• عدد المراجعات :
  • 14800
  • 7/27/2012
  • تاريخ :

هل كان للسيدة خديجة زوج قبل زواجها مع رسول الله (ص)؟

السيدة خديجة

بالنسبة إلى زواج السيدة خديجة قبل زواجها مع نبي الإسلام (ص) هناك نظريتان في المصادر الإسلامية:

1. يعتقد بعض المۆرخين أن أول امرأة تزوجها النبي (ص) هي خديجة بنت خويلد. و كان عمر النبي حينئذ 25 سنة و كان عمر السيدة خديجة 40 سنة. إذن كان الفرق بينهما 15 سنة. و كان أزواج خديجة السابقون اثنين باسم عتيق بن عائذ المخزومي و أبو هالة الأسدي الذي تزوجها بعده. و ولد لها من زوجها الأول بنت و من زوجها الثاني ولد باسم هند، و قد تكفل النبي (ص) بعد زواجه مع خديجة بولاية هند.

2. بينما يعتقد آخرون من المۆرخين أنه لم يكن لخديجة زوج قبل النبي (ص). و يقولون إن ما يۆيد هذا الرأي هو أنه قد صرّح في بعض الكتب أن رقية و زينب كانتا بنتا هالة اخت خديجة.[1]

ومنذ مطلع حياة السيدة خديجة کانت قريش تتوسم فيها النبل والطهر وسمو الأخلاق حتي لقبت بالطاهرة ، کما لقبت بسيدة قريش بالنظر لعلو شأنها ، وشرف منبتها وکرم أصلها ، وحميد أفعالها .

الأمر الذي يفسر السر المکنون بامتناع خديجة من الاقتران بأي أحدمن قريش حتي توفرت ظروف اقترانها برسول اللّه(صلي الله عليه وآله) ، رغم ما بذل عليه قومها من محاولات لزواجها ، إلاّ انها کانت ترفضهم جميعاً منتظرة أمراً ما سيحدث في حياتها ، فيکمل شوط مسيرتها نحو الکمال الذي اختاره اللّه عزوجل والذي عبَّر عنه النبي الصادق الأمين(صلي الله عليه وآله) بقوله : «حسبک من نساء العالمين أربع : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة بن خويلد وفاطمة بنت محمد» .

ومما تجدر الاشارة إليه ، ان هذه المرأة الجليلة قد ولدت قبل عام الفيل ببضع سنوات وتزوجها رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) وعمرها ثمان وعشرون سنة کما روي ابن عباس(رحمه الله) ، وان کان زواجها في غير هذا السن هو الذي اشتهر خطأ .

زواج رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) بالسيدة خديجة بنت خويلد(عليها السلام) قد تعرض إلي التشويه إلي حد کبير ، إمّا لعوامل سياسية تاريخية أو لعوامل الغيرة والحسد التي اتصفت بها بعض أزواج النبي(صلي الله عليه وآله) بصورة غير اعتيادية .

وأهم المواضيع التي نالها التزييف والتشويه هو : الادعاء بأن رسول الله(صلي الله عليه وآله) کان هو الزوج الثالث لخديجة ، بعد أن کانت قد تزوجت بأثنين من سائر الناس ، واحد بعد الآخر تسمي الروايات الموضوعة أحدهما بعتيق ابن عابد المخزومي ويدعي الآخر بأبي هالة هند بن زرارة بن نباش التميمي ، ثم عاشت بعد وفاة الثاني أيِّماً ، حتي خطبها رسوله الله(صلي الله عليه وآله) .

هکذا تصور الاخبار المنسوبة قصة ـ الحياة الاجتماعية ـ الزوجية لخديجة .

ونفس المصادر التي تروي قصة زواجها الأول والثاني تذکر بإصرار، أن خديجة عقيلة قريش کانت قد خطب ودها سادة القبائل وعظماء قريش ، ولکنها تعرض عنهم في کل مرة بإباء سمح ، وترغب عنهم مترفعة مع تواضع لا يحط من قدر الخاطبين .

ولقد ذکر المۆرخون ان من جملة من خطبها کان أبا جهل وأباسفيان وعقبة بن أبي معيط والصلت بن أبي يهاب وغيرهم من سادة القوم وعليتهم .

کما تقع المصادر نفسها في تشوش وتناقض شديدين بالنسبة للزوجين المزعومين . فبعض المصادر تسمي أحدهما أبا شهاب عمرو الکندي ، وتسميه اُخري مالک بن النباش بن زرارة التميمي ، واُخري تسميه هند بن النباش ، واُخري تسميه النباش بن زرارة .

