة المسلمين أفتعلوا مثل هذه الفعلة الشنيعة التي ترفضها ليس جميع الاديان السماوية بل حتى القرارات الدولية تلك التي تتشدق بها البلدان والانظمة الداعمة والراعية لمثل هذه الدسائس الخبيثة والوقحة غرباً وعرباً.
وما أن سطعت شمس الاسلام البازغة على يد منقذ البشرية (ص) تنتشر في ربوع الحجاز ليسطأ نورها في ربوع المعمورة حتى أحس كبار يهود المدينة بالخطر القاتل عليهم وأن زمن سطوتهم على العرب والعالم قد آل الى الزوال وجاء الاسلام الحنيف لينقذ البشرية من خداعهم وفرعنتهم وجبروتهم وطغيانهم حتى انطلقت أول اساءة حيث اتهم بعض أحبار وكبار اليهود الرسول محمد (ص) بأنه شخص اقتبس وبصورة محرفة من التوراة والأناجيل المحرفة للعربية تلك التي تعلمها من "الراهب بحيرى" لأطماع شخصية في بسط هيمنته على المدينة عبر مصادقة اليهود والمسيحية والتقرب منهم وتقليد طقوسهم ولكنه ارتد عليهم بعد ذلك، رغم انه كانت هناك علاقة جيدة بينه (ص) وبين قبائل بنو قريظة وبنو قينقاع وبنو النضير اليهودية جيدة في بداية استقراره في المدينة خاصة بعد أن عقد معهم اتفاق سمي ب"ميثاق المدينة" الذي نص على عدم التعرض للاخر والذي نقضوه هم ايضاً.
وتوالت جذور الاساءة للرسول (ص) والمسلمين على مدى العصور الاخرى حتى بلغت ذروتها أثناء فترة انتشار الاسلام في بلاد الشام وهدد اتساعه نطاق الامبراطورية المسيحية المتصهينة في بلاد الروم حتى ظهرت شخصية يوحنا الدمشقي (John of Damascus) الحاقدة والذي كان والده مسيحيا وكان يعمل في منصب رفيع في مالية الخلافة الأموية في عهد عبد الملك بن مروان ، حيث تربى وترعرع على يد قس متصهين مشهور من صقلية اسمه كوسماس (Cosmas) واخذته القوات الاسلامية اسيراً الى الشام حيث كان يكن الحقد والعداء البغيض للاسلام ورسوله (ص) ، ليعيد اساءة يهود المدينة الاولى مرة اخرى بعد مضي قرون ويكون أول من كتب كتاباً كاملا ضد شخصية الرسول (ص) والاسلام حيث ذكر في كتابه المسمى (De Haeresbius) ليتهم الرسول (ص) باقتباسه بعض من كتابات "ورقة بن نوفل" الذي كان وحسب زعم "الدمشقي" قساً "نسطورياً".
وفي القرون الوسطى وخلال فترة هيمنة المسلمين على اسبانيا بدأ بعض ابرز قادة الكنيسة الاسبانية ممن لهم ارتباطات وثيقة برهبان اليهودية بزرع بذور النفاق والاختلاف بين المسيحيين والمسلمين واشعال نار الفتنة ومن أشهرهم ايلوجيس (Eulogius) الذي ركز على رفض الاسلام فكرة "الثالوث" واعتبار الرسول محمد (ص) للسيد المسيح (ع) مجرد نبي أو رسول، وقام "ايلوجيس" بكتابة العديد من الرسائل مشدداً فيها أن الرسول محمد (ص) هو رسول كاذب حسب زعمه ، ووصف الرسول (ص) في كتاباته "بالذئب المختبئ بين الخرفان" – نعوذ بالله تعالى، وتزامنت هذه الكتابات مع محاولات من نفس النوع من قبل قس اسمه الفاروس (Alvarus) وكان لهذين الشخصين دور كبير في نشوء ما سمي بالاستشهاديين المسيحيين الذين قاموا ببعض العمليات الانتحارية ضد المسلمين.
واخذت وسائل الاعلام الاستكبارية منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا خاصة في أميركا واوربا تلعب دوراً خبيثاً في محاولة حرف الرأي العام العالمي ضد المسلمين ورسالتهم ونبيهم (ص) خاصة الغربي سعياً منها لتحقيق أهداف استكبارية خبيثة لمواجهة الصحوة الاسلامية التي أخذت تتعاظم في العالم وبعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة في ايران مما دفع باللوبي الصهيوني وحماته أن أحسوا بالخطر القادم ضد فرعنتهم وسطوتهم على العالم خاصة العالم الاسلامي الغني بالثروات والمصادر الطبيعية تلك التي يقوم اقتصاد القوى التسلطية والاستعمارية عليها عبر انصياع قادة هذه البلدان وأنظمتها الموروثية الرجعية للقرار الصهيوني المعادي للاسلام حفاظاً على مسند سلطتهم.
فكان كتاب "الايات الشيطانية" للروائي البريطاني من أصل هندي المرتد "سلمان رشدي" أول انطلاقة لعودة الاساءة ضد الرسول (ص) في العصر الحديث والذي صدر في لندن في 26 سبتمبر 1988، حيث جاءت فتوى الامام الخميني /قدس سره/ في 14 فبراير 1989 بهدر دم الكاتب والذي واجهت تغطية واسعة من قبل وسائل الأعلام الغربية تم فيها اتهام المسلمين بعدم السماح ل"حرية التعبير" في وقت ينص "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية " والذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المۆرخ في 16 كانون/ ديسمبر1966 وبدأ تنفيذه بتاريخ: 23 آذار/مارس 1976، وفي المادة 20 على " تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف".
وقد جاءت فتوى الامام الخميني /قدس سره/ الصارمة والتي لا تزال سارية المفعول ولاقت الدعم الاسلامي الشامل من شعوب وعلماء وأنظمة ، لتكون رادعاً صارماً وقوياً أمام نوايا الاستكبار العالمي واللوبي الصهيوني في التمادي ضد شخصية الرسول (ص) والدين الاسلامي الحنيف لفترة من الزمن حتى خطط الصهاينة مرة اخرى للعبة قذرة بغية خلاصهم من ورطة الانزواء العالمي الذي كانوا يعانون منه ازاء تماديهم في الاجرام ضد الفلسطينيين وشعوب الشرق الاوسط .
فجاءت احداث الحادي عشر من سبتمر / ايلول عام 2000 لتكون مبرراً لانطلاق مۆامرة جديدة تستهدف الرسول (ص) ودينه القيم مرة اخرى وليشهد العالم تصاعدا في الكتابات التي تطعن في شخصية النبي (ص) وصدرت العديد من الكتب والمقالات والرسومات التي اشتهرت وانتشرت في غالبية بلاد الغرب ، وكان من أشهر الكتب التي صدرت في تلك الفترة كتاب باسم "نبي الخراب" (Prophet Of) للمۆلف كريك ونن (Craig Winn) الذي وصف الرسول(ص) ب"قاطع طريق" (نعوذ بالله) استعمل حسب زعمه البطش والاغتيالات والخداع للوصول إلى السلطة المطلقة.
ومن ثم بدأ سيل الاساءة قوياً هذه المرة ودون انقطاع هنا وهناك ويزداد سوءاً يوماً بعد آخر بسبب انكماش وامتناع الأنظمة الاسلامية والعربية من ابداء ردود فعل قوية رادعة أو السماح لشعوبها بالتنديد بهذه الاساءات الوقحة والشرسة التي تستهدف شخصية نبي الرحمة وخاتم المرسلين (ص) ، حيث قامت الكاتبة "أيان حرسي علي" وفي 2 نوفمبر 2004 قامت مع منتج الأفلام الهولندي "ثيو فان غوخ" بكتابة وتصوير فيلم "الخضوع"، والذي يدور حول الظلم الذي تتعرض له النساء في الثقافات الاسلامية حسب زعمها بالقول أنه "حب النبي محمد (ص) لزوجة إبنه وكيف أنه غاب في غار وعاد ومعه الحل السحري لزواجه منها" مما دفع الأمر الى مقتل المخرج "ثيو فان غوخ" على يد "محمد بويري".
ثم تلتها صحيفة " يلانذز بوستن" الدانماركية وفي سبتمر /ايلول 2005باقامة مسابقة لرسم كاريكاتير للنبي محمد (ص) وقامت الصحفية باختيار 12 رسمة من الرسوم المرسلة وفيها استهزاء وسخرية للرسول (ص)، فيما قامت شركة كيرسنت مون ببليشنغ (CRESCENTMOON PUBLISHING)، بنشر كتيب كاريكاتيري اسمه "محمد صدق وإلا"، لحساب رسام استعمل اسماً مستعاراً "عبد الله عزيز" وهو عبارة عن كتيب من 26 صفحة من الغلاف إلى الغلاف (13 ورقة) ويطرح الكتيب الحديث والسنة النبوية بصورة مهينة عدا عن الرسومات التي تظهر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بصورة "غبية" (نستجير بالله تعالى) بهدف إقناع السود الأميركيين بعدم التحول إلى منظمة "أمة الاسلام".
وفي 13/02/2008 أعادت سبع عشرة صحيفة دانماركية نشر رسم كاريكاتوري يسخر من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو واحد من مجموعة رسوم مشابهة كانت قد نُشرت قبل عامين وأثارت موجة واسعة من الاحتجاجات في العالم الاسلامي.
وخلال الفترة تلك كان اللوبي الصهيوني منكفئ على جعل الكتب الدراسية وفي مختلف مراحلها الابتدائية والمتوسطة والثانوية وحتى الجامعية في المجتمعات الاوروبية قائمة على الحقد والكراهية والعداء الشديد للاسلام والمسلمين والرسول (ص) وذلك حسب الدراسة المنهجية التي اعدها المستشرق الالمانى البروفيسور "عبد الجواد فلاتوري" المحاضر بمعهد الدراسات الاسلامية بالمانيا ومعه زميلته البروفيسورة "توروشكا" بدراسة والتي شارك فيها فريق من الباحثين الالمان على الكتب الدينية المدرسية التى تدرس لطلاب المانيا وفرنسا وانجلترا وهولندا واسبانيا وعدد آخر من الدول الاوروبية حيث استغرق اعداد الدراسة نحو 14 سنة ونشرت بالالمانية والانجليزية والعربية وذلك بواسطة "الاكاديمية الاسلامية للعلوم بكولونيا".
كما أكد العلماء والباحثون المشاركون فى مۆتمر "الحوار الاسلامى – المسيحى" بسويسرا عام 1995 وبمناسة مرور (900) سنة على بدء الحروب الصليبية، ان المناهج التعليمية الاوربية تشوه صورة الاسلام والمسلمين بشكل كبير وتحمل الطفل والشاب الغربي علىالعداء والكراهية للاسلام والمسلمين وديانتهم وان الاطفال الاوربيون ينشأون على كتب تزخر بالطعن على المسلمين وتزري بهم وبعقيدتهم وتنزل بهم من مصاف البشر لدرك الوحوش ، رغم وجود بنود في قوانين البلدان الاوروبية الجنائية تجرم المسيئين الى الرموز الدينية وتعتبر الأساءة للدين عملا مخالفا للقانون وعلى سبيل المثال في البندين 188 و189 من القانون الجنائي في النمسا والبند 10 من القانون الجنائي في فنلندا والبند 166 من القانون الجنائي في المانيا والبند 147 في القانون الجنائي في هولندا والبند 525 في القانون الجنائي في اسبانيا وبنود مشابهة في قوانين إيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة.
واليوم جاء الدور للأسوأ والأخطر في كل ما أشرنا اليه من إساءات للرسول (ص) والدين الاسلامي والمسلمين ، ليمثل فيلم"براءة المسلمين" المسيء والمشين الذي أنتجته مجموعة دينية أميركية تطلق على نفسها اسم "اعلام من اجل المسيح" (ميديا فور كرايست) وقام باخراجه آلن روبرتس (65 عاما) متخصص الافلام الإباحية دور الرمح الذي رفعه "الوحشي بن حرب" وقتل به سيد شهداء
الاسلام سيدنا حمزة (رض) خلال حرب "احد"، باستهدافه شخصية الرسول (ص) تلك الشخصية الانسانية الفريدة التي قال عنها الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد "وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ – القلم 4" و استهداف اساس رسالة الدين الاسلامي الحنيف دين الرحمة والرأفة والاخلاق والمكارم حيث قال عنها (ص) : "بعثت لاتمم مكارم الاخلاق" وسط صمت غربي وعربي رسمي مطبق وبكل وقاحة ودون استحياء.
هذا الفيلم الوقح الذي استفز عواطف ومشاعر مليار والنصف مليار مسلم في العالم يعتبر حتى أخطر من إحراق المسجد الاقصى في الماضي كما قالها سيد المقاومة وصادق وعدها السيد حسن نصر الله لانه وقتها تحركت الدول الاسلامية ومنظمة المۆتمر الاسلامي فيما تلتزم هذه المرة الصمت المطبق على الاساءة لنبيها (ص) بحجم هذه الاساءة تعطي اشارة للصهاينة بأنكم يمكنكم ان تهدموا المسجد الاقصى، مشددا على ان الدفاع عن الرسول هو دفاع عن كل المقدسات وهو دفاع عن كل الديانات السماوية وكل الانبياء(ع).
ان من أهم الأهداف الخطيرة لهذا الفيلم المشين وكل ما يتم على شاكلته بين الحين والآخر هو ايقاع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين خاصة وانه يتم الدفع برجال دين او جمعيات مسيحية كي تسيء كل مرة للمقدسات الاسلامية، حيث ان من يقف من وراء هذه الاساءات يخطط للفتنة لآن المسلمين عندما يشاهدون ما يتعرض له رسولهم (ص) او مقدساتهم فهم سيقومون للانتقام لمقدساتهم ولرسولهم وبالطبع سيردون ضد المسيحيين باعتبار ان من يقف في العلن هو مسيحي، فيما ان من يخطط بهذه الطريقة هدفه اراحة الحركة الصهيوينة والعدو الصهيوني.
فهم يرفعون شعار"حرية الرأي والتعبير" ويتشدقون به ويريدونه لهم أينما تحوط مصالحهم وسياساتهم العدوانية والاستكبارية ، في وقت يجرمون فيه التطرق حتى بشيء بسيط لخرافة "الهولوكوست" التي افتعلها اللوبي الصهيوني تمهيداً لاحتلال فلسطين والسيطرة على البلاد الاسلامية لان ما وصل إليه الاستشراق في خلق أو إيجاد البنى الاجتماعية والسياسية والثقافية البديلة في البلاد الاسلامية لم يكن كافياً لاتمام الغزو الصليبي الجديد، لأن الاسلام يمثل على الدوام إزعاجاً متصلاً للغرب وللقيم الغربيةالمنحطة والرذيلة…. كما قال الدكتور إدوارد سعيد.
أما عن صمت المۆسسات الدينية الرسمية الاسلاميّة فقد أشار رئيس لجنة الفتوى بالأزهر قائلاً: " لقد كان واجباً أن يسارع الأزهر الى تشكيل لجنة لدراسة الموضوں لاعلان الرأي الاسلامي فيه وصاحبه، ولكن الأزهر غارق، ليس في العسل، ولكن في شيء أسود…. " لعله انصاع للقرار الاخواني بعد ما عاش عقوداً منصاعاً لقرار مبارك المخلوع كما ينصاع قرار وعاظ السلاطين في بلاد الحجاز لقرارات مۆسساتهم الرسمية التي لا صلة للاسلام بها لا من قريب ولا من بعيد.
كما انه لايكفي ان نعبر عن غضبنا بالتظاهر أمام السفارات الاميركية هنا وهناك بل يجب على الشعوب الاسلامية ان تضغط على دولها لتضغط بدورها على الادارة الاميركية بضرورة ان يحترم نبينا (ص) وديننا، لأننا امة تملك الكثير من الامكانات ويجب ان نُفهم العالم ان هذه الأمة لن تسكت عن الاساءة لنبيها(ص) مهما كلفها ذلك ثمناً.
المصدر:شبکة تابناک الأخبارية - جميل ظاهري
عذراً يا رسول الله ..... العيب فينا
سنن النبي ( صلى الله عليه وآله )
قبسات من أخلاق رسول الله (ص)
حفظ النبي ( ص ) من قبل الله تعالى