بعض خصائص خديجة (س) علي لسان الرسول (ص)
ولقد عاشت السيدة خديجة(عليها السلام) تحت کنف النبي(صلي الله عليه وآله) خمسة وعشرين عاماً، لم يجد منها غير الاکرام والمحبة والصفاء والطاعة وعرفان الجميل ، فبادلها وداً بود ووفاء بوفاء ، فلم يتزوج عليها حتي توفيت .
ولقد دعا رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) عام وفاتها عام حزن للأمة الخاتمة کلها .
ورغم أنه تزوج بضعة من النساء بعد وفاتها ومن مختلف الطبقات والأعمار والقبائل ، وفيهن الجميلة والرشيدة الودود إلاّ أن رسول اللّه(صلي الله عليه وآله) بقي قلبه متعلقاً بها ، وفياً لها ، يحفظ لها عواطفها ومشاعرها ، ويثمّن ودها ودورها العظيم في نصرته طوال أيام محنته مع اعداء الدعوة .
لقد کان يذکرها جهاراً ، حتي انه لا يمل من کثرة ذکرها والثناء عليها ، ويترحم عليها ، ويبکي لفراقها ، حتي غارت منها بعض نسائه وامتلأت منها حسداً وهي في قبرها .
تقول عائشة بنت أبي بکر : «ما رأيت خديجة قط ، ولا غرت علي امرأة من نسائه أشد من غيرتي علي خديجة وذلک من کثرة ما کان يذکرها» .
وعن علي(عليه السلام) قال : «ذکر النبي(صلي الله عليه وآله) خديجة يوماً وهو عند نسائه فبکي فقالت عائشة : ما يبکيک علي عجوز حمراء من عجائز بني أسد ؟ فقال(صلي الله عليه وآله) : صدقتني إذ کذبتم، وآمنت بي إذ کفرتم ، وولدت لي إذ عقمتم ...» ، «وروي أن عجوزاً دخلت علي النبي(صلي الله عليه وآله) فلاطفها فلما خرجت سألته عنها عائشة ، فقال : إنها کانت تأتينا زمن خديجة وان حسن العهد من الايمان» .
عن عائشة : «قالت : لم يتزوج النبي علي خديجة حتي ماتت ، قالت ما رأيت خديجة قط ولا غرت علي امرأة من نسائه أشد من غيرتي علي خديجة ، وذلک من کثرة ما کان يذکرها» .
عن أبي نجيح عبداللّه بن أبي نجيح قال : اهدي لرسول اللّه(صلي الله عليه وآله)جزور ولحم ، فأخذ عظماً منها فناوله الرسول بيده فقال له : اذهب بهذا إلي فلانة فقالت عائشة : لم غمرت يديک ؟ فقال(عليه السلام) : إن خديجة أوصتني بها فغارت عائشة من کلامه وقالت : کأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ خديجة ، فقام رسول اللّه مغضباً ، فلبث ما شاء اللّه ثم رجع فإذا أم رومان فقالت : يا رسول اللّه ! مالک ولعائشة انها لحدثة فقال(صلي الله عليه وآله) : أليست القائلة کأنما ليس في الأرض امرأة إلاّ خديجة ، واللّه لقد آمنت بي إذ کفر قومک ورزقت مني الولد وحرمتيه» .
وهکذا تتجلي مکانة أم المۆمنين الکبري خديجة بنت خويلد(عليها السلام)کما نطق بها لسان الحق المقدس .
وروي أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) دخل يوماً منزل عائشة ، فإذا هي مقبلة على فاطمة ( عليها السلام ) تصايحها وتقول : يا بنت خديجة! ما ترين إلاَّ أن لأمِّك فضلا علينا ، وأيُّ فضل كان لها علينا ؟ ما هي إلاَّ كبعضنا.
فسمع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مقالتها لفاطمة ، فلمَّا رأت فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكت ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما يبكيك يا بنتاه ؟ قالت : إن الحميراء ذكرت أمي فتنقَّصتها فبكيت ، فغضب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقال : يا حميراء! إن الله تبارك وتعالى بارك في الودود الولود ، وإن خديجة ولدت منّي طاهراً وقاسماً وفاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب ، وأنت ممن أعقم الله رحمها فلم تلدي شيئاً (1).
وروي أنه دخلت أخت خديجة على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولمَّا استأذنت وسمع النبيُّ باسم خديجة سُرَّ سروراً عظيماً ، فقالت عائشة : مالك تُكثر ذكر خديجة وتسرُّ باسمها ، وهي عجوز حمراء الشدقين قد هلكت ، وإن الله قد أعطاك ورزقك أحسن منها ؟ وكأنّها أرادت بذلك نفسها ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : لا والله ، ما رُزقت أحسن منها ، ولقد آمنت حين كذَّبوني ، وأنفقت مالها حين بخلوا عني.
وكان ( صلى الله عليه وآله ) في زمان حياتها إذا غلب عليه الحزن نظر إلى وجه خديجة ، ويُسرُّ بذلك كما أنه يُسرُّ إذا سع اسمها ، وكان أيضاً إذا اشتدَّ حزنه نظر إلى فاطمة ( عليها السلام ) ويُسرُّ سروراً عظيماً ، ولمَّا توفِّيت خديجة اغتمَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وجلس في البيت ، ثمَّ هاجر إلى الطائف.
المصدر:
1 ـ الخصال ، الصدوق : 405 ح 116.
وفاة السيدة خديجة سلام الله عليها
شجرة الفخر والنجد