وأما من دعي بعتيق بن عائذ المخزومي ، وهو الزوج الثاني المفترض! ، فقد سمته بعض المصادر عتيق بن عابد التميمي إلي غيرذلک .

وهکذا تشرّق الادعاءات وتغرّب دون ضابطة صحيحة ولا اشارة منعلم !

ومن حقنا أن نتساءل : کيف يمکن للمصادر التاريخية أن توفق بين اصرار السيدة خديجة(عليها السلام) علي رفض جميع من خطبها بما فيهم وجوه الناس وأشرافهم ، وبين زواجها من شخصين من دهماء الناس علي التوالي لم تضبط الأخبار حتي اسماءهم ؟ !

ان هذا لشيء عجاب !

انک لا تکاد تقرأ مصدراً حديثاً ولا قديماً إلاّ وتجد الرفض القاطع الذي تبديه السيدة خديجة بنت خويلد لکل خاطب لها مهما اعطي من مال أو جاه ومکانة ، فکيف ترضي الاقتران بذين علي ماهما عليه من مغمورية ، وقلة جاه ومکانة ؟

ولکي نتخطي سطح المشکلة ، ونواجه الواقع ، لابد من الاشارة إلي أن السيدة خديجة(عليها السلام) کانت لها أخت تسمي هالة تزوجت رجلاً من بني تميم أولدها ذکراً أسماه هندا .

وکان للتميمي زوجة أخري أولدها بنتين احداهما زينب والاُخري رقية ، ثم هلک الرجل ، فالتحق هند بعشيرته وأهله في البادية ، والتحقت هالة وزوجة التميمي الاُخري والبنتان بالسيدة خديجة التي امتازت بمال وفير وطيب نفس ، فشملتهم جميعاً برعايتها .

وفي هذه الأيام تزوج رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) من خديجة فصارت زينب ورقية تحت رعاية رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) والسيدة خديجة(عليها السلام) حتي نسبتا إليهما ، وهو أمر مألوف عند عرب ذلک الزمان وفق قاعدة التبني التي أبطلها القرآن الکريم بعد ذلک سنين في آية 4 من سورة الاحزاب.

وهکذا تکون قضية هالة بنت خويلد وقصة زواجها قد انسحبت علي سيرة السيدة خديجة وحياتها بسبب ذلک التبني ، حتي بلغت الحال أن تشعبت بقصد وبغيرة لتکون زينب ورقية ابنتين لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله) کما يکون الرجل المخزومي الذي کان أول زوج لهالة بنت خويلد ثم زوجها الثاني التميمي قد نسبا إلي السيدة خديجة کزوجين لها قبل زواج رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) منها .

وهکذا ، تقحم حياة هالة الزوجية ونتائجها علي خديجة(عليها السلام)وحياتها الشخصية .

ومما يعزز صحة هذه الواقعة التاريخية الهامة التي سردناها ما ذکره ابن شهراشوب المازندراني ، حيث قال : روي أحمد البلاذري وأبو القاسم الکوفي في کتابيهما والمرتضي في الشافي ، وأبو جعفر في هذا ، ومن الجدير ذکره ، ان المصادر التي اعتبرت زينباً ورقية بنتين للنبي(صلي الله عليه وآله) من السيدة خديجة ، قالت بولادتهما بعد البعثة ثم تقول ذات المصادر ، ان رقية التي کانت أصغر بنات النبي(صلي الله عليه وآله) قد تزوجت عثمان ابن عفان قبل الهجرة إلي الحبشة علماً بأن الهجرة المذکورة قد وقعت بعد البعثة بخمس سنين .(2)

فهل تنسجم العقول مع هذه التقولات الساذجة التي تناقضت مع نفسها ومع الوقائع التاريخية ؟

المصادر:

1- المجلسي، بحار الأنوار، ج 22، ص 191، مۆسسة الوفاء، بيروت، لبنان، 1404 ق؛ الطبرسي، فضل بن حسن، إعلام الوري، ص 139، دار الكتب الإسلامية، طهران، بي تا؛ الإربلي، علي بن عيسي، ج 1، ص 510، مكتبة بني هاشمي، تبريز، 1381 ق؛ أبو علي البلعمي، تاريخنامه طبرى‏، ج 2، ص 757، طهران‏، 1373 ش.

2- مجلة رسالة الثقلين، العدد 33


شجرة الفخر والنجد 

بعض خصائص خديجة (س) علي لسان الرسول (ص)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